لن تمس بإذن الله

نشر في 16-07-2013
آخر تحديث 16-07-2013 | 00:01
 يوسف عبدالله العنيزي التقيت قبل أيام بالأخ الفاضل د. عبدالله المعتوق المستشار في الديوان الأميري، وجرى حديث سريع وعابر عن أعمال الخير الكويتية التي شملت مساحة العالم بأسره، وقد أثنى جزاه الله خيراً على ما قمت به من مساعدة ومساهمة يفرضها علينا الواجب تجاه هذا الوطن الغالي ودوره الإنساني والديني.

 أعاد هذا الحديث القصير إلى الذهن ذكرى بعض تلك الأعمال التي يؤمن أبناء الوطن بأنها كانت من أسباب إزالة الغمة بعد الاحتلال الغاشم الذي تعرض له في الثاني من أغسطس عام 1990، بل لعلها من أسباب إدامة النعم على بلادنا الحبيبة، وفي هذا المجال بودي أن أذكر بعضها فقط للذكر لا الحصر الذي يصعب القيام به.

عندما كنت أتولى رئاسة البعثة الدبلوماسية في اليمن الشقيق استقبلت أحد شباب الكويت ممن زرع الله في قلوبهم حب الخير والعمل به، وكم يؤسفني أنني نسيت الاسم، وربما للزمن أحكام, وقد أفادنى جزاه الله خيراً بأنه عاد للتو من منطقة في اليمن تدعى "شيخ خميس"، وهي منطقة نائية لا يمكن رؤيتها على مخطط الدولة الهيكلي، وربما لا يعرف عن وجودها حتى أبناء اليمن.

 تقع في تلك المنطقة بعض القرى الصغيرة التي تعاني شحاً في المياه نظراً  لوجود بئر واحدة بعيدة عن تلك القرى مما يضطر السكان للذهاب لجلب المياه والعودة، وذلك يستغرق وقتاً وجهداً, قام أحد سكان تلك المنطقة بنقل هذه الصورة لأحد رجال الكويت ممن أودع الرحمن رحمته في قلوبهم، فقام بالتبرع بشراء آلة حفر للآبار، وتم نقلها إلى تلك المنطقة، وتم اختيار موقع متوسط بين تلك القرى، وبدأ الحفر.

 ويضيف صاحبي في كل يوم يتجمع الأهالي لمتابعة عملية الحفر حتى أذن رب العالمين بتدفق الماء كالشلال، وهجم الجميع لتذوقه من الأحواض التي جهزت حول البئر، وقد كان شراباً عذباً سائغاً شرابه. ويضيف صاحبي رأيت أحد كبار السن ممن يحمل على كاهله عبء سنين طوال، وقد ملأ كفيه بالماء، وبدأ بالشرب ودموعه تسابق تدفق الماء، ثم رفع يده إلى السماء, فدنوت منه وسألته "شيخي الكريم بماذا تدعو؟"، فأجاب بعفوية بكلمات مصدرها القلب "أدعو بالحمد والشكر لله رب العالمين على هذه النعمة, ثم أدعو للكويت وأميرها وأهلها بأن يديم الله عليهم النعم والأمن والأمان، ويرد عنهم كيد الحاقدين".

يقول صاحبي ارتج جسدي من قمة رأسي إلى أخمص قدمي، ولم أستطع أن أحبس دمعة فرت من عيني، فهذا الشيخ الجليل لا يعرف أين تقع دولة الكويت، ومن هو أميرها، ومن هم أهلها، فكان دعاؤه صادراً من القلب، فصحت من الأعماق: لله درك يا وطن، فعين الرحمن ترعاك، فلن يمسك بإذن الله طاغٍ أو حاسد أو حاقد، وسيعود سهم من يريد بك شراً إلى نحره.

قبل أسابيع دعاني أحد الأصدقاء من الجنسية الفلسطينية لتناول شرب الشاي معه في منزله الكائن في منطقة الجابرية، كان يرافقنا أحد أقرباء صاحبي من كبار السن، وقد وصل إلى الكويت منذ أيام قليلة قادماً من إحدى قرى مدينة جنين في فلسطين الحبيبة.

 تحدث شيخنا الجليل بما يختلج في صدره من آلام دفينة عن ضياع الوطن والأرض واحتلال وتهجير من أرض الآباء والأجداد، وقيام دولة "إسرائيل" في نكبة عام 1948, ثم أخرج شيخنا الجليل تنهيدة من الأعماق قائلا "هل تعلم أخي الكريم أنه منذ ذلك الحين لم نلقَ أي دعم أو مساندة من أي دولة عربية, وكم كان مؤثراً عندما تلقينا طرود الخير الرمضانية التي قمتم بإرسالها خلال عملك في الأردن، وكم لامست قلوبنا تلك العبارة التي سطرت على الطرود بجانب علم الكويت "هدية من شعب الكويت لإخوانه في الضفة".

لقد وصلت تلك الطرود الرمضانية إلى العديد من القرى الصغيرة في الضفة الغربية، ولعلها المرة الأولى التي يرى سكان تلك القرى مثل هذه المساعدات العربية, فلله درك يا وطن لم تنسَ أهلك في كل مكان، هذه الكويت وهذه قيادتها وهؤلاء أهلها، وهذا ديدنهم فاللهم أدم في قلوبنا رحمتك وفي عقولنا فهماً لعظمتك.

ودعاؤنا دائما إلى الله أن يحفظ الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

تهنئة من القلب

الأولى للدكتور محمد الخشتي لتوليه منصبه الجديد، وكيلاً مساعداً لوزارة الصحة للشؤون الفنية، وإن كانت شهادتي مجروحة في الدكتور محمد إلا أنني على يقين بأن اختياره يعبر عن حسن الاختيار، فهو من رجال الكويت ممن بذل جهده في سبيل تحصيله العلمي خدمة لهذا الوطن العزيز، فتنقل بين عدد من الجامعات العالمية في كل من كندا والهند وبلغاريا، حيث أقمت له حفل استقبال بمناسبة تفوقه، وحضر ذلك الحفل نخبة من رجال العلم في بلغاريا، وما زلنا نلتقي كل أسبوعين تقريبا.

والثانية للدكتور نواف بجاد المطيري بمناسبة حصوله على جائزة "سيجما" للبحث العلمي المقدمة من جامعة نيوجرسي للأمراض الجلدية بالولايات المتحدة الأميركية، وذلك تقديراً لإسهاماته في المجالات الطبية، ويشهد الله أن فرحتي بذلك لا تقل عن فرحته وأهله الكرام، فهنيئاً لك يا كويت بأبنائك ممن رفع اسمك عالياً بالعزة "والكرامة" في المحافل العلمية الدولية.

back to top