سيناء هي أكبر اختبار يواجهه أوباما في مصر!
يجب أن تُبلغ الإدارة الأميركية مرسي صراحةً بأن مساعداتها هي استثمار مشروط في دولة مصرية تحافظ على علاقات سلمية مع الدول المجاورة لها، وأن وضع المراوحة لا يمكن أن يستمر، بمعنى أن أي حادثة في سيناء تجازف بقطع العلاقات بين مصر وإسرائيل.
![ذي أتلانتك](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1596042803195388500/1596042822000/1280x960.jpg)
في 18 أغسطس 2011، كاد الإرهابيون يحققون الهدفين معاً، إذ أطلق 12 مقاتلاً كانوا يرتدون لباس الجنود المصريين اعتداء عابراً للحدود على حافلة بالقرب من مدينة إيلات الإسرائيلية، ما أسفر عن مقتل ثمانية إسرائيليين وجرح ثلاثين آخرين. وخلال الاعتداء المضاد، قتلت القوات الإسرائيلية خمسة جنود مصريين، ويبدو أن "الشارع المصري" لم يهتم بواقع أن وجود إرهابيين ناشطين داخل بلدهم هو الذي أجج تلك الحادثة، فقد رد المصريون على ما حدث بإطلاق تظاهرات تطالب بإغلاق السفارة الإسرائيلية في القاهرة وإنهاء اتفاقيات "كامب ديفيد". تصاعد السخط العام خلال اعتداء 9 سبتمبر على السفارة الإسرائيلية حيث أصبح المعتدون المصريون على بُعد باب مقفل واحد حال دون وقوع مواجهة مميتة مع الدبلوماسيين الإسرائيليين. رد المجلس العسكري الذي كان يحكم مصر حينها فوراً عبر تقليص التوتر والإعلان عن التزامه بصون العلاقات مع إسرائيل.لكن بقي احتمال تكرار هذا النوع من الاعتداءات الإرهابية مرتفعاً جداً، وقد اتضح ذلك في اعتداء 5 أغسطس 2012 حيث قتل الإرهابيون 16 جندياً مصرياً على طول الحدود بين إسرائيل وسيناء، لكن ستصعب إدارة هذا النوع من الأزمات بعد وصول "الإخوان" إلى الحكم في مصر. على عكس المجلس العسكري السابق، يرفض "الإخوان" الحفاظ على علاقات سياسية مع إسرائيل وقد كرروا نيتهم تعديل، أو حتى إلغاء، معاهدة السلام بشكل أحادي الجانب. كذلك، استعمل "الإخوان" اعتداءات سيناء مرتين كحجة للمطالبة بإنهاء العلاقات المصرية الإسرائيلية، فشاركوا في التظاهرات ضد الوجود الدبلوماسي الإسرائيلي داخل مصر غداة حادثة أغسطس 2011 وقد لاموا الموساد الإسرائيلي على اعتداءات أغسطس 2012، وادعى "الإخوان" أيضاً أن ذلك الاعتداء كان جزءاً من مخطط يهدف إلى إضعاف حكم مرسي. تُضاف إلى هذه التطورات تصريحات "الإخوان" العدائية الأخيرة، بما في ذلك دعوات المرشد الأعلى محمد بديع إلى "الجهاد لاستعادة القدس" وإعلان عصام العريان الرسمي عن تدمير إسرائيل خلال عشر سنوات؛ لذا يصعب أن نتوقع من "الإخوان" العمل على احتواء الغضب الناجم عن حادثة إرهابية أخرى في سيناء تكون إسرائيل جزءاً منها.لتخفيف احتمال وقوع حوادث مماثلة، لا بد من وضع استراتيجية أمنية جديدة لمواجهة الجماعات الإرهابية في سيناء، فضلاً عن إعداد استراتيجية اقتصادية لتطوير سيناء ومنح سكانها فرصاً مشروعة، لكن نظراً إلى تصاعد المشاكل السياسية والمالية في مصر، قد تتطلب صياغة هذه الاستراتيجية سنوات عدة؛ لذا لا بد من إنشاء قنوات لإدارة الأزمة المصرية الإسرائيلية المقبلة التي قد تقع في أي لحظة.يجب أن تركز إدارة أوباما تحديداً على ضمان أن يفتح الرئيس مرسي اتصالات مباشرة مع الحكومة الإسرائيلية، ويجب أن تُخبر مرسي بأن غياب هذه القنوات سيعقد الجهود الرامية إلى احتواء الأزمات المصرية الإسرائيلية المستقبلية الناجمة عن وضع سيناء، الأمر الذي يهدد استقرار المنطقة ويُضعف قدرة حكومته على جذب الاستثمارات الخارجية التي يحتاج إليها البلد بشدة. كذلك، يجب أن تُبلغ الإدارة مرسي صراحةً بأن المساعدات الاقتصادية والعسكرية الأميركية هي استثمار مشروط في دولة مصرية تحافظ على علاقات سلمية مع الدول المجاورة لها، وأن وضع المراوحة لا يمكن أن يستمر (بمعنى أنّ أي حادثة في سيناء تجازف بقطع العلاقات الدبلوماسية بين مصر وإسرائيل). أخيراً، يجب أن تقترح الإدارة أن يكون التعاون المصري الإسرائيلي لوقف تدفق الأسلحة بين سيناء وغزة نقطة انطلاق لحصول تواصل مباشر بين مرسي وإسرائيل، ويجب أن تؤكد واشنطن على أن مشاركة مرسي في هذه الجهود ستكون اختباراً مهماً له لمعرفة ما إذا كان يضع المصالح الوطنية أو الأهداف الأيديولوجية على رأس أولوياته.لا شك أن الإصرار على أن يُبقي الرئيس المصري القنوات مفتوحة مع الحكومة الإسرائيلية لن يساهم في تعديل مقاربته الأيديولوجية المعادية لإسرائيل، تماماً مثلما فشل "التواصل" الأميركي مع "الإخوان" في تغيير نظرتهم المعادية للغرب، لكن من خلال التشديد على المخاطر المرتبطة بسياستهم الراهنة وتطبيق سياسة العقوبات والمكافآت، قد تتمكن الإدارة الأميركية من تغيير سلوك "الإخوان". لا بد من اتباع هذه الطريقة إذا أرادت الإدارة حماية السلام الإقليمي في حقبة ما بعد مبارك.إريك تراجر Eric Trager