• مشاريع بـ 100 مليار دولار باتت هدفاً لفساد بعض النواب ووسائل الإعلام

Ad

• ينبغي رفع درجة الشفافية في المشاريع والدفاع عنها ضد أي هجوم

ثمة أطماع من جهات مختلفة للسيطرة على القرار في القطاع النفطي، وهنا يجب أن يحظى الجهاز الفني في القطاع، كمجلس إدارة مؤسسة البترول والشركات التابعة، بأكبر قدر ممكن من الدعم السياسي من وزير النفط ورئيس الوزراء.

نجح القطاع النفطي هذا الاسبوع في تجاوز الضغط السياسي الذي مارسه عدد من الساسة والنواب ووسائل الاعلام، بعد ان اعاد هيكلة العديد من قطاعاته وشركاته رغم محاولة اطراف كثيرة الضغط على وزير النفط ومجلس ادارة مؤسسة البترول، وهو ما يعتبر انتصارا مفقودا منذ مدة لقطاع فني على حساب الضغط السياسي.

وتأتي اهمية الحديث عن القطاع النفطي ليس فقط من زاوية اعادة هيكلة كبرى بالقطاع بعد دفع تعويض ناهز 2.2 مليار دولار جراء إلغاء الصفقة مع شركة داو كيميكال، التي اختلط فيها السياسي بالفني بدرجة كبيرة، بل لأن القطاع النفطي مقبل في الفترة القادمة على مشاريع ضخمة توازي قيمتها 100 مليار دولار كالوقود البيئي والمصفاة الرابعة وغيرهما من مناقصات تطوير وتحديث المنشآت، وبالتالي فإن نجاح الضغوط السياسية في جهاز فني يدير هذه القيمة العالية من المليارات سيدخلنا في «داوات» كثيرة في المستقبل.

أطماع للسيطرة

ثمة أطماع من جهات مختلفة للسيطرة على القرار في القطاع النفطي، وهنا يجب ان يحظى الجهاز الفني في القطاع، كمجلس ادارة مؤسسة البترول والشركات التابعة، بأكبر قدر ممكن الدعم السياسي من وزير النفط بصفته رئيسا لمجلس ادارة مؤسسة البترول، ومن رئيس الوزراء بصفته رئيس المجلس الاعلى للبترول، بل ان نموذج القطاع النفطي يجب ان يستمر ويعمم في جميع مؤسسات الدولة.

فكم مرة غلب فيها الضغط السياسي قرارات ودراسات فنية ومهنية، اخرها كانت موافقة الحكومة مؤخرا على اسقاط فوائد القروض فيما عرف بصندوق الاسرة رغم معارضة البنك المركزي الجهة الفنية المنوط بها متابعة ملف الائتمان، اذ رجحت الحكومة الضغط السياسي على حساب الجانب الفني، وقبل ذلك رضخت لضغوط سياسية فأجّلت اعادة هيكلة الخطوط الجوية الكويتية والعديد من مشاريع الخصخصة بل انها في اكثر من مناسبة وضعت دراسات فنية جانبا لتتخذ قرارا سياسيا لشراء ولاء نواب او نقابات، وما سياسات الكوادر والزيادات الا علامة على طغيان الجانب السياسي على الفني في الكويت.

حوكمة

ولعل اتخاذ مجلس ادارة مؤسسة البترول قرارا بفصل منصب رئيس مجلس الادارة عن منصب العضو المنتدب في جميع الشركات النفطية (اي فصل التنفيذي عن الاستراتيجي) يعد واحدا من اوجه الشفافية للحوكمة المطلوبة في القطاع النفطي، ما يتيح مرونة اكثر في المتابعة والقرار، الا ان القطاع النفطي عليه ايضا اضفاء قدر اعلى من الشفافية في اعلان المشاريع وترسيتها - خصوصا في ظل هجمة سياسية غير مسبوقة ضد اي كمشروع نفطي - الى جانب الدفاع الفني والقانوني عن اي مشروع يتم اعتماده من المؤسسة او شركاتها التابعة، فالجهة التي لا تدافع عن مشاريعها لن تجد من يدعمها او يدافع عنها.

