الحكم غير ديمقراطي
![لمى فريد العثمان](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1484143549116340400/1484143549000/1280x960.jpg)
ولم تكن أيضاً المحكمة موفقة في تبريرها لسلامة مرسوم الصوت الواحد بالحفاظ على "الوحدة الوطنية" بينما أحدث هذا المرسوم (الذي انتهك مفهوم سيادة الأمة) احتقاناً سياسياً وانقساماً مجتمعياً خطيراً. كما أن المحكمة كما يقول الأستاذ حسن العيسى "لم تضع معياراً لحالة الضرورة يقيد السلطة التنفيذية في إصدار تلك المراسيم، بل تركت الأمور مطاطة وعائمة تسبح في تيار السياسة". الأزمة السياسية في الكويت تحتاج إلى خطوات إصلاحية جذرية باتجاه دمقرطة النظام والمؤسسات والمجتمع، لا تختزل في النظام الانتخابي ولا تنتهي بأحكام المحكمة الدستورية، بل تبدأ بالتحول إلى الحكم الديمقراطي، فوجود انتخابات ومجلس أمة ودستور ومحكمة دستورية لا يعني أن الحكم في الكويت ديمقراطي. فالدستور الديمقراطي يضمن الحقوق والحريات العامة ويقيد السلطات الثلاث، ويمنع تعدي أي منها على ضمانات الحقوق والحريات، وهو أمر لا يمكن تحقيقه إلا من خلال الفصل بين السلطات ومراقبة كل سلطة على الأخرى لمنع استبداد وإساءة استعمال إحداها للسلطة.وهل هناك ديمقراطية في غياب مفاهيم تداول السلطة والتعددية الحزبية وحرية التعبير والرأي والاعتقاد؟ وهي مبادئ أساسية للديمقراطية لا تطبق في الكويت، فمشاركة الحكومة غير المنتخبة بكل ثقلها في السلطة التشريعية، يجعل منها الحزب الأكبر المتفرد والمحتكر للقرار مهما تغير النظام الانتخابي. وهل يمكن أن تعيش الديمقراطية بغير مناخ الحرية بكل أشكالها السياسية والاجتماعية والعلمية والثقافية؟ وهل يمكن أن نسميها ديمقراطية في حين يتم سحق حقوق الإنسان والأقليات والفئات المهمشة؟!الصراع الحقيقي اليوم هو صراع الحرية مع الاستبداد بكل أنواعه، فالحرية هي جوهر الديمقراطية وهدفها وغايتها. وأي توجه يحيد عنها يصبح استبداداً وتسلطاً يقتل كل معنى للديمقراطية مهما رُفعت شعاراتها. فلا ديمقراطية بدون مبادئ سيادة الشعب في الحكومة والبرلمان والقضاء، ودستور ديمقراطي، ومراقبة مباشرة للمحكمة الدستورية على دستورية القوانين، واستقلال للسلطات والقضاء، وحياد الدولة تجاه مختلف الأديان والمذاهب والتوجهات والمساواة أمام القانون، وضمانات حقوق الإنسان والأقليات والحريات العامة وتعددية سياسية وحرية دينية وثقافية، ونظام انتخابي يخضع لمعايير عادلة وانتخابات نزيهة تُراقب من قبل لجنة انتخابية مستقلة وذات كفاءة، واقتصاد محفز للإنتاج وضامن للعدالة الاجتماعية، ومعالجة للقصور التشريعي في نواحي الإصلاح ومكافحة الفساد واستغلال السلطة، ومجتمع مدني حر ومستقل، وإعلام حر ونظام تعليمي يكرس التفكير النقدي الحر.وكما أن للديمقراطية أدوات وآليات لها أيضاً مضامين وفلسفة لا تترسخ إلا بمفهوم الحرية. نعم هو صراع مضنٍ وطريق طويل، لكن لا طريق آمناً إلا بخوضه.