لقطع دابر الفتنة وبسرعة قبل أنْ تأخذ الأحداث التي تشهدها مصر طابع إلقاء شبان من الإخوان المسلمين ثلاثة من زملائهم من مؤيدي المعارضة المصرية ومؤيدي إطاحة الرئيس المخلوع محمد مرسي، من فوق سطح بناية في الإسكندرية فإنه لابد من الإسراع، بقدر الإمكان وبعيداً عن ضغط حرق المراحل، في إجراء انتخابات "برلمانية" تشريعية وانتخابات رئاسية من الضروري مشاركة الإسلامويين فيها، لتبتعد بعد ذلك القوات المسلحة عن الواجهة السياسية وتتفرغ لمهامها الوطنية المعروفة.
لا أكثر ما يبعث على الغثيان والقشعريرة منْ أن ينهال شبان من الإخوان المسلمين على زملائهم من المؤيدين لإقصاء محمد مرسي بالضرب والطعن بالأمواس والسكاكين بعد رميهم من فوق سطوح بناياتٍ مرتفعة، إلا ذلك المشهد المرعب عندما نفذت حركة "حماس" انقلابها الشهير في عام 2007 على السلطة الوطنية، وقام "مجاهدوها" الأشاوس بإلقاء محازبي حركة "فتح" من فوق بنايات بارتفاع ستة طوابق... والحجة أنهم يريدون دخول الجنة بالتخلص من "كفرة وملحدين وعملاء للعدو الصهيوني!".إن هذا المنطق المرعب هو السائد الآن في مصر، حيث ترتكز مواقف الإخوان المسلمين، شيباً وشباناً، على أطروحات ومفاهيم سيد قطب التي تعتبر المجتمع المصري، وبالطبع معظم المجتمعات العربية والإسلامية، مجتمعاً جاهلياً، والتي تجيز على هذا الأساس ما تسميه: "التكفير والهجرة" وهذا هو ما جعل شباناً في أعمار الورود، إنْ في الإسكندرية وإنْ قبل ذلك في غزة، يقذفون بزملاء لهم لا يتفقون معهم في الرأي من فوق سطوح البنايات المرتفعة، ثم عندما يصلون إلى الأرض ينهالون عليهم رفساً وضرباً وطعناً بـ"المديِّ" والسكاكين وفقاً لما تناقلته شاشات العديد من المحطات الفضائية.وها هو الشحن "الجهادي"، وفقاً لأفكار سيد قطب، رحمه الله، الذي كان بذر بذور العنف والإرهاب الذي ضرب مصر في سنوات سابقة، وأدى إلى ما أدى إليه من إزهاق أرواح بريئة، ومن دمار وخراب، ينتعش مجدداً من خلال فتاوى الشيخ يوسف القرضاوي، وخطب المرشد العام محمد بديع، وزمجرات عصام العريان، وتهديد ووعيد محمد البلتاجي، مما يستدعي تقصير فترة المرحلة الانتقالية بقدر الإمكان، والعودة بسرعة إلى صناديق التصويت والاقتراع، ووضع المسيرة السياسية مجدداً على طريق الديمقراطية الصحيحة بعد انحرافات السنة الأخيرة التي اضطرت القوات المسلحة، تحت إلحاح الملايين التي نزلت إلى الساحات العامة والشوارع، إلى ما يعتبر أبغض الحلال والقيام بهذا الواجب الوطني المقدس الذي قامت به.إنه لابد من قطع دابر الفتنة أولاً بالانفتاح انفتاحاً فعلياً وحقيقياً على معتدلي ووسطيي الإخوان المسلمين وحركة الإسلام السياسي كلها، وإقناعها بضرورة المشاركة وضرورة قطع الطريق على الذين يدفعون مصر دفعاً إلى العنف وعدم الاستقرار، وثانياً بالإسراع بتشكيل حكومة كفاءات انتقالية تكون بقدر الإمكان ممثلة لمعظم الاتجاهات السياسية الفاعلة، وثالثاً بالإسراع في إنجاز كل القوانين والتشريعات المطلوبة لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في أقرب فرصة ممكنة.لقد بات واضحاً أن القوات المسلحة لم تلجأ إلى ما قد يعتبر "أبغض الحلال" إلا بعدما تأكدت وباليقين القاطع أن مصر بعد سنة من حكم الإخوان المسلمين باتت ذاهبة إلى الانهيار، وأن "هؤلاء" قد استهدفوا كل كيانات الدولة بدءاً بالقضاء مروراً بالجيش المصري والأجهزة الأمنية وصولاً إلى الإعلام وإلى الاقتصاد... لكن ومع ذلك فإنه لابد من السعي الجاد لاستيعاب معتدلي هذه "الجماعة" واستيعاب معتدلي حزبها حزب الحرية والعدالة، وأيضاً أنه لابد من محاصرة "تكفيرييها" بالمزيد من العقلانية والابتعاد عن معاجلة العنف بالعنف، فمصر الآن بحاجة إلى العقلانية والاستقرار، وبحاجة إلى "تنفيس" المتطرفين من أصحاب الرؤوس الحامية وتحاشي الصدام معهم.
أخر كلام
مصر... هذا هو المطلوب!
08-07-2013