القرآن عربي مبين ومفرداته ليست أعجمية
نزل القرآن الكريم باللغة العربية وثمة آيات عديدة تؤكد ذلك ومنها ما جاء في سورة (الزمر الآية 28) «قرْآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ»، وقوله تعالى في سورة (الدخان الآية 58) «فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ»، وكذا في سورة (النحل الآية 103) «وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ»، ولكن الغريب أن كثيراً من المستشرقين طعنوا في القرآن بأنه ليس عربياً وزعموا أن هناك كلمات أعجمية كثيرة في القرآن مثل: أباريق، أرائك، استبرق، تابوت...إلخ.يقول وزير الأوقاف المصري الأسبق د. محمود حمدي زقزوق: المفردات غير العربية التي وردت في القرآن الكريم، وإن لم تكن عربية في أصل الوضع اللغوي فهي عربية باستعمال العرب لها قبل عصر نزول القرآن وخلاله، وكانت سائغة ومستعملة بكثرة في اللسان العربي قبيل نزول القرآن وبهذا الاستعمال فارقت أصلها غير العربي، وعُدَّتْ عربية نطقاً واستعمالاً وخطاً.
والقولَ بعُجمةِ لفظ من ألفاظ العربية عند الأقدمين لم يكن مبنياً على البحث والدرس والعلم بلغاتٍ غير العربية، وإنما كان مبنياً على الظن والتوهم فعندهم أن كل كلمة لم يُشتَهر فيها استعمال جاهلي دخيلة، وإذا كانت دخيلة فهي عند أحدهم فارسية، وعند آخر عبرانية، أو سريانية، أو حبشية، ولم يهتدوا إلى أن بين العربية والعبرانية والسريانية والحبشية ولغاتٍ أخرى علاقاتٍ تاريخيةً وقراباتٍ لغوية مردُّها الأصولُ (السامية) الأولى.ولقد كانت الجزيرة العربية على مدى التاريخ منذ أقدم عصوره تمثل كتلة بشرية واحدة ذاتَ لغة واحدة وإن تعددت لهجاتها وتطورت دلالة ألفاظها، وحين نزل القرآن كانت تلك اللغة المشتركة في قمة اكتمالها وذروةِ نموها فعبرت تعبيراً كاملاً ودقيقاً ولم تكن بحاجة إلى الاستعارةِ أو الأخذ أو النقل، فقد كانت هي النبع الذي صدرت عنه بقيةُ الألسن واللغات المحيطة بها.