المعارضة السياسية وكتلة «الأغلبية»
كتلة «الأغلبية» ليست تنظيماً حزبياً، ولا يوجد توافق فكري أو سياسي بين أعضائها، لكنها تحولت بعد إبطال المجلس إلى كتلة معارضة لها رمزية سياسية مستمدة من أن أعضاءها يمثلون إرادة الأمة في آخر انتخابات جرت على القانون الانتخابي رقم 42/ 2006 المتوافق عليه من قبل السلطتين نتيجة للضغط الشعبي.
المعارضة لدينا هي حالة شعبية عامة نتج عنها اصطفاف سياسي واسع رافض للوضع السياسي الحالي، الذي ازداد سوءاً بعد عملية الانفراد بالقرار، وتغيير قواعد وأسس المعادلة السياسية التي يقوم عليها النظام الديمقراطي؛ لذا فإن المعارضة لا تقتصر على كتلة "الأغلبية" التي، كما ذكرنا غير مرة، ليست سوى كتلة برلمانية تتكون من مجموعة أعضاء في مجلس الأمة آنذاك حول بعض القضايا والأولويات. كتلة "الأغلبية" ليست تنظيماً حزبياً، ولا يوجد توافق فكري أو سياسي بين أعضائها، لكنها تحولت بعد إبطال المجلس إلى كتلة معارضة لها رمزية سياسية مستمدة من أن أعضاءها يمثلون إرادة الأمة في آخر انتخابات جرت على القانون الانتخابي رقم 42/ 2006 المتوافق عليه من قبل السلطتين نتيجة للضغط الشعبي.
من هذا المنطلق فإن اختزال المعارضة السياسية والشعبية الواسعة بكتلة "الأغلبية" والخلط بين مواقف الكتلة، خصوصاً مواقف بعض أعضائها المثيرة للجدل، ومواقف المعارضة الشعبية كان له تأثير سلبي في الحراك الشعبي المطالب بوقف التعدي على إرادة الأمة وإجراء إصلاحات سياسية وديمقراطية. لقد ساعد على عملية عدم التمييز بين المعارضة بمعناها الواسع وكتلة "الأغلبية" المعارضة أمران هما: أولا، الزخم الإعلامي المرافق لتحركات "الكتلة"، واستغلال إعلام قوى الفساد والقوى المعادية للتطور الديمقراطي بعض مواقف الكتلة للتأثير سلبا في الحراك الشعبي. أما الأمر الثاني فهو الفراغ الموجود في الساحة السياسية بعد صدور مرسوم الصوت الواحد، والذي ملأته الكتلة رغم عدم جاهزيتها السياسية والتنظيمية لذلك باعتبارها كتلة يغلب عليها الطابع الانتخابي وليس السياسي، وهو الأمر الذي ترتب عليه بعض الأخطاء السياسية والميدانية التي كان لها تأثيرات سلبية في مجمل الحراك الشعبي والسياسي لم تتمكن الأشكال التنظيمية الأخرى التي تشكلت فيما بعد مثل "ائتلاف المعارضة" و"تنسيقية الحراك الشعبي" وغيرهما من تلافيها.لهذا فإن نجاح المعارضة في الفترة القادمة يعتمد على مدى قدرتها على مواجهة تحدي التحول من معارضة انتخابية أو احتجاجية إلى معارضة سياسية ومطلبية، وهو الأمر الذي من المفترض أن يترتب عليه أولاً دمج المكونات السياسية والشعبية المختلفة للمعارضة، ومن ضمنها كتلة "الأغلبية" حتى لو أدى ذلك إلى تقلص عددها في شكل سياسي وتنظيمي واحد "ائتلاف المعارضة"، بحيث تتم إعادة تنظيمه وتفعيله ليكون هو الجهة المتحدثة باسم المعارضة ككل؛ لأن التباينات السياسية بين المكونات المختلفة للحراك الشعبي، خصوصا التصريحات المثيرة للنعرات الفئوية والطائفية، والتي لا يزال بعض أعضاء "الأغلبية" يرددونها تنعكس سلبا على المعارضة ككل. أما ثانيا فيجب على المعارضة، كما قلنا سابقاً، طرح مشروع سياسي بديل ببرنامج واضح يعكس المطالب الشعبية والشبابية الوطنية الجامعة مع تحديد آليات تحقيقه بالطرق الديمقراطية والسلمية.