تحديات قادمة

وأمام القطاع النفطي مجموعة من التحديات خلال الفترة القصيرة القادمة تتلخص في تطوير القطاع وانجاز المشاريع المعطلة كالوقود البيئي والمصفاة الرابعة، وهذان مشروعان استراتيجيان حيويان يجب انجازهما في اقرب وقت، خصوصا ان مشروع المصفاة مثلا كان مطروحا منذ عام 2008 وتمت اعادة النظر في دراسته مجددا، وبالتالي لا عذر للتأخير في انجاز المشاريع طالما توفر الدعم السياسي الحكومي للجهاز الفني ضد اي تدخلات من نواب او متنفذين.

فالمصفاة الرابعة يفترض أن تكون أكبر مشروع لبناء مصفاة جديدة بكلفة 4 مليارات دينار لتكرير النفط في العالم بطاقة تكريرية 615 ألف برميل يوميا، كما ستوفر زيت الوقود اللازم لمحطات توليد الكهرباء في الكويت، أما مشروع الوقود البيئى فيشمل تجديدا كاملا لمصفاة ميناء عبدالله وميناء الاحمدي بإضافة وحدات جديدة وكثيرة وتحديث الوحدات القديمة وتطويرها بميزانية مرصودة بحدود 4.6 مليارات دينار.

ومن الطبيعي في ظل وجود مناقصات ضخمة من هذا الحجم، او حتى اقل، ان تتزايد الضغوط والتدخلات في القطاع النفطي، ليصل الامر الى استجواب وزير النفط او حتى رئيس الوزراء بغية الحصول على نصيب من كعكة المناقصات النفطية، لذلك يجب ان يتحلى الوزراء بأكبر قدر من المسؤولية في استمرار دعمهم لكل جهد فني تمت الموافقة عليه سياسيا في مجلس الوزراء او المجلس الاعلى للبترول مع التحلي بأعلى درجات الشفافية في بيان سلامة المشاريع من النواحي الفنية والقانونية.

تجربة «الكويتية»

وعلى القطاع النفطي ان يستنسخ الخطوة التي قامت بها شركة الخطوط الجوية الكويتية من حيث كشف اصحاب المصلحة في اي مناقصة او مشروع، وهو ما حصل مع النائب سعد البوص عندما نشرت «الخطوط الكويتية» بيانا اكدت فيه انها لن ترضخ لأي ضغط أو ابتزاز يهدف إلى المصالح الشخصية لبعض الافراد على مصالح الشعب، وأن اتهامات البوص بوجود شبهة تنفيع في عقد شراء عدد من الطائرات لمصلحة شركة الخطوط الجوية الكويتية تأتي بعد ان تقدم بعرض سعر لبيع وتأجير عدد من الطائرات بقيمة مبالغ فيه لدرجة انها قد تصل الى ضعف اسعار الشركات المصنعة وشركات التأجير الاخرى، مما يعتبر تعدياً صارخاً على المال العام.

هذا النموذج ايضا يجب تعميمه في العديد من مؤسسات الدولة، فكم من فاسد شن هجوما سياسيا او اعلاميا تحت ستار حماية الاموال العامة على مؤسسات فنية لتحقيق غرض او مصلحة شخصية وهو في الاساس صاحب مصلحة مالية مباشرة، او يريد تعيين المحسوبين عليه في هذه المؤسسة ليتحكم في مشاريعها ومناقصاتها؟

هدف تاريخي

لا شك ان القطاع النفطي - تاريخيا- يعتبر هدفاً استراتيجياً للفاسدين يسيطرون عليه سياسيا احيانا ويفشلون في احيان اخرى... واليوم الفرصة سانحة لإصلاح القطاع النفطي كله من خلال تجاوز الضغط السياسي الى جانب رفع درجة الشفافية في مشاريع القطاع والدفاع عن المشاريع المعتمدة مهما كان الهجوم السياسي قاسياً.