أنهى توقيع أوباما قانون رفع سقف الدين الحكومي أسبوعين من الشلل الجزئي الذي أصاب الإدارة الفدرالية بسبب إخفاق النواب الأميركيين في التوصل إلى اتفاق بشأن سقف الدين العام، مما تسبب في تسريح مؤقت لعشرات الآلاف من موظفي الحكومة.

Ad

وقع الرئيس الأميركي باراك أوباما قانون رفع سقف الدين الحكومي بعدما أقره الكونغرس بمجلسيه، ودعا جميع الموظفين الفدراليين الذين أجبروا على التوقف عن أعمالهم إلى العودة إلى مناصبهم بداية من صباح امس الخميس.

وأنهى توقيع أوباما على القانون أسبوعين من الشلل الجزئي الذي أصاب الإدارة الفدرالية بسبب إخفاق النواب الأميركيين في التوصل إلى اتفاق بشأن سقف الدين العام، مما تسبب في تسريح مؤقت لعشرات الآلاف من موظفي الحكومة الاتحادية في أنحاء البلاد منذ بداية الشهر الجاري، مما أثر في كثير من القطاعات الخدمية.

وقبل توقيعه القانون، قال أوباما إن ثمة عملاً كثيراً لا بد من القيام به، وطالب باستعادة ثقة الشعب الأميركي، وأوضح أنه مستعد للعمل مع أي كان بشأن أي فكرة تساهم في نمو الاقتصاد الأميركي وخلق الوظائف الجديدة وتقوية الطبقة المتوسطة وترتيب القضايا المالية على المدى الطويل.

وأعرب الرئيس الأميركي عن قناعته بأن بإمكان الديمقراطيين والجمهوريين أن يعملوا معاً بغية تقدم أميركا، مؤكدا أن الفرصة متاحة الآن «للتركيز على ميزانية مسؤولة وعادلة وتساعد الأشخاص المجدين في مختلف أنحاء الولايات المتحدة»، وعبر عن أمله في التخلي عن العمل بالأزمات.

موافقة الكونغرس

وأقر الكونغرس الأميركي بمجلسيه فجر امس الخميس مشروع قانون رفع سقف الدين المقدر بـ16.7 تريليون دولار، ووافق مجلس النواب على مشروع القانون الذي يجنب أميركا تعطل مؤسسات الحكومة الاتحادية بأغلبية 285 صوتا مقابل 144.

ودعم الديمقراطيون في مجلس النواب بالإجماع النص مع دعم من بعض الجمهوريين. وقد صوت مع ذلك حوالي ثلثي الجمهوريين ضد النص مما يشير إلى عمق الخلافات داخل حزب رئيس المجلس جون بوينر.

وقبل تصويت مجلس النواب بساعة أقر مجلس الشيوخ بأغلبية 81 صوتا القانون الذي يرفع سقف الدين الأميركي ويعيد فتح الحكومة، مقابل 18 فقط صوتوا ضده.

وقبل ساعات من الموعد النهائي لعجز الحكومة عن سداد استحقاقاتها، رفع القانون الذي وقع عليه الكونغرس سقف دين الولايات المتحدة حتى السابع من فبراير القادم بعد تبني مجلس النواب نصا يستبعد خطر عدم الدفع. وينص القانون الجديد على إعادة فتح تام للدوائر الحكومية حتى 15 يناير المقبل، وتشكيل لجنة لبحث ميزانية عام 2014 طلب منها أن تنهي أعمالها قبل 13 ديسمبر القادم.

وقد اتفق في القانون الذي أقر في مجلس الشيوخ على دفع الرواتب بأثر رجعي لمئات آلاف الموظفين العاطلين عن العمل تقنيا منذ الأول من أكتوبر الجاري بسبب الشلل الحكومي. ونص القانون على دفع رواتب الموظفين الذين اعتبرتهم الإدارة غير أساسيين ومنعوا من العمل. ومن دون مادة تنص على دفع رواتبهم بأثر رجعي، كان هؤلاء الموظفون سيخسرون نصف شهر من راتبهم.

أهمية الاقتصاد الأميركي

وسمح تخلي الجمهوريين عن ربط الموافقة على القانون بإعادة النظر في قانون الرعاية الصحية للرئيس أوباما في التوصل إلى اتفاق امس.

واعتبر وزير الخزانة الأميركي جاكوب ليو أن الاتفاق على رفع سقف الدين وإعادة فتح الحكومة يعزز «الثقة الكاملة» في الولايات المتحدة، وأوضح في بيان أن «الولايات المتحدة هي مرتكز النظام المالي الدولي وعملة الاحتياط العالمية».

وكانت وكالة فيتش الائتمانية أعلنت الثلاثاء تسريع خطواتها باتجاه احتمال تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، في ظل الأزمة المستمرة التي تشهدها إثر شلل الميزانية.

وتلقى الاقتصاد الأميركي ضربة في ظل حالة الشلل التي يعيشها وتوقف عمل الحكومة بسبب النزاع حول سقف الدين الجديد والميزانية، إذ أعلنت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني وضع واشنطن قيد المراجعة مع إمكانية تخفيض تصنيفها الائتماني، محذرة من تداعيات الأزمة على وضع الدولار في العالم.

وذكرت الوكالة في بيان لها أنها وضعت الولايات المتحدة على قائمة المراقبة السلبية مع احتمال تخفيض تصنيفها الائتماني في ظل فشل الكونغرس في التوصل إلى اتفاق لرفع سقف ديون البلاد، مضيفة أنها على ثقة بالتوصل إلى اتفاق لرفع سقف الدين، غير أن الخلاف السياسي وتراجع مرونة التمويل يمكن أن يزيدا من خطر عجز واشنطن عن سداد ديونها.

دور الدولار الأميركي

وحذرت الوكالة من حصول تأخير في تسديد المدفوعات الأميركية، وإمكانية أن يضر ذلك بملاءة الائتمان الأميركي واقتصاد الولايات المتحدة ككل، مضيفة أن هذه الأزمة التي سبق أن وقعت عام 2011: «تهدد بزعزعة الثقة بدور الدولار الأميركي كعملة احتياط أساسية في العالم وبفعالية الحكومية الأميركية ومؤسساتها الدستورية».

من جانبه، قال ناطق باسم وزارة الخزينة الأميركية لـ»سي إن إن» إن قرار «فيتش» يعكس مدى ضرورة تحرك الكونغرس لإبعاد الخطر الذي يتهدد الاقتصاد الأمريكي.

يشار إلى أن وكالة «فيتش» تمنح الولايات المتحدة حاليا أعلى التصنيفات الممكنة عند مستوى AAA، وهو التصنيف نفسه الذي تمنحه إياها وكالة «موديز» في حين كانت وكالة التصنيف العالمية الثالثة «ستاندرد أند بورز» قد أقدمت منذ عام 2011 على خطوة غير مسبوقة بتخفيض تصنيف واشنطن إلى مستوى AA+.

أوباما: على النواب استعادة الثقة

أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس الأول الأربعاء أنه يتوجب على النواب استعادة «ثقة» الأميركيين بعد أسبوعين من المواجهات السياسية في واشنطن، معربا عن رغبته في التوقف عن الحكم «من أزمة إلى أزمة».

وفي كلمة مقتضبة من البيت الأبيض، أشاد أوباما أيضاً بالاتفاق حول الميزانية الذي يتم تبنيه في الكونغرس، ووعد بإقرار مشروع القانون هذا فور التصويت عليه.

سقف الدين

يبلغ سقف الدين العام للولايات المتحدة 16.7 تريليون دولار، فيما تتوزع هذه الديون على غالبية دول العالم التي تحمل سندات خزانة أميركية، إلا أن الصين هي أكبر حامل لهذه السندات بقيمة إجمالية تصل الى 1.3 تريليون دولار، تليها اليابان التي تحمل سندات أميركية بقيمة 1.2 تريليون دولار، أما دول الخليج فهي تحمل سندات أميركية بقيمة إجمالية تتجاوز ربع تريليون دولار أميركي.

يُشار إلى أن الخزانة الأميركية لها الحق في الاستدانة لتمويل عجز الميزانية ضمن سقف دين يضعه الكونغرس منذ عام 1940، وتم رفعة منذ ذلك الحين 94 مرة.

وتشير أرقام «الفدرالي» إلى أن 2.8 تريليون دولار من السندات الأميركية تستخدم كضمانة لعمليات الاقراض بين البنوك المعروفة باتفاقيات إعادة الشراء، وأي تعثر في السداد قد يغلق النافذة الحيوية لسيولة القطاع المصرفي، إضافة إلى أن التعثر قد يوقف ذلك عمليات إقراض الفدرالي الاستثنائية للبنوك لأنه لا يمكن أن يقبل سندات متعثرة كضمان.

يشار الى أن صناديق أسواق النقد تستثمر في سندات الخزانة قصيرة الأجل، وهو ما يعرض أموال الملايين للخطر.

وهناك تخوف من التداعيات السلبية المتوقع أن نراها على الدولار وأسواق الأسهم العالمية التي خسرت 6 تريليونات دولار من قيمتها قبل اتفاق الكونغرس في آخر لحظة لتفادي التعثر عام 2011. أما عالمياً فأزمة 2008 علمتنا أن تداعيات هذه الأحداث تنتشر بسرعة قياسية خاصة أن نصف السندات الاميركية محمولة من قبل الدول والبنوك المركزية ومستثمرين أجانب.

الحكومة تأمر موظفيها بالعودة إلى العمل

تحرك البيت الأبيض سريعا في ساعة مبكرة من صباح امس الخميس لاستئناف عمل الحكومة الأميركية بعد 16 يوما من التوقف وأصدر أوامره لمئات الآلاف من الموظفين بالعودة إلى أعمالهم.

وأصدرت مديرة الموازنة في البيت الأبيض  سيلفيا ماثيوز بورويل مرسوما بعودة الموظفين للعمل وذلك بعد دقائق من توقيع الرئيس باراك اوباما تشريعا يكفل تفادي تخلف الحكومة عن سداد ديونها وإعادة فتح مؤسسات اتحادية أغلقت منذ أول أكتوبر.

وقالت بورويل إنه في الأيام المقبلة سيعمل البيت الأبيض عن كثب مع الادارات والوكالات لضمان العودة للتشغيل الكامل بأقصى قدر ممكن من السلاسة.

حقنة مخدرة واتفاق ترقيع

«حقنة مخدرة» جنّبت الولايات المتحدة الانهيار الاقتصادي الذي كان يُفترض حدوثه صباح السابع عشر من أكتوبر، حيث تم الاتفاق على رفع سقف الديون الأميركية وإعادة تشغيل الحكومة الفدرالية، وهو الاتفاق الذي وصفه محلل اقتصادي تحدث لـ«العربية نت» بأنه «اتفاق ترقيع» وليس حلاً للأزمة.

ووصف الخبير الاقتصادي رئيس قسم التداولات في «ساكسو بنك»، ياسر الرواشدة، الاتفاق بأنه مجرد «حقنة تخدير»، أو أنه «اتفاق ترقيع»، مشيراً إلى أنه «لا يتضمن أي حل للأزمة الأميركية وإنما هو عملية تأجيل لها إلى عدة شهور مقبلة».

وقال الرواشدة لـ»العربية نت» إن هذا الاتفاق «لا يمكن اعتباره خبراً إيجابياً، وإنما هو سلبي بامتياز، حيث يدل على أن الأزمة مستمرة وإنما تم الاتفاق على تأجيلها فقط، ولمدة بسيطة أيضاً، حتى فبراير المقبل».

وبحسب الرواشدة فإن «الشيء الإيجابي الوحيد في الأزمة أنها تجنّب العالم الانهيار وتعطي أطراف الخلاف في الولايات المتحدة مزيداً من الوقت للبحث عن مخرج أو التوصل الى تقارب في وجهات النظر».

ويؤكد الرواشدة أن تأجيل الأزمة بهذه الطريقة، ومنح الحكومة مدة زمنية قصيرة بشأن رفع سقف الدين وإعادة تشغيل المكاتب الفدرالية إنما يؤدي الى زعزعة ثقة المستهلك وثقة المستثمر في آن واحد، بما يؤثر سلباً على أداء الاقتصاد الأميركي، مشيراً الى أن «المستهلكين يمثلون 70 في المئة من الاقتصاد الأميركي».

وكان العالم قد حبس أنفاسه منذ عدة أيام مترقباً ما يجري في الولايات المتحدة، حيث سيمثل التعثر الأميركي عن سداد الديون بداية أزمة اقتصادية كارثية للعالم، إذ يمثل الاقتصاد الأميركي أكبر الاقتصادات في العالم وثلث الاقتصاد العالمي.

(العربية نت)