كلما تقدّمنا في العمر زادت احتمالات إصابتنا بأمراض القلب والسكري والتهاب المفاصل وغيرها من مشاكل صحية مزمنة. وقد يتطلب علاج هذه الأمراض عددًا كبيرًا من الأدوية، لذلك يُلاحَظ أن المسنين يتناولون أدوية تصل إلى خمسة أضعاف ما يتناوله من هم أصغر منهم سنًا يوميًا أو حتى أكثر من ذلك. ولا يُخفى أن تناول هذه الأدوية جميعها قد يشكلّ إنجازًا من ناحية الذاكرة والتنظيم. في المستقبل القريب، ستسهل الحبوب المتعددة الفوائد عليك تناول ما تحتاج إليه من أدوية.

Ad

كلّما زاد عدد حبوب الدواء التي يتعيّن عليك تناولها يوميًا، كلّما زادت احتمالات السهو عن تناولها. د. كريستوفر كانون أستاذ في الطبّ في مدرسة هارفرد للطب وطبيب القلب في مستشفى بريجهام للنساء، يقول في هذا المجال: «غالبًا ما يعجز المسنون عن احترام مواعيد تناول الأدوية».

يعاين د. كانون مرضى يضعون دعامات الشرايين القلبية والأوعية الدموية وينسون تناول حبة الأسبرين التي يحتاجون إليها لتجنّب الإصابة بأمراض القلب والجلطة. بالإضافة إلى ذلك يعاين مرضى لا يراقبون كما ينبغي مستوى البروتينات الدهنية عالية الكثافة بينما يتناولون الدواء الذي وصفه لهم.

في الحقيقة، قد يساعد جمع ثلاث أو أربع أو خمس حبات من الدواء في حبةٍ واحدة من مشاكل الالتزام هذه. يضيف د. كانون قائلاً: «نعمل وفقًا للمفهوم القائل إن البساطة ستسّهل من تناول الأدوية».

تجمع حبة الدواء الواحدة المتعددة الفوائد ثلاث حبات لمعالجة ضغط الدمّ (راميبريل، ثيازيد وأتينولول) مع ستاتين (سيمفاستاتين) وأسبرين.

هل أظهرت الحبة المتعددة الفوائد فاعليةً واضحة؟

بدت الدراسات التي أُجريت حول هذه الحبة نتائج واعدة جدًا. فقد بيّنت دراسة بوليكاب الهندية أن جمع خمسة أنواع من الحبوب – ثلاث حبوب لمعالجة ضغط الدم، وستاتين والأسبرين – في حبةٍ واحدة يخفف في شكلٍ كبير من مستوى ضغط الدم ومن مستوى البروتينات الدهنية عالية الكثافة. ضف إلى ذلك، أن دراسة أخرى أجريت في أوائل هذا العام أثبتت تحسنات مماثلة لأعراض أمراض تُعالج بحبة تجمع أربعة أنواع من الأدوية (ثلاثة لمعالجة ضغط الدم وستاتين).  

إلا أن بعض الأسئلة لا يزال بحاجة إلى إجابة شافية قبل أن تُطرح الحبة المتعددة الفوائد أمام العامة:

- هل تُرجم تراجع ضغط الدم ومستوى البروتينات الدهنية عالية الكثافة الذي أظهرته الدراسات إلى تراجع خطر الإصابة بأمراض القلب؟ هذا ما يتعيّن على الخبراء مراقبته والتأكد منه.

- هل تعمل هذه الأدوية مجتمعة بفاعلية تمامًا كما تعمل منفردة؟ أثبتت الدراسات أن كلّ مكون من مكونات الحبة المتعددة الفوائد يقوم بمهمته على أكمل وجه. فقد ساهم الستاتين في تخفيض مستوى الكولسترول في ما ساعد دواء ضغط الدمّ على تخفيض مستوى ارتفاع ضغط الدم. إلا أن إحدى الدراسات أظهرت أن ستاتين في الحبة المتعددة الفوائد يخفض الكولسترول أقل مما يفعله حين يؤخذ منفردًا، وتقترح بالتالي أن بعض هذه الأدوية يخسر بعض فاعليته عند جمعه بدواءٍ آخر.

