الحوار السياسي... من جديد
من الخطأ الاندفاع نحو أي دعوة إلى الحوار السياسي ما لم تبنَ هذه الدعوة على أسس صحيحة وقواعد وضمانات متوافق عليها، فالشكل هنا يجب ألا يكون على حساب المضمون، وإلا فإن ما يسمى حواراً سياسياً لن يكون سوى كلامٍ فارغٍ لا معنى له ولا فائدة على المستوى الوطني.
![د. بدر الديحاني](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1472378832591788600/1472378876000/1280x960.jpg)
لهذا فإنه من الأهمية بمكان تحديد أسس الحوار السياسي ومتطلباته، وإلا أصبح عرضة للابتذال السياسي وإساءة الاستخدام، وهو الأمر الذي تلجأ إليه بعض الأنظمة السياسية الفاشلة كلما أحست بالعزلة سواء المحلية أو الدولية بقصد ضمان استمرار احتكارها للسلطة وتمرير مشاريعها السياسية، فكم من نظام استبدادي في العالم، كالنظام السوري مثالاً لا حصراً، سبق له أن أعلن بداية "حوار وطني"! ضمن شروطه وتحت رعايته لكي تكون النتيجة النهائية في مصلحته! فالدعوة إلى ما يسمى الحوار الوطني في هذه الحالة ليست سوى "تكتيكٍ" سياسيٍّ لكسب الوقت وتضليل الناس وخلط الأوراق، إذ يظن النظام أن الدعوة من الممكن أن توفر له غطاءً شعبياً وسياسياً من أجل الإبقاء على الوضع القائم.لهذا، فإنه من الخطأ الاندفاع نحو أي دعوة إلى الحوار السياسي ما لم تبنَ هذه الدعوة على أسس صحيحة وقواعد وضمانات متوافق عليها، فالشكل هنا يجب ألا يكون على حساب المضمون، وإلا فإن ما يسمى حواراً سياسياً لن يكون سوى كلامٍ فارغٍ لا معنى له ولا فائدة على المستوى الوطني. وبالنسبة إلى وضعنا المحلي فإن الحوار السياسي الذي نحتاجه في هذه المرحلة يتطلب:1- الالتزام أولاً بالأسس التي يقوم عليها نظام الحكم الديمقراطي التي وضع الدستور إطارها العام، وهذا يتطلب تصحيح ما ترتب على التعدي على أسس الديمقراطية، حيث إن ذلك يعتبر خروجاً عن حالة التوافق الوطني العام اللازمة لأي حوار سياسي ناجح.2- إطلاق سراح السجناء السياسيين.3- توقف الملاحقات السياسية وتوجيه التهم المعلبة لشباب "المعارضة" وشخصياتها.4- الدعوة بعد ذلك إلى حوار وطني عام لا يستثني أحداً ويقوم على أسس وقواعد وضوابط واضحة ومحددة بدقة، ويكون موضوعه الرئيس هو كيفية تطوير نظامنا الدستوري من أجل الوصول تدريجياً إلى النظام البرلماني الكامل.