تبنت مجموعة من المختصين في الشأن النفطي مبادرة مهمة وواعدة تحت شعار "الكويت عاصمة النفط في العالم" تدعو إلى دراسة مستقبل الطاقة وآفاقه وحسن استثماره في ظل الجدل الكبير حول حجم احتياطات النفط ومنافسة موارد الطاقة البديلة، وذلك من المنظور العلمي والاستراتيجي.

Ad

ومن الجدير بالذكر أن مثل هذه المبادرات تشكّل استحقاقاً وطنياً في غاية الأهمية، حيث إن المورد النفطي ما زال ومنذ اكتشافه الشريان الوحيد للدخل في الكويت، وبفضل الله تعالى واستمرار تدفق هذا الذهب الأسود وارتفاع سعره إلى معدلات قياسية لا يمكن أن نتنبأ بما سيكون عليه وضعنا التنموي والخدماتي ومستوى المعيشة للمواطنين وسط السياسة المترهلة والمفلسة في معظم مرافق حياتنا لولا هذه النعمة العظيمة!

ولم تتكبد الدولة عناء تنويع مصادر الدخل حتى في أوج الوفرة المالية التي تمكننا من استثمار العقول والأموال والخبرات لتجعل من بلدنا نموذجاً منقطع النظير في الإبداع والتقدم.

وحتى في القطاع النفطي نفسه، ورغم مرور أكثر من سبعين سنة على اكتشاف أول حقل بترولي، ما زالت التقنية النفطية والخبرات الفنية فيها مبتدئة جداً، بينما يقضي العقل والمنطق بأن نكون بعد هذه السنوات الطويلة بلداً مصدراً للتكنولوجيا النفطية بكل ما تعنيه هذه التكنولوجيا من معنى، ولكن ما زلنا نستورد أصغر قطع الغيار ونستعين بالعمالة الأجنبية، وعندما اكتشفت حقول الشمال سعت الحكومة إلى التنازل عن هذه الثروة في مقابل الحصول على التقنية الحديثة في التنقيب والإنتاج لمصلحة الشركات الأجنبية!

ولن أكون متشائماً إذا ما تخوفت، كالكثيرين من الكويتيين، من أن مشروع "الكويت عاصمة النفط في العالم" وإن جاء تحت عباءة العمل التطوعي سيكون مصيره كغيره من المحاولات السابقة والجهود العديدة التي حرص المخلصون من أبناء الكويت على بذلها للاستفادة الحقة من هذه الثروة الوطنية، وإذا استبعدنا محاربة مثل هذه الفكرة أو قتلها، فإن الإهمال وعدم الإحساس بالمسؤولية سيكونان مقبرة لها لا محالة.

وخلال إحدى الزيارات البرلمانية إلى فنزويلا قبل عشر سنوات اقترح الرئيس الراحل شافيز إنشاء أكبر جامعة للطاقة في العالم وبكل مرافقها البحثية والفنية كمشروع متكامل لمنظمة الأوبك، كما رشح دولة الكويت بأن تكون الحاضنة لهذا الإنجاز العلمي الكبير، أي بمعنى آخر اقترح تحويل الكويت إلى عاصمة النفط في العالم، وقد نقلنا هذه الفكرة إلى أعلى المستويات وكان الجواب الاستراتيجي لمثل هذا المشروع الحيوي: "يصير خير"!

وأمام الحرب الاستراتيجية والاقتصادية القائمة ضد النفط بكل الوسائل بقيادة الولايات المتحدة وكل السيناريوهات الخاصة بانتهاء العصر الذهبي للنفط، فإن الخوف أن نكون دولة اكتشف فيها النفط واعتمدت على النفط لقرن من زمان أو أكثر ونفد منها هذا النفط دون أن نكون قد عرفنا حقيقة هذه النعمة الزائلة!