- هل تزداد الآثار الجانبية التي قد تنتج من الأدوية مجتمعة في حبةٍ واحدة؟ حتى الآن، لم تُظهِر الدراسات حول الحبة المتعددة الفوائد تفاقمًا في خطر الآثار الجانبية إلا أن هذا الأمر يبقى مصدر قلقٍ مهم لأنه من الصعب تحديد الدواء الذي يسبب هذه المشكلة. يشرح د. كانون قائلاً: «في حال أُصِبت بأي من الآثار الجانبية التي قد تنتج من أحد الأدوية الخمسة، لن يسعك إلا أن تتوقف عن تناول هذه الأدوية جميعها. على سبيل المثال، في حال تعرضت لآلام عضلية ناتجة من الستاتين، سيتعين عليك التوقف عن تناول دواء ضغط الدم والأسبرين إلى جانب الستاتين للتعافي من هذا الأثر الجانبي».

تطبيقات واقعية

تُستعمل الحبة المتعددة الفوائد أكثر ما تُستعمل في دول العالم الثالث حيث خضعت لاختبارات عدة. إذ يمكن أن تنقذ جرعة من الدواء حياة أشخاص تمنعهم ظروفهم من زيارة الطبيب لأكثر من مرة في السنة وعن تدبر عددٍ كبير من الأدوية في آنٍ.

في الولايات المتحدة، يرمي استعمال الحبّة المتعددة الفوائد في شكلٍ أساسي إلى تحسين احترام جرعات الدواء وفقًا لوصفة الطبيب، من خلال ضمان تناول الناس أدويتهم والحصول على النتائج المرادة. علاوةً على ذلك، يأمل الأطباء بأن تساهم الحبة المتعددة الفوائد في توفير أموال الناس. يقول د. كانون إنه حتى الآن لم يتمّ تحديد سعر هذه الحبة، إلا أنه في حال أظهرت فاعلية في تخفيف خطر الإصابة بأمراض القلب والجلطات، يمكن أن تؤثر في شكلٍ كبير على كلفة علاج هذه الأمراض.

متى نتوقع الحصول على وصفة من طبيب تنصح باستعمال الحبة المتعددة الفوائد؟ يقول د. كانون للإجابة عن هذا السؤال إنه يُتوقع رؤية وصفات طبية مماثلة في وقتٍ قريب لا يزيد عن السنة أو السنتين ما إن يتمكن الباحثون من تحديد الجرعات الصحيحة.

حتى وإن توافرت الحبة المتعددة الفوائد في وقتٍ قريب، يتعين عليك أن تسعى إلى إيجاد طريقةٍ معينة تساعدك على تناول أدويتك في الوقت المناسب. اسأل طبيبك إن كنت تستطيع تبسيط نظام أدويتك من خلال استعمال أدوية تدوم فاعليتها طويلاً أو تغيير الجرعات. علاوةً على ذلك، يمكنك استعمال علبة حبوب الدواء فتملأها كلّ أسبوع لتتناول الحبوب الصحيحة في الوقت المناسب.

يفضل الأطباء التزام الحذر عند وصف الأدوية المتعددة الفوائد لأنه من الصعب تصنيف الفوائد أو الآثار الجانبية الناتجة من كلّ حبة دواء. تشرح د. سيليست روب- نيكولسون، كبيرة محرري مجلة مراقبة صحة النساء، كيف يصف الأطباء الحبوب المتعددة الفوائد المتوافرة حاليًا فتقول: «تتجلى أفضل طريقة لاستعمال هذه الحبوب في تشجيع المريض على تناول حبوب منفردة في البداية ليتمكن الطبيب من مراقبة تأثيرها على الجسم وللتأكد من غياب أي آثار جانبية. في حال تبيّن أن هذا المريض يُظهر تحسنًا ملموسًا على مرّ بضعة أشهر، يمكن للطبيب أن يصف له الحبوب المتعددة الفوائد التي تجمع هذه الأدوية المنفردة جميعها. بهذا الشكل تؤدي هذه الحبوب إلى نتائج إيجابية».