من ناطحات السحاب، التي تستخدم التكنولوجيا العالية في الإمارات، إلى دروس ترشيد استهلاك الطاقة في المدارس الابتدائية السعودية، تعزز دول الخليج جهودها لمكافحة الاستخدام المفرط للطاقة، لكن المنطقة مازالت بعيدة عن معالجة جذور مشكلة زيادة استهلاك الوقود.

Ad

ولا تمنح أسعار البنزين والكهرباء، التي تعتبر شديدة الانخفاض، والمدعمة في الغالب، المقيمين بهذه الدول حافزا كافيا لترك السيارات الرياضية الفارهة إلى سيارات موفرة للطاقة، أو ترشيد استعمال مكيفات الهواء في واحدة من أشد مناطق العالم حرارة.

وفي الوقت نفسه تؤدي مساعي دول الخليج لتطوير اقتصاداتها بعيدا عن الاعتماد على النفط إلى إنشاء صناعات كثيفة الطاقة كمصاهر الألمنيوم.

وفي ما يتعلق بالحالتين، ثمة ضغوط سياسية داخلية بعد الانتفاضات التي شهدها العالم العربي، تجعل الحل بعيد المنال في ما يبدو الآن، ومع رغبة حكومات الخليج في تقليل حدة الغضب الاجتماعي، وإتاحة فرص العمل للمواطنين، تتردد هذه الحكومات في رفع أسعار الوقود أو تقييد المشروعات الصناعية.

وقالت لورا الكثيري، المحللة المتخصصة في اقتصادات الطاقة بمنطقة الخليج، في معهد أوكسفورد لدراسات الطاقة في بريطانيا، "بعض هذه الدول يدرس رفع الأسعار، لكن رفع الأسعار ينطوي على حساسية شديدة في المنطقة"، مضيفة: «الإمارات تختلف قليلاً، لاسيما دبي والإمارات الشمالية، لأنها ببساطة لا تتحمل هذا، لكن أبوظبي والسعودية والكويت تتحمله".

وقال مجلس الطاقة العالمي إنه رغم نجاح اقتصادات سريعة النمو كالصين والهند في زيادة الناتج الاقتصادي من كل وحدة طاقة مستخدمة خلال العقود الثلاثة الماضية، فإن النمو في استهلاك الطاقة في الشرق الأوسط تجاوز معدل نمو الناتج الإجمالي.

وتعد السعودية الاقتصاد رقم 20 عالميا، لكنها سادس أكبر مستهلك للنفط في العالم، وقدر البنك الدولي أن السعودية حصلت على ناتج اقتصادي أقل من 3.70 دولارات من كل كيلوغرام من المكافئ النفطي استخدمته عام 2010، بينما المتوسط العالمي 6.20 دولارات.

ويؤرق حكومات الخليج غياب كفاءة استهلاك الطاقة، ليس خشية على تلوث البيئة بالأساس، وإنما لأنه سيهدد بخفض كميات النفط والغاز المتاحة للتصدير في السنوات المقبلة.

وحرقت السعودية كميات قياسية من النفط الخام الصيف الماضي، مع تراجع إمدادات الغاز المستخدمة في توليد الطاقة عن المتوقع، ويزداد اعتماد دبي والكويت على واردات الغاز للوفاء بالطلب، وخلال العامين الماضيين بدأت جهود ترشيد الطاقة تستحوذ على حيز أكبر من السياسة العامة.

وقد تكبح زيادة استخدام النفط جهوداً جارية لإنشاء محطة طاقة نووية في أبوظبي، ومحطات شمسية ونووية مخطط إنشاؤها في السعودية في العقدين القادمين، لكن تبقى هذه الجهود بعيدة عن تحييد عوامل أساسية وراء التزايد الهائل في استهلاك الطاقة في الخليج.

(وام)