الديمقراطية في مصر إلى الوراء
![بروجيكت سنديكيت](https://www.aljarida.com/uploads/authors/176_1682431716.jpg)
ويشير تدخل المملكة العربية السعودية في مصر إلى صدع جديد ربما ينشأ بين الدول العربية، بالتوازي مع الصدع الشيعي السُنّي، حيث جماعة "الإخوان" على جانب والممالك السنية والأنظمة العلمانية العسكرية على الجانب الآخر. وإذا كان الأمر كذلك، فإن آفاق الديمقراطية في مصر لم تأفل فحسب؛ بل ربما قضي عليها بالكامل في الأرجح.وربما تفسر حالة عدم اليقين هذه جزئياً التردد في اتخاذ أي قرارات سياسية حاسمة مصر، فحتى الآن، رفضت الولايات المتحدة اعتبار الإطاحة بمرسي انقلاباً، وبالتالي تجنبت الالتزام القانوني المحلي بوقف المساعدات الاقتصادية والعسكرية في حين تدرس إدارة الرئيس باراك أوباما الخيارات المتاحة لها. وقد فسر جاي كارني، المتحدث الإعلامي باسم البيت الأبيض أن العلاقات الأميركية مع مصر "مرتبطة بشكل وثيق بالدعم الأميركي لتطلعات الشعب المصري للديمقراطية، ومستقبل اقتصادي وسياسي أفضل". والترجمة هي: أي قرار يتعلق بسياسة الولايات المتحدة في التعامل مع مصر سيكون مبنياً على أهداف السياسة الخارجية الأميركية، والكونغرس، وقوانين الولايات المتحدة. ولكن بالاستمرار في تقديم المساعدات لمصر وإهمال فرض أي مطالب ملموسة على القيادة العسكرية الجديدة في مصر، فإن الولايات المتحدة تكون قد قبلت الانقلاب ضمنياً، الأمر الذي جعل مصر تبدو وكأنها "جمهورية موز". ومثل هذه الصورة من غير الممكن أن تكون مفيدة في تعزيز استقرار وانفتاح مصر التي تريد لها الولايات المتحدة أن تكون حجر الزاوية للاستقرار الإقليمي. ونظراً لهشاشة موقف الجيش المصري، وغموض سياسة الولايات المتحدة في مصر، فإن "الإخوان" ربما يختارون الآن الانتظار بصبر تحيناً للفرصة لاستعادة السيطرة على الحكم في مصر، ولكن التزامهم بمبادئ الديمقراطية قد يضعف إلى حد خطير، وإنني لأرجو ألا يعكس التصريح الأخير الذي ألقاه نائب رئيس الجناح السياسي لجماعة "الإخوان"- "هل تعرفون كم من الناس ماتوا في بناء الأهرامات؟ وكم منهم ماتوا في حفر قناة السويس؟"- استعداد جماعة "الإخوان" لقبول أكثر المستويات تطرفاً من التضحية من أجل تحقيق أهدافها.إن المخاطر عالية بالنسبة إلى مصر، والواقع أن الشيخ أحمد الطيب، الإمام الأكبر للأزهر (المقر الرئيسي لتعليم السُنّة المسلمين من أنحاء العالم المختلفة)، حذر من حرب أهلية وشيكة، ويتوقف صدق توقعات الطيب على من ستكون له الكلمة الأخيرة في عملية تحول مصر: المؤسسة العسكرية، أو جماعة "الإخوان"، أو قوة سياسية مثل حزب النور السلفي، الذي فاز بربع الأصوات في الانتخابات الأخيرة وأيد الانقلاب العسكري ضد مرسي.إن الديمقراطية هي أولى ضحايا سقوط مرسي، والسؤال الآن هو ما إذا كانت الانقسامات الاجتماعية التي أحدثها الانقلاب- في مصر والعالمي العربي- ستكون أعمق من أن يصبح في الإمكان إصلاحها باتباع أي مسار ديمقراطي في المستقبل المنظور؟* جاسوانت سنغ، شغل مناصب وزير المالية والخارجية والدفاع في الهند سابقا، وهو مؤلف كتاب «جناح: الهند ــ التقسيم ــ الاستقلال»، وكتاب «الهند في خطر: أخطاء وأوهام ومصائب السياسة الأمنية».«بروجيكت سنديكيت» بالاتفاق مع «الجريدة»