الحزام الناسف!

نشر في 27-09-2013
آخر تحديث 27-09-2013 | 00:01
 صالح القلاب  حسب "نيويوركر" الأميركية فإن هناك ما يثبت أن النظام السوري وإيران هما اللذان يتحملان مسؤولية جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في الرابع عشر من فبراير عام 2005 بتكليف حزب الله، بقيادة الشيخ حسن نصرالله، بهذه المهمة، وقد أوردت هذه الصحيفة الكثير من التفصيلات حول هذه الجريمة بما في ذلك تسجيلات لاتصالات هاتفية ومعلومات موثَّقة حول القتلة الذين نفذوا هذه الجريمة.

وهذا يعني أنَّ ملفاً كبيراً ستفتح محكمة الجنايات الدولية دفتيه لمجرد التخلص من نحو ألف طن من أسلحة الدمار الشامل "الكيماوية" التي يملكها النظام السوري، والتي استخدم جزءاً منها في جريمة الحادي والعشرين من أغسطس الماضي، والتي يقوم الروس الآن بمناورات وألاعيب مجهدة لاحتفاظ بشار الأسد بها إلى أطول فترة ممكنة، والدليل أن آخر اقتراح لهم في هذا المجال يشير إلى أن روسيا مستعدة لـ"المساعدة" في حراسة مواقع هذه الأسلحة داخل الأراضي السورية.

والانطباع السائد الآن حتى في الأطر الدولية هو أنَّ هذه الأسلحة غدت بالنسبة إلى الرئيس السوري بمنزلة حزام ناسف بالنسبة إلى خاطف طائرة أو حافلة ركاب، بحيث إن هو تخلَّى عنه فإن اصطياده والقبض عليه سيصبح سهلاً؛ ولذلك فإنه، أي بشار الأسد، سيتَّبعُ شتى الوسائل والأساليب للاحتفاظ بـ"حزامه الناسف" هذا، وهو سيبقى يتلاعب ويناور مستعيناً بكفاءة الروس في هذا المجال ليضمن تجنيبه الملاحقة الدولية التي لا بد منها مقابل تخليه عن هذه الأسلحة.

هناك بيت شعر للشاعر الجاهلي الحارث بن حلِّزة يقول:

لَـيْسَ  يُـنْجِي مُـوائِلاً مِنْ حِذارٍ 

رَأْسُ طَــوْدٍ وحَــرَّةٌ رَجْـلاءُ

 

فالرئيس السوري ومهما حاول التملص من هذا الاستحقاق، ومهما ناور وداور، فإنه سيجد نفسه ذات يوم، سواء أطالت المدة أم قصرت، في قفص الاتهام في ضيافة محكمة الجنايات الدولية، والتهمة هي قائمة طويلة من الجرائم التي ليس من بينها مذابح حماة الشهيرة في عام 1982، ولا مذابح سجون تدمر المعروفة، ولا اغتيال كمال جنبلاط ومحمد عمران والرئيس رينيه معوض، واغتيال مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد ونائبه الشيخ الدكتور صبحي الصالح ونقيب الصحافة رياض طه... وغيرهم كثيرون من الممكن أن تملأ أسماؤهم صحيفة بارتفاع المسلة الفرعونية المنتصبة الآن قبالة البيت الأبيض في العاصمة الأميركية واشنطن.

إن هذه الجرائم القديمة ستلاحق حتماً باقي ما تبقى من مساعدي والده، حافظ الأسد، إن من السياسيين وإن من قادة الأجهزة الأمنية، وبعض هؤلاء ما زالوا في "الخدمة" وما زالوا يواصلون القيام بهذه المهام القذرة، أمَّا الجرائم الجديدة، من مذبحة الكيماوي في الحادي والعشرين من أغسطس الماضي إلى إزهاق أرواح أكثر من مئة ألف من أبناء الشعب السوري إلى كل الموبقات والجرائم التي ارتكبت في السجون والزنازين التي لا يمكن حصرها، إلى كل هذا الدمار والخراب الذي حلَّ بكل المدن والقرى السورية، فإن لائحة الاتهام ستعلق في رقبة بشار الأسد وهو يقف في قفص الاتهام أمام المحكمة الدولية.

إنه من غير الممكن أن يفلت بشار الأسد من قبضة العدالة، وإنه سيحاسب حساباً عسيراً على اغتيال رفيق الحريري واغتيال تلك القائمة الطويلة من المسؤولين اللبنانيين جورج حاوي وجبران تويني وسمير قصير وبيار الجميل... وغيرهم كثيرون من بينهم غازي كنعان الذي لم تشفع له خدمته الطويلة سواء في لبنان أو في سورية نفسها في عهد هذا الرئيس السوري الذي اقتربت رئاسته من نهاية ستكون مأساوية في كل الأحوال: "في حكمة الله آية لكل ظالم نهاية"، أو في عهد والده حافظ الأسد الذي حرص ذووه ربما بوصية على دفنه في القرداحة، وليس في العاصمة السورية دمشق!!

back to top