في 26 سبتمبر 2004 أعلن خبر استشهاد الفنان الملحن عبدالله