يرى متخصصون في شؤون البيئة ان القطاع النفطي "بما لا يدع مجالاً للشك" هو المتهم الرئيسي في قضية التلوث في الكويت، اذ تدار القضايا البيئية للقطاع بشكل سيئ جداً، لاسيما التسربات التي تقع بين فترة واخرى لتصل في نهاية الامر الى أطراف البحر.
ومع هذا لم ير المراقبون أي تحقيق بهذا الشأن أو أي عقوبة وقعت على المسؤولين عن التلوث، مما يدل على تقاعس خطير في هذه القضية. وستظل المشاكل البيئية قائمة ما لم يعالج القطاع النفطي وضعه وتكون الهيئة العامة للبيئة هيئة مراقبة وليست مشاركة للقطاع النفطي بقضايا البيئة، لاسيما ان هناك عقدا وقع بين القطاع النفطي والهيئة العامة للبيئة وتسلمت في ضوئه هيئة البيئة 3 ملايين دينار لتعرف القطاع النفطي بالطريقة السليمة للتخلص من التلوث النفطي، ولكن تُرَ انجازاته بعد. ديوان المحاسبة ووضع تقرير ديوان المحاسبة العديد من الملاحظات المتعلقة بالبيئة والاضرار البيئية حيث ركز التقرير على مصافي تكرير النفط التابعة لشركة البترول الوطنية الكويتية حيث اشار الى استمرار وجود ارتفاع كبير في قياسات غاز ثاني اكسيد الكبريت وذلك عن الحد الاقصى المسموح به وفقا لاشتراطات الهيئة العامة للبيئة بالنسبة لكل مصفاة، وكذلك القياسات الخاصة بغازات ثاني اكسيد الكبريت المنبعثة من كل من وحدات استرجاع الكبريت ووحدات ازالة الغازات الحمضية بمصافي الشركة. وكشف التقرير ايضا استمرار ارتفاع معدلات بعض الملوثات الكيميائية في المياه المنصرفة الى البحر من مستودع المنتجات النفطية في دائرة التسويق المحلي في منطقة صبحان وذلك عن الحدود القصوى المسموحة بها وفقا لاشتراطات الهيئة العامة للبيئة. وتستمر شركة نفط الكويت في حرق كميات من الغاز المنتج في جميع مناطق الشركة حيث قدرت كميات الغاز المنتج بـ9.6 مليارات قدم مكعبة خلال السنة المالية 2011/2012 وبلغت كميات الغاز المحروق 8.5 مليارات قدم مكعبة وبنسبة 0.9 في المئة من كميات الغاز المنتجة. وينسحب هذا الامر على شركة نفط الخليج الذي استمر حرق معظم كميات الغاز المصاحب لإنتاج النفط في منطقة عمليات الخفجي حيث قدرت كميات الغاز المحروقة بما يعادل 21.5 مليار قدم مكعبة وبنسبة 76.8 في المئة من اجمالي كميات الغاز المصاحب لانتاج النفط والتي قدرت كمياتها بما يعادل 28 مليار قدم مكعبة والامر مشابه في عمليات منطقة الوفر حيث يستمر حرق الغاز بمعدل 21.8 مليار قدم مكعبة. المشاريع البيئية ومع بعض هذه الملاحظت الا ان مؤسسة البترول الكويتية تشير الى انها أنفقت ملياري دينار على المشاريع البيئية في السنوات العشر الماضية وتسعى إلى التحديث والتطوير من خلال تنفيذ مشاريع بيئية جيدة. ومن المشاريع البيئية المتوقع تنفيذها، مشروعا الوقود البيئي والمصفاة الجديدة بتكلفة 8.6 مليارات دينار وهما من أكبر المشاريع البيئية التي تحتاج الكويت لتنفيذها. وتعد هذه المشاريع ضرورة ملحة للتخلص من نسب الكبريت العالية التي تضر بصحة الإنسان، حيث ان البعد الاجتماعي لتلك المشاريع أهم من البعد الاقتصادي! وتقر القيادات النفطية بتأخر تنفيذ المشاريع البيئية التي تمنع تزويد وزارة الكهرباء بوقود نظيف تبلغ نسبة الكبريت فيه 10 في المئة، وهم يرونها نسبة مقبولة عالميا كما انهم يرمون الكرة في ملعب الجهات الرقابية والتدخلات الخارجية التي تعوق تلك المشاريع. تصنيف «ميد» في ضوء الدراسة الخاصة التي أعدتها مجلة "ميد" المتخصصة في شؤون النفط، حيث تم تصنيف المؤسسات النفطية على أساس عشر معايير للأداء تبرز قوتها، من ضمنها مدى تطور استراتيجتها في الحد من الانبعاثات الملوثة للبيئة، حصلت مؤسسة البترول الكويتية على 3 من 10 مقابل 6 لأرامكو السعودية، و8 لأدنوك الإماراتية، و6 لقطر للبترول، و7 لسونتراك الجزائرية، و9 لتنمية نفط عمان، و5 لشركة النفط الايرانية، و4 للبترول الوطنية الليبية، مما يعكس تدني اهتمامات مؤسسة البترول الكويتية بالمعايير البيئية الدولية من قبل مصافيها التي تعمل في دولة الكويت، في الوقت الذي تلتزم فيه المصافي الكويتية في روتردام وفي ميلانو بالمعايير الأوروبية الصديقة للبيئة. اذاً التلوث البيئي في الكويت المتهم الاول فيه القطاع النفطي الذي يقر بصرف المليارات على المشاريع ويؤكد ان التأخير في المشاريع الاخرى ليس سببا فيها، وتؤكد تقارير ديوان المحاسبة ان التلوث مستمر منذ سنوات من خلال تكرار الملاحظات، فالخاسر في نهاية الامر هم من يعيشون على ارض الكويت.
اقتصاد
النفط والطاقة : التلوث بين ملاحظات «ديوان المحاسبة» ومليارات القطاع النفطي
06-08-2013