يأمل مسؤولو السياحة في دبي مضاعفة عدد السياح ليصل إلى 20 مليون سائح بحلول نهاية العقد الحالي، في وقت تجتذب فيه زواراً من أسواق جديدة وتشجع عودة الضيوف إلى هذه الإمارة المدينة التي تعد سابع أكثر وجهات السفر شعبية في العالم.

Ad

تعد شمس دبي الساطعة وبحرها وعروضها التسويقية، من الأمور الأساسية لانتعاشها الاقتصادي منذ أزمة السندات التي أنهكتها في عام 2009، كما ساعد على هذا الانتعاش وضعها باعتبارها ملاذا آمنا منذ اندلاع الثورات العربية.

وارتفع معدل أعداد السياح القادمين إليها بنسبة 9.3 في المئة إلى 10.6 مليون سائح العام الماضي، ما ساعد على جعل نسبة الإشغال في فنادقها تصل إلى 78 في المئة.

تسهل رؤية الأعداد المتزايدة من السياح عند مشاهدة شواطئها المزدحمة ومجمعاتها وصفوف المسافرين عند الجوازات في مطارها المزدحم. وتتوقع الحكومة أن يؤدي مزيد من التوسع إلى مضاعفة حصة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي بمقدار ثلاث مرات، لتصل إلى 300 مليار درهم (81.7 مليار دولار) بحلول عام 2020.

وبينما تعمل روابط دبي التجارية مع كل من الصين والهند على زيادة أحجام تجارتها باعتبارها ميناءً لتخزين البضائع من هذه الدول تمهيداً لإعادة التصدير، تتوقع دبي أيضاً أن يعمل الدخول المتزايد لشركة طيران الإمارات إلى أسواق السياحة التقليدية وفي بلدان الأسواق الناشئة السياحية على الحفاظ على النسبة العالية من إشغال فنادقها، وسط توقعات بمضاعفة عدد الغرف.

تركيز على الصين

ويقول هلال المري، المدير العام لدائرة السياحة والترويج التجاري، وهي الهيئة المسؤولة عن ترويج السياحة في دبي: «نركز على مناطق مثل الصين التي نتوقع أن تتفوق من حيث النمو في هذا المجال».

وعملت دبي على فتح مكاتب لها في الصين مستهدفة تقوية علاقتها معها، وبدأت بحملات محددة لاستهداف الأعداد المتزايدة من الزوار القادمين منها، الذين ارتفع عددهم بنسبة 27 في المئة في عام 2012 ليصل إلى أكثر من 248 ألف زائر.

وتستهدف دبي سوقاً مهمة أخرى وهي دول جنوب الصحراء الإفريقية، حيث تجعل دبي من نفسها بوابة الأعمال إلى القارة، وهي تراهن على أن السفر لغرض العمل سوف يتحول إلى زيارات ترفيهية، ففي العام الماضي وصل من هذه المنطقة 550 ألف سائح.

كذلك ارتفع عدد الزوار القادمين من المملكة العربية السعودية بنسبة 29 في المئة العام الماضي، ما جعل المملكة أكبر سوق مورد للسياح إلى دبي، يليه عدد القادمين من الهند ثم المملكة المتحدة.

روسيا

وتدل الزيادة في نسبة عدد الزوار القادمين من روسيا، البالغة أكثر من 53 في المئة، الذين تراهم منتشرين في الشواطئ العامة عبر دبي، على أن هناك قطاعاً واعداً آخر لتطوير السياحة.

والواقع أن من بين أعلى 20 بلداً من حيث عدد الزوار إلى دبي، سجلت إيران فقط انخفاضاً في عدد السياح القادمين إلى المدينة، حيث تراجعت النسبة 32 في المئة في 2012، وكان السبب في ذلك هو التراجع في قيمة الريال الإيراني ما أدى إلى ضعف قوته الشرائية.

ويقول المري إن دبي بحاجة إلى استدامة معدل النمو السنوي الحالي، البالغ 9 في المئة سنوياً، حتى تستطيع تحقيق هدف الـ20 مليون زائر بحلول نهاية هذا العقد.

وعلى الرغم من التراجع في أعقاب الأزمة المالية في 2009، فإن الإمارة واثقة من أنها تستطيع المحافظة على معدلات نمو ثابتة منذ انطلاق طفرتها السياحية قبل عشر سنوات، حين كان عدد السياح القادمين إلى دبي يبلغ مليون سائح فقط.

