ربما يكون مجلس الاحتياطي الفدرالي في الولايات المتحدة قد قرأ مؤشر انفاق المستهلك الأميركي المرتفع قراءة غير صحيحة. وقد يكون ذلك أحد الأسباب التي دفعت رئيس المجلس بن برنانكي الى الاعتقاد بأن الوقت حان لكي يتراجع المجلس عن سياسة التحفيز.
خلال كلمة له في مجلس العلاقات الخارجية في الأسبوع الماضي سئل رئيس مجلس الاحتياط الفدرالي عن مصدر النمو الاقتصادي، فأجاب أن المستهلكين كانوا أحد الأسباب الرئيسية التي دفعته الى التفاؤل، فعلى الرغم من زيادة الضرائب على الدخل، والأعباء الأخرى، كان المستهلكون ينفقون أكثر مما سبق. غير أن هذا قد يكون مجرد وهم. في الأسبوع الماضي، قالت الحكومة ان الاقتصاد نما بنسبة 1.8 في المئة خلال الربع الأول من هذه السنة – وشكل ذلك تراجعاً عن تقديرات سابقة تحدثت عن نمو متوقع بنسبة 2.5 في المئة.السلع عالية الثمنويرجع الجزء الأكبر من هذه التراجع الى انفاق المستهلكين، فالمستهلك الأميركي لم ينفق كما كان متوقعا في الأصل. بل والأكثر من ذلك أن الانفاق الاستهلاكي تركز على السلع عالية الثمن. وفي حقيقة الأمر فإن نظرة سريعة تظهر أنه باستثناء الانفاق على الاحتياجات الضرورية، وبسبب الشتاء الذي كان أكثر برودة من السنة الماضية، كانت المشتريات اليومية، – مثل الانفاق على وجبات الطعام – مستقرة بشكل تقريبي. وقالت الحكومة إن انفاق المستهلكين قد تحسن في شهر مايو الماضي، وأن معظم الزيادة في الانفاق قد تحققت في قطاعي السيارات والسلع المنزلية، واذا ما استبعدنا ذلك يمكن القول ان النمو كان متواضعا جدا.ويظن الاقتصادي دين بيكر من مركز بحوث السياسة والاقتصاد ان ما يعزز حقاً أرقام الاستهلاك ليس تحسن الوضع المالي للمواطن الأميركي العادي بل ما نشهده من أرباح قدمتها الشركات في نهاية السنة الماضية بغية تفادي ارتفاع الضرائب بسبب الهاوية المالية.وقد ذهب الجزء الأكبر من هذه الأرباح الى الأثرياء الأميركيين، كما أن تحسن سوق الأسهم قد ساعد أيضاً على تحسين الوضع المالي لمن هم في حال جيد. وقد يفسر هذا سبب زيادة الاقبال على السلع الغالية بوتيرة أسرع من الانفاق بصورة عامة.وينبع القلق من حقيقة أننا كلما ابتعدنا عن الوقت الذي تم فيه دفع تلك الأرباح، مع كون سوق الأسهم في حالة مستقرة في الآونة الأخيرة، نجد أن الزيادة الكبيرة في الانفاق من قبل الأثرياء الأميركيين قد تتراجع أيضاً.محلات خدمة الأثرياءويقول كن بيركنس الذي يدير «ميتريكس للتجزئة» إن باعة أجهزة الرفاهية حققوا أداء أفضل من المتاجر الاخرى حتى منذ بداية التعافي. غير أنه يقول إن الفجوة بين محلات التجزئة مثل «تيفاني» الذي يخدم الأثرياء الأميركيين وبين «تارغت» الذي يخدم المستهلك كانت تتسع في هذه السنة.ويضيف بيركنس إن «وول مارت»، على سبيل المثال، كان يضيف المزيد من السلع غير المعتادة الى خليطه في جهد يهدف الى تحسين قيمة المبيعات. ويقول: «ذلك يعني بصورة مباشرة حقيقة كون عملاء وول مارت لا يملكون الكثير من المال لإنفاقه خارج نطاق الضروريات العائلية».ولبرهة من الوقت عندما تحدث الاقتصاديون عن انفاق المستهلكين في ظل التعافي الراهن بدا وكأنهم يتحدثون عن أمر مؤكد. وقد كانت مبيعات متاجر السلع الفاخرة وتلك التي تقدم التنزيلات والعروض جيدة، ولكن يبدو أن هذه النظرة هي استقراء لطرف من أطراف السوق، كما أن هذه المبيعات الجيدة ذاتها قد لا تستمر لوقت طويل.* (مجلة فورتشن)
اقتصاد
تراجع برنانكي قد يكون ناتجاً عن قراءة خاطئة لمؤشرات التعافي
06-07-2013