دراما الشخصيات الوطنية في مهب الرياح
عائلات كويتية ترفض الفكرة وعوائق في التمويل
رغم غنى الكويت بشخصيات فنية وثقافية وسياسية ورياضية صنعت مجدها ورفعت اسمها عالياً في سماء الإبداع وكتبت تاريخها بأحرف من ذهب، إلا أن الدراما المحلية لم تقترب منها مع أن دراما السير الذاتية مزدهرة في مصر ودول عربية أخرى وتحقق نجاحاً باهراً.
ما العوائق التي تقف في وجه انطلاق دراما السير الذاتية في الكويت؟ سؤال طرحته «الجريدة» على مجموعة من النجوم وحصدت الأجوبة التالية.
رغم غنى الكويت بشخصيات فنية وثقافية وسياسية ورياضية صنعت مجدها ورفعت اسمها عالياً في سماء الإبداع وكتبت تاريخها بأحرف من ذهب، إلا أن الدراما المحلية لم تقترب منها مع أن دراما السير الذاتية مزدهرة في مصر ودول عربية أخرى وتحقق نجاحاً باهراً.
ما العوائق التي تقف في وجه انطلاق دراما السير الذاتية في الكويت؟ سؤال طرحته «الجريدة» على مجموعة من النجوم وحصدت الأجوبة التالية.
حقائق وأحداث
تعزو الإعلامية القديرة أمل عبد الله المشكلة في الأساس إلى الكتابة، إذ لا يتوافر كاتب يسرد الحقائق والأحداث بصورة صحيحة، «ولو وجد، فستواجهه إشكالية رفض عائلات شخصيات مؤثرة في الكويت تجسيدها على الشاشة ومن بينها على سبيل المثال فهد العسكر».تشير عبد الله إلى أنه في دول العالم ثمة ترحيب بفكرة تجسيد شخصيات رائدة باستثناء المجتمع الخليجي أو الكويتي الذي يعتبرها أموراً حساسة ربما تمس أسراً وتضرّ بها، كما حدث مع مسلسل حول الفنان عبد الله الفضالة الذي توقف العمل فيه قبل إنتاجه بسبب رفض أسرته، «وهي أمور تقديرية لا نستطيع لوم العائلات عليها لأننا في مجتمع حساس».تضيف: «تقع المسؤولية على وزارة الإعلام أيضاً، إذ يجب أن تنتج أعمالاً ضخمة من دون استئذان أحد، لكنها لا تستطيع فعل ذلك بسبب رفض المجتمع، ثم نحن بأمسّ الحاجة إلى كاتب جريء يسرد الوقائع كما هي. من جهتي لا أمانع من الكتابة عن أي شخصية رائدة في الكويت إذا طلب مني ذلك، فقد قدمت أعمالاً إذاعية عن فهد العسكر ونلت جائزة في «مهرجان القاهرة الإذاعي»، لكني لا أستطيع ضمان موافقة العائلات ودعم وزارة الإعلام». طفرة فنيةيوضح الفنان الكبير أحمد جوهر أن ثمة أموراً حساسة وراء اختفاء الدراما التي تجسد الرواد، بعضها شخصي يتعلق برفض أهل الشخصية تجسيدها على الشاشة، مشيراً إلى أنه قبل أعوام كان ثمة عمل درامي ضخم يتناول شخصية رائدة في دولة الكويت وهي الفنانة الراحلة عائشة المرطة ولكن أهلها رفضوه. يضيف أن مسلسلات كثيرة وقعت في أخطاء، على سبيل المثال الدراما المصرية التي جسدت شخصيات رائدة في مصر وانتهت برفع قضايا ضد صناعها بسبب هذه الأخطاء، لافتاً إلى أن في الخليج ودولة الكويت تبدو الأمور أصعب كما حدث في مسلسل «أسد الجزيرة « الذي أوقف فوراً لوقوعه في أخطاء.يرى جوهر أنه «من المهم أن تتناول أعمال درامية ضخمة الرواد في دولة الكويت الذين أحدثوا طفرة فنية في شتى المجالات سواء الرياضية أو الفنية أو السياسية. هنا تكمن مسؤولية وزارة الإعلام والجهات المنتجة، ولكن المشكلة الأكبر تكمن في عائلة الشخصية المراد تجسيدها لجهة رفضها إظهار سلبيات هذه الشخصية ما يهدد بإدخال الملل إلى العمل الدرامي».