هل سمع أحد مسؤولي الحكومة عن غاز "فورمالدهايد"؟ هل تحدثوا يوماً عن غاز "فينول"؟ هل تضرر أحد كبار المسؤولين في الدولة من غاز "بي إم تين"? هل سبق أن ناقش مجلس الوزراء مع الجهات المختصة أضرار استنشاق غاز "ستايرين"، وأثره على صحة أهالي منطقة واسعة تقع مسؤوليتها في ذمة مجلس الوزراء؟

Ad

أسئلة كثيرة لا نسمع لها إجابات أو ردودا، ولا نرى تحركاً إيجابياً مطمئناً لأهالي منطقة أم الهيمان (ضاحية علي صباح السالم)، تلك المنطقة المسكينة التي تعاني الأمرين مع مشكلة بيئية حقيقية وخطيرة تنذر بكارثة صحية لا يلتفت إليها أحد، وكأن المنطقة ليست كويتية، وكأن قاطنيها ليسوا كويتيين، وكأن القضية برمتها ليست من مسؤولية الحكومة!

من الصعب أن يكون شعور من يصحو باكراً يخرج من بيته ويستنشق هواء ملوثاً بغازات سامة تؤثر على صحته وسلامته، مماثلاً لمسؤول حكومي يصحو على نسمات الهواء الصافية. ولنا أن نتصور أن سكان منطقة كاملة يتضررون يومياً من جراء انبعاثات غازات متنوعة كلها ضارة تلوث الهواء وتؤثر مباشرة على صحة سكان المنطقة. لاشك في أن الدولة تملك من الإمكانات ما يؤهلها لحل هذه القضية الصعبة، لكن الدولة كما نلاحظ تسفه هذه القضية، ولا تنظر إليها بموضوعية، كذلك يفعل جل نواب البرلمان السابقين وكأنهم، للأسف الشديد، متعاونون مع الحكومة في ذلك!

أكثر الأمراض التي تأتي للإنسان بسبب تلوث الهواء، وغالبية أسباب الأوبئة البيئية لا يتبين مفعولها في جسم الإنسان إلا بعد مضي سنوات، وهنا تبرز مشكلتنا في "أم الهيمان"، فهي قضية خطيرة جداً وليست سهلة كما يدعي بعض متلوني التصريحات، سواء من سياسيي البرلمان السابقين، أو بعض المسؤولين المعنيين بالحكومة.

وعلى الحكومة أن تثبت أن أهالي المنطقة ولجنتهم التطوعية يكذبون، وأن ما يدعيه أهالي المنطقة هراء وغير صحيح. وعليها أيضا أن تثبت كحكومة مدى إخلاصها في عملها لحماية هذا البلد من الأوبئة الضارة وإثبات أننا كأهالي "أم الهيمان" ندعي ونفتري على الحكومة، وأننا "ندور المشاكل وما عندنا سالفة".

من جانبهم يبذل أهالي منطقة أم الهيمان، ممثلين في اللجنة التطوعية، جهوداً كبيرة لإنهاء المشكلة المزمنة التي تعانيها المنطقة وأهلها منذ عشر سنوات وأكثر، ويحاولون بشتى الطرق الوصول إلى حل لهذه القضية الوبائية العالقة، حيث قامت اللجنة بمقابلة المسؤولين بالدولة والحكومة لمطالبتهم بالنظر بعين المسؤولية لهذه المشكلة، لكن مع الأسف الشديد لم تتعامل الجهات المسؤولة بجدية مع هذه القضية، وكأن تلك المنطقة ليست من مناطق الكويت.

هناك من يظن أن السبب في طرح هذه القضية هو الإضرار بالمصانع الموجودة في شمال المنطقة، وقطعا هذا الظن غير صحيح، وكما قال الله تعالى "إن بعض الظن إثم".

أهالي "أم الهيمان" لا يريدون أن يكون حل قضيتهم سبباً في تضرر غيرهم من أصحاب المصانع وملاكها، وهذا أيضاً ظن في نفس مريضة لا يقبله عاقل.

رجاء واجهوا أهل المنطقة بشجاعة وقولوا لهم هذا القول بالإثباتات... لكن الحكومة قطعاً لن تفعل هذا... فشتان بين الحق والباطل... وشتان بين من يستنشق الهواء الصافي ومن يستنشق "فورمالدهايد"!

ولأهالي "أم الهيمان" ولجنتهم التطوعية المثابرة، نقول لهم قول الله عز وجل "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون".