رغم نفي الحكومة سابقاً نيتها زيادة رسوم الخدمات الحالية وفرض رسوم جديدة، فإن وزير المالية عاد وأكد من جديد تصميم الحكومة على زيادة الرسوم الحالية، وفرض أخرى جديدة تحت حجة مستهلكة، وهي "زيادة الإيرادات الناتجة عنها لزيادة العائدات غير النفطية"! كما جاء في خطابه الموجّه إلى "جميع الوزراء ورؤساء المؤسسات والهيئات الحكومية يطلب فيه تزويد وزارته باقتراحات تتعلق بزيادة رسوم الخدمات الحالية"... الذي أشارت إليه "الجريدة" في عددها الصادر بتاريخ 4 مايو 2013.

Ad

لا جدال هنا، كما ذكرنا غير مرة، في أن الميزانية العامة للدولة تعاني اختلالات هيكلية؛ سببها الأول سوء الإدارة العامة وليس المواطن العادي الذي تنوي الحكومة تحميله تبعات إدارتها السيئة للمالية العامة للدولة.

ولا جدال أيضا أن تنمية الإيرادات غير النفطية يعتبر أمراً ضرورياً وملحاً لإصلاح اختلالات الموازنة العامة للدولة، لكن السؤال الذي يعيد نفسه هنا هو مِمَن ستؤخذ الرسوم؟ ولمن ستوجّه؟ هل ستؤخذ من ذوي الدخول المحدودة والمتوسطة لكي توجه إلى مصلحة أصحاب رؤوس الأموال الضخمة كما هو التوجه العام للميزانية العامة للدولة حالياً؟!

إن كان الهدف فعلاً هو "زيادة الإيرادات غير النفطية"، فإنه من الأجدى مالياً البدء بإعادة تسعير أراضي الدولة الممتدة على طول الشريط الساحلي "الواجهة البحرية"، وفي منطقتي الشويخ الصناعية والري وغيرهما من المناطق التي تسمى "حرفية وخدمية وتجارية" من جهة، وإعادة طرح الأراضي الجديدة على الواجهة البحرية وغيرها بالمزاد العلني من جهة أخرى، حيث إن ذلك سيضمن إيرادات مالية ضخمة للغاية ودائمة للمالية العامة؟!

ثم ماذا نسمي عملية تقنين التعدي على أملاك الدولة وأراضيها ومخالفة التراخيص التجارية والصناعية و"شرعنة" مخالفات المناقصات الكبرى؟! أليس ذلك حرماناً للميزانية العامة للدولة من إيرادات غير نفطية ضخمة ومستمرة؟!

لقد عجزت الحكومة، كما تبين التقارير السنوية لديوان المحاسبة من ناحية، وصحيفة الاستجواب المقدم العام الماضي لوزير المالية الذي استقال على إثرها من ناحية أخرى، عن وقف هدر المال العام ومحاسبة المسؤولين عن المخالفات المالية الصارخة، ما أدى إلى حرمان الخزينة العامة للدولة من إيرادات "غير نفطية" ضخمة، لذلك فلا نجد تفسيراً منطقياً لسياسة الحكومة حالياً بزيادة الرسوم وفرض رسوم جديدة على السلع والخدمات العامة من أجل "زيادة الإيرادات غير النفطية" كما تدعى، لأنها سياسة اقتصادية غير رشيدة ومنحازة سيكون لها تبعات اجتماعية وسياسية سيئة للغاية!