وعاد القمر... مجدداً
كنت أستلقي كل ليلةومن نافذة غرفتي الواسعة
أتطلع إلى الفضاء الفسيحأتواصل مع القمرأحكي له أسراريكنت دائماً ما أترك نافذتي مفتوحةوعندما أنام وفي مخيلتي صورة القمر الفضيأشعر وكأنني أحتضن الكونلا شك أن الإنسان الكونيأقوى من إنسان بلا بعد كونيهو إنسان أقرب إلى حقيقته الإنسانيةأقرب إلى فطرتهاعتدت على هذا التواصل منذ زمن بعيدمن قبل أن أولدوفي يوم بلا صباحتم هدم البيوت الصغيرة التي تحيط بمنزليخرجت من الأنقاض قطة سوداءقفزت على حافة النافذةورفضت النزولوعلى أنقاض أحلاميتم بناء عمارتين شاهقتينحجبتا السماء عن ناظريوحين كان البناء يعلو بسرعة كبيرةكانت القطة ترميني بنظرات ثاقبةوكان ضوء القمر يضمحلفاقداً لمعته الفضيةطلبت كوباً من الشايوفجأة ضاع القمرضاع القمر بين عمارتين من الأسمنتسدت العمارات العالية السماءأصبح لا معنى أن تنظر للسماءإذ لا سماء هناكووجدتني مضطراً للنظر للأسفلوضاع بصري بحثاً عن موطئ قدمعليك لكي تخطوأن تنظر إلى الأرضحتى لا تسقط فما أكثر الحفر هذه الأيامقمت من رقدتيوطردت القطة السوداءثم قمت بعمل فتحة في الجدار المقابل للنافذةظنت زوجتي أنني فقدت عقليلم تعترض وتركتني أستكمل فتحة الجدارلم أشرب الشاي الذي أعدته وفجأة، رأيت القمرفي فجوة سماوية بين العمارتيناستطعت أن أراه من فتحة الجدارتراك أين كنت أيها الحالم الفضيماذا ضيعك مناأو بالأصح ماذا ضيعنا منكضعنا تماماً في تفاصيل حياتنا اليوميةالصغيرة المستمرة والتافهة التي نغرق فيها وتغرقناويخيل لنا أن كل شيء قد انتهى إلى لاشيءنعم رأيت القمر كان هذا حدثاًمخنوقاً لا يهمكالح الضوء لا يهمنعم رأيت معشوق الروحالمخنوق بالقبح العصريلقد كنت محقاًالقيامة إذن لم تكن قد قامتوستختفي البنايات الشاهقةيوماً ويبقي القمروترى السماءوتكون قادراً على أن تحلموها هو القمرها هو وجهه يذكركبأنك إنسانتقف شامخاً ترى قمركرغم غابات الأسمنترغم الظلامرفرفت في صدري أجنحة عصفورزقزق في قلبيبأغنية الأمل