5 ملايين سائح

وبحسب المري: «منذ ثماني سنوات كان لدينا خمسة ملايين سائح، لذلك تعتبر معدلات النمو التي نستهدفها مماثلة جداً لهذا العدد. وقد حققنا نمواً عالياً مكوناً من أواخر الأرقام من خانة واحدة، حتى أثناء سنوات التحدي التي واجهها العالم، لذلك نعتقد أن بإمكاننا تحقيق هذا الرقم».

وولدت السياحة تحديات اجتماعية، حيث أحدث تدفق الأجانب نوعاً من عدم الارتياح بين المواطنين.

ونظم بعض المواطنين حملات مطالبين الزائرين بالالتزام بالقيم الاجتماعية المحافظة في الإمارات. وعبرت المعارضة الإسلامية عن قلقها من الآثار السلبية التي يتركها هؤلاء الأجانب على المواطنين في البلد.

وعلى الرغم من القضايا القانونية المتعلقة بالكحول والجنس التي تتصدر عناوين الصحف، التي تثير الأسئلة حول جاذبية المدينة باعتبارها سوقاً شاملة ومقصداً سياحياً لعدد هائل من الناس، نجد قوافل السياح مستمرة في التدفق عليها.

يقول راسل شارب، المستشار في شؤون الضيافة في مؤسسة ميز، إن على دبي أن تركز على قطاع منتصف السوق لتحقيق طموحاتها للوصول إلى هدف الـ20 مليون سائح بحلول عام 2020.

ويضيف: «هذا يعني التركيز على الترفيه والبنية التحتية وكذلك على رحلات خطوط الطيران الأقل تكلفة ورحلات الطيران الجماعية».

فلل سكنية

وتستطيع الحكومة أن تنظر في السماح للفلل السكنية بالتكيف بحيث تصبح ممتلكات تحتوي على غرف نوم وتقديم الإفطار للسياح، الأمر الذي يزيد من السعة الفندقية دون الاصطدام بالقيود المتمثلة في زيادة تكلفة الأراضي.

ووفقا لشارب: «السياح في قطاع السوق المتوسطة يريدون سريراً مريحاً وفندقاً نظيفاً ومأموناً». ويتابع: «الترفيه بحاجة إلى أن يكون بمقدور الناس كذلك الوصول إلى مجمعات التسوق ومناطق الترفيه العائلية – وكيفية ترتيب هذه الأمور من حيث الموقع أمر بالغ الأهمية».

ويقول المري: «الحفاظ على أماكن الجذب الأساسية مثل امتداد كيلومترات من الشاطئ العام المحبب للسياح، مع إقامة الناس في الفنادق والشقق البعيدة عن الشاطئ، هي طريقة من الطرق التي تأمل دبي من خلالها تقوية وضعها».

متنزهات ترفيهية

وتم الإعلان عن ستة مشاريع لمتنزهات مخصصة للترفيه في أواخر العام الماضي. ويلاحظ شارب أن الكثير من المتنزهات تخسر من الناحية المالية، ولذلك على شركات التطوير أن تربط العقارات بهذه المشاريع، كما هو شائع في أميركا الشمالية.

ويضيف: «تستطيع دبي أن تستخدم الأنموذج نفسه، لكنها بحاجة إلى تخطيط وعملية تفكير».

وترد الحكومة على ذلك بقولها إن أماكن الجذب الجديدة المخطط لها ستعمل على المحافظة على نمو السياحة وذلك بتشجيع المسافرين عبر مطارها (الذين بلغ عددهم في السنة الماضية أكثر من 58 مليون راكب قدموا إلى ثاني أكثر المطارات حركة في العالم) بالتوقف في الإمارات.

ولأن الزيادة المتوقعة في عدد الغرف الفندقية التي ستصل إلى 50 ألف غرفة خلال العقد المقبل لاستيعاب الزيادة في السياحة، يقول المري إنه سيتم بناء فنادق قليلة التكلفة إلى جانب مؤسسات الخمس نجوم. مثلا، تخطط مجموعة هيلتون لمضاعفة عدد فنادقها في المنطقة لتصل إلى 120 فندقا بحلول عام 2015، وهي تتأهب الآن لافتتاح فندقين في دبي هذه السنة.

* (فايننشال تايمز)