انتهى المؤتمر الدولي للدول المانحة لسورية في الكويت بنتائج متوقعة. فمن حيث الشكل، كان المؤتمر ناجحاً، حيث غطت حصيلة "التعهدات" المبلغ التقديري للاحتياجات الإنسانية، وهو 1.5 مليار دولار. وسيتم توزيعه، افتراضياً بالطبع، بواقع مليار دولار للاجئين السوريين في الخارج، حيث يزيد عددهم على 600 ألف لاجئ موزعين بشكل أساسي بين 3 دول هي: تركيا والأردن ولبنان. كما سيتم تخصيص 519 مليون دولار لحوالي 3.5 ملايين إنسان داخل سورية، سواء تحت سلطة المعارضة المسلحة أم تحت سلطة النظام، منهم أكثر من 1.2 مليون، مهجرين داخلياً، والباقي في حالة إنسانية صعبة. أي أن المبلغ الأكبر سيتم تخصيصه للعدد الأقل، وهو منطق معكوس، ولا يمكن فهمه إلا في إطار الحلول السياسية المطروحة.

Ad

هناك في المقابل معضلة إدارية ذات بعد سياسي، وهي عدم تحديد كيفية وآلية صرف تلك الأموال، وإن كانت الخبرات السابقة لمؤتمرات الدول المانحة تفيد بأن الأمم المتحدة تحصل على ما لا يزيد على 10 في المئة مما يتم دفعه من التعهدات.

ومن المقرر أن يتم تعزيز مناطق اللاجئين خارج سورية، وبالذات الشمال، مما سيزيد من النزوح إليها وتحويلها إلى منطقة جاذبة، وهو ما قد يطيل أمد الأزمة الإنسانية وتبعاتها السياسية، وقد تتحول المنطقة الشمالية إلى نقطة انطلاق لحملة عسكرية قادمة على غرار بنغازي ليبيا.

الوضع على الأرض لا يبدو أنه يشهد تغيرات كبيرة، فالمعارضة المسلحة يبلغ عددها قرابة الـ٢١ فصيلاً، وهي تحصل على السلاح من مصادر متنوعة، متضادة أحياناً، وحتى اللحظة، لم ينجح أحد في توحيد القيادة العسكرية، وفي أغلب الحالات تعبر تلك الفصائل عن وحدات مناطقية. مقابل ذلك فالنظام السوري لا يبدو أنه يجد صعوبة في الحصول على السلاح من إيران، مع استمراره في القصف العشوائي للأحياء المدنية في مواجهته لحرب العصابات. الضخ الإقليمي حتى الآن هو المؤثر، والصراع السوري مرهون بتوازنات وتسويات إقليمية ذات ارتباطات دولية، وحالما تتغير المعادلة الإقليمية الدولية فستتغير المواقع على الأرض، فقد أصبح البعد المحلي في النزاع السوري ضعيفاً، وتحول إلى نزاع إقليمي بامتياز.

ومما يؤسف له أن القراءة الموضوعية للنزاع توحي بأنه مستمر لبعض الوقت، وإن لم تتغير المعطيات، والتفاهمات الإقليمية، ومن واقع خبرة عميقة في الحالة الصومالية، ودون الدخول في التفاصيل، فقد نشهد صوماليا أخرى بنكهة سورية، وهو ما لا نتمناه، فلنتحوط للأسوأ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.