تبذل أبواق منظومة الفساد والإفساد والقوى المعادية للتطور الديمقراطي كل ما في وسعها كي تضلل الرأي العام حول واقع الصراع السياسي الحالي المحتدم وطبيعته، يساعدها في ذلك شلة منافقين وانتهازيين يروّجون بأن الوضع السياسي مستقر، وأن السلطة تحقق انتصاراً سياسياً على قوى "المعارضة" سوف يجعلها قادرة في القريب العاجل على فرض سياسة الأمر الواقع التي بدأت بالانفراد بتعديل النظام الانتخابي بالرغم من أن ذلك ليس سوى وهمٍ كبير ليس له أساس على أرض الواقع.

Ad

 فالمعارضة السياسية والشعبية واسعة ومتنوعة، ومجتمعنا الصغير يعاني انقسامات سياسية واجتماعية وطائفية حادة للغاية باتت تهدد تماسكه، واحتقانا سياسيا غير مسبوق، واستمراره لن يكون في مصلحة استقرار وطننا.

أما بعض العنصريين والمنفصلين عن الواقع الذين توقفت بهم عقارب الساعة عند بداية سبعينيات القرن المنقضي، أو ربما قبل ذلك، فيروجون زوراً وبهتاناً أن الصراع الحالي هو صراع فئوي، وهو الأمر الذي يكشف ضحالة تفكيرهم وتخلفه، إذ يفسرون الصراع السياسي تفسيراً سطحياً للغاية ينضح عنصرية من جهة، ويتجاهل جوهر الصراع الرئيسي والمكونات الاجتماعية الرئيسة للمجتمع الكويتي وطبيعة التغيرات الاجتماعية العميقة والمستمرة التي تحصل في المجتمعات البشرية كافة من جهة أخرى.

وهناك طرف آخر يصدق "الأسطوانة المشروخة" أو الحجة المتهافتة التي كانت تستخدمها أنظمة عربية مخلوعة مثل نظام مبارك في مصر، كلما أرادت أن تشوه طبيعة الصراع المجتمعي كي تحمي نفسها، ومفادها أن تنظيم "الإخوان المسلمين" هو الذي يثير "الفوضى السياسية" من أجل "الانقضاض على السطة" وأنه لا مفر أمام الناس لحماية حقوقهم المدنية وتجنب "سيطرة الإخوان" سوى الدفاع عن أنظمة التسلط والاستبداد واحتكار السلطة والثروة من قبل القلة، وكأنها "حامية حمى الحريات"! كما يفعل الآن نظام الاستبداد في سورية.

 والجدير بالذكر هنا أن القضية ليست استبدال استبداد باستبداد آخر، فالشعوب العربية تطمح إلى إقامة أنظمة ديمقراطية حقيقية، حيث تداول السلطة وفصل السلطات وسيادة القانون وحماية الحريات العامة وحفظ حقوق الإنسان وكرامته، ومن المستحيل نجاح فصيل سياسي بمفرده سواء كان "الإخوان" أو غيرهم في تحقيق التوافق الوطني العام المطلوب لاستكمال بناء الدولة الدستورية الديمقراطية.

أما الصراع السياسي الحالي المحتدم فيدور في مجمله حول الإصلاح السياسي والديمقراطي المستند إلى الدستور، إذ إن هناك قوى اقتصادية وسياسية متنفذة ترفض الإصلاح، وتقف بقوة ضده لأنه عملياً سيقضي على مصالحها الضيقة واحتكارها للسلطة والثروة، بينما تطالب قوى "المعارضة" السياسية والشعبية بوقف التعدي على حقوق الأمة، والبدء بعملية إصلاح سياسي جذري وشامل ينهي حالة الدوران المنهك والأزمة السياسية المتكررة.

 وفي هذا السياق، لا صحة إطلاقاً لما تروجه أبواق منظومة الفساد والقوى المعادية للنظام الدستوري- الديمقراطي وشلة الانتهازيين بأن هدف الحراك الشعبي هو إسقاط النظام، فهناك إجماع من قبل القوى السياسية والشعبية كافة على التمسك بالنظام السياسي.