صاحب أول متحف لمقتنيات الكعبة بالقاهرة د. محمد عبدالوهاب لـ الجريدة.: «متحف الكعبة»... تاريخ يرصد أهم بقعة في الأرض
رسائل للرسول وسيف صحابي وأجزاء من الكسوة... أبرز المقتنيات
من فرط عشقه لبيت الله الحرام والكعبة المشرفة، أسس أستاذ إدارة الأعمال في جامعة بنسلفانيا الأميركية د.محمد عبدالوهاب أول متحف خاص بمقتنيات الكعبة في القاهرة، يضم أندر النسخ الأصلية لرسائل النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى الملوك للدخول في الإسلام، وأحجاراً نفيسة من عرش بلقيس في مملكة سبأ، والعديد من قطع كسوة الكعبة قديماً وحديثاً، فقد ظل لسنوات طويلة يجوب بلدان العالم ليجمع ما تبقى من مقتنيات لهذا المتحف. ويحكي عبدالوهاب في حواره مع "الجريدة" لحظات تواجده وقيامه بغسل الكعبة، وعلاقته بسدنة الكعبة وما يحويه متحفه الزاخر بتاريخ هذه البقعة الطاهرة، ليجعله مزاراً للمسلمين بعد وفاته.
• ما الدافع الأساسي لإنشاء متحف خاص يضم محتويات الكعبة المشرفة؟شغفي الشديد بالبحث في أغوار التاريخ ومن خلال أسفاري حول العالم، جعلني مطلعا على قصص وحكايات شعوب وحضارات قديمة ولت وبقي تاريخها، لذا أنشأت متحفاً جامعاً قمت بتقسيمه إلى أقسام، أهمها متحف مقتنيات الكعبة المشرفة لما لها من وقع طيب في نفوس جميع المسلمين، وحرصت على اقتناء جانب من أهم متعلقات الكعبة، لأجعلها أول متحف خاص لهذا الرمز الروحي العظيم.• وما هي أهم محتويات هذا المتحف؟ متحف مقتنيات الكعبة يضم العديد من القطع الأصلية التي كانت في عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم)، والعديد من قطع الأستار التي كانت تزين بها الكعبة سواء التي كانت تخرج من مصر منذ أكثر من 60 عاماً أو التي كانت تزين بها حديثاً، إلى جانب أعداد من النسخ الأصلية من الرسائل التي بعث بها الرسول الكريم إلى بعض الملوك والأمراء، وكان يحثهم فيها على الدخول في الإسلام، مثل الرسالة التي بعثها إلى الملك النجاشي والتي حصلت عليها عند زيارتي لقبر النجاشي في أثيوبيا، وأيضاً رسالة أخرى إلى كسرى ملك الفرس وثالثة إلى المقوقس كبير أقباط مصر، من المقتنيات أيضاً سيف أحد صحابة رسول الله وهو أحد المبشرين بالجنة اشتريته من أحد أحفاد هذا الصحابي، وأعتذر عن عدم ذكر اسمه لأن هذا الأمر يسبب حرجاً له، لأنه باع سيفاً بهذه القيمة، والعديد من العملات الإسلامية القديمة على مر العصور.• كم عاماً قضيتها في جمع مقتنيات هذا المتحف؟منذ صغري أهوى جمع الأشياء النادرة، وهذا المتحف جمعت مقتنياته منذ عشرات السنين ومازالت عملية البحث عن مقتنيات جديدة مستمرة، ولكن هذا المتحف له خصوصية كبيرة حيث إنني أعايش الظروف والأجواء التي كانت عليه هذه المقتنيات في الماضي، وهذا الأمر يكلفني ملايين الجنيهات من أجل شراء هذه المقتنيات الثمينة.• ماذا عن أقسام هذا المتحف؟ المتحف يضم أقساماً عدة، منها قسم أستار الكعبة وكسوتها، وبالطبع هي أجزاء من هذه الأستار وليست أستاراً كاملة، وهذه الكسوة عليها آثار الأمطار، حيث كانوا قديماً يختبئون تحتها في موسم الحج حتى ينتهي المطر، وعندما يتم تغيير الكسوة سنوياً تُقطع أجزاء منها وتُهدى للملوك والرؤساء للتبرك بها، وأنا أشتري ممن يملكون هذه الأجزاء، وهناك قسم للعملات الإسلامية القديمة سواء كانت في عهد النبي أو العصور اللاحقة عليه، وهناك أيضاً قسم يضم بعض الرماح الخاصة بالجيوش الإسلامية والحبشية، إلى جانب العديد من الصور الفوتوغرافية القديمة والنادرة للكعبة من الداخل والتي لا يمتلكها سوى ثلاثة أو أربعة أشخاص على وجه الأرض، وقسم لتراخيص النوق التي كان يمتطيها الناس في سفرهم لقضاء فريضة الحج من مصر قديماً، والعديد من الصور التي التقطت للكعبة أثناء غسلها ترجع إلى أكثر من نصف قرن، وصور للموكب حامل كسوة الكعبة الذي كان يخرج من مصر إلى المملكة.• أنت أحد الأشخاص المسموح لهم بالمشاركة في غسل الكعبة سنوياً... صف لنا هذه الأجواء؟بفضل الله شاركت في غسل الكعبة المشرفة أكثر من 12 مرة، وذلك بموافقة السلطات السعودية وسدنة الكعبة، حيث أنال هذا الشرف العظيم بدعوة منهم، لذا قمت بإعداد قسم خاص يحتوي على الأدوات التي استخدمتها في عملية الغسل خاصة الداخل مثل بعض الأقمشة، والمكنسة، وأوصيت أسرتي أن يكفنوني بعد وفاتي بهذه الأقمشة، عسى أن تكون شافعاً لي يوم القيامة، وأحتفظ بالعديد من أعواد البخور النادرة التي تبخر بها الكعبة من الداخل بعد عملية الغسل.• ومن هم «سدنة» الكعبة الذين يتولون مهام خدمة الحرم؟السدنة هم حاملو مفاتيح الكعبة والقائمون على خدمة بيت الله الحرام، وهم الذين قال عنهم الرسول: «خذوها يا بني أبي طلحة خالدة فلا ينزعها منكم إلا ظالم»، ومنهم مصعب بن عمير رضي الله عنه وكبير سدنة الكعبة حالياً الشيخ عبدالعزيز الشيبي، والذي يعتبرني أحد أبنائه، وقد أهداني جزءاً من الحجر الذي صلى عليه الرسول، وقمت بضمه إلى هذا المتحف الكريم، كما أنني صنعت منه فصاً لخاتم لا يفارق يدي.• صف لنا الأجواء التي انتابتك داخل الكعبة المشرفة من الداخل وما تحتويه؟الأجواء داخل الكعبة لا يمكن وصفها فهي حالة غريبة تتداعى معها سير السابقين منذ سيدنا إبراهيم عليه السلام إلى يومنا هذا، فقد تصاب بقشعريرة وحالة سكون ورهبة، لذا فإن الله أنعم عليّ بالصلاة بداخلها، وصليت ركعتين أسوة بالرسول (صلى الله عليه وسلم)، حين فتح مكة فقد صلى ركعتين داخل الكعبة، وكبَّر ودعا في أرجائها فالدعاء داخل الكعبة مستجاب، وللكعبة من الداخل عدة ملامح أولها من جهة اليسار وبالتحديد بين «الملتزم» والحجر الأسود يقع مكان مهم يُسمى «حطيم السيئات»، وفي هذا المكان يتم التضرع إلى الله تعالى بالدعاء، وعلى يمين الباب أيضاً يقع شكل من الرخام يشبه الصندوق يتم فيه حفظ أدوات غسل الكعبة وبعض اللفائف والأقمشة، ووسط الكعبة ثلاثة أعمدة من أجود أنواع الخشب، تُعرف بأعمدة الصحابي الجليل عبدالله بن الزبير، وتحتوي أرجاء الكعبة على ألواح أثرية منقوش عليه أسماء الخلفاء والولاة، وتؤرخ لبناء وتجديد وترميم الكعبة على مر العصور، وجميع هذه الكتابات كتبت بعد القرن السادس الهجري.• ما أغرب المواقف التي تعرضت لها أثناء جمعك لمقتنيات هذا المتحف؟رحلة البحث والسفر والتجوال كلها مليئة بالمواقف التي لا تعد ولا تحصى، لكن من المواقف التي لا تُنسى عندما سمعت عن شخص صيني يملك قطعاً من أستار الكعبة، فسافرت إلى الصين لأقابله، ولكن للأسف ظللت أبحث عنه أياماً طويلة دون العثور عليه وفي الأخير رجعت إلى مصر دون أن أقابله، وبالتالي لم أحصل على هذه المقتنيات العظيمة، فقد كنت على أتم الاستعداد لشراء هذه القطع مقابل أي ثمن، وذلك في سبيل ضمها إلى متحف الكعبة الشريفة.