موازنة ضخمةيحمّل الفنان محمد العجيمي وزارة الإعلام مسؤولية اختفاء هذه النوعية من المسلسلات، ويقول: «يفترض أن تكون وزارة الإعلام الداعم الرئيس لمثل هذه الأعمال، لتوافر موازنة ضخمة لديها تساعد المنتجين على تقديم هذه النوعية الشيقة والمتميزة التي تؤرخ سير الرواد ومحطات مهمة في تاريخ الكويت كقصة الغزو العراقي الغاشم». يضيف أنه لم يشاهد لغاية الآن عملاً درامياً ضخماً يفسر الأحداث التي جرت خلال الغزو العراقي باستثناء قلة ربما آخرها «ساهر الليل – وطن النهار»، إلا أنه يلاحظ أن المسلسل لم يتضمن توثيقاً حقيقياً لمرحلة الغزو أي لم يعكس الأحداث كاملة كما جرت قبل أكثر من عشرين عاماً، «هنا تكمن مسؤولية وزارة الإعلام التي عليها توفير موازنة ومراجع تؤرخ الأحداث الصحيحة».سيرة رياضييؤكد الفنان اسماعيل الراشد أن المشكلة الأخطر تتعلق بالممول لهذه الأعمال الضخمة، يقول: «قبل خمس سنوات تقريباً اتصل بي خليفة خليفوه، واتفقنا على تقديم عمل ضخم يحمل اسم جاسم يعقوب، أحد الرواد في دولة الكويت وتحديداً في الوسط الرياضي، وكان يفترض أن يتناول فترة الستينيات وأهم الأحداث التي دارت فيها وتتعلق بشخصية اللاعب جاسم يعقوب، بالإضافة إلى الازدهار غير المسبوق في الرياضة وفي مجالات أخرى».يضيف: «للأسف لم يرَ المشروع النور لأسباب تتعلق بالمنتج أو الممول، لأنه يتطلب موازنة ضخمة ليخرج كعمل درامي متناسق ومتكامل إضافة إلى مشاكل أخرى تتعلق بالأماكن التاريخية والأزياء...تلفزيون الدولةيؤكد الكاتب بدر محارب أن تلفزيون دولة الكويت الوحيد القادر على إنتاج أعمال تتمحور حول الرواد لأنه يستطيع تأمين موازنة ضخمة، لكنه يشير إلى جملة عوائق تقف أمام تنفيذ هذه المسلسلات الدرامية أحدها صعوبة إيجاد عائلة توافق على تجسيد الشخصية بشكل متقن، «ربما تحمل هذه الشخصية بعضاً من المساوئ فلا بد من ذكرها خلال الأحداث، فترفض العائلة وقد يصل الأمر إلى رفع دعوى قضائية ضد صناع المسلسل»، بالإضافة إلى عدم توافر مواقع أثرية ومعلومات تاريخية صحيحة، من هنا ضرورة إجراء أبحاث في المصادر والكتب التاريخية.يضيف محارب: «بغض النظر عن هذه المشاكل من الضروري تجسيد شخصيات رائعة تستحق من الجميع التعاون والتكاتف لإنجاح هذه الأعمال من بينها: عبد الله الفرج وفهد العسكر وعبد العزيز الرشيد...حماسة المنتجينيشدد المنتج والفنان باسم عبد الأمير على أن المنتجين على استعداد تام لتبني هذه الأعمال الضخمة، إلا أن حماستهم وحدها لا تكفي، بل على الجهات المعنية التعاون معهم.يضيف: «وزارة الإعلام المسؤول الأول عن اختفاء هذه الأعمال لأنها الوحيدة التي تملك سجلات تاريخية تعرض المسيرة الفنية الكاملة للرواد من أمثال: فهد العسكر وعبد الله الفرج، ورواد قادوا دولة الكويت وحملوا رايتها عالياً في سماء الفن، والأمثلة كثيرة وعدد الرواد ليس بالقليل بل ولدت الكويت منذ يومها الأول في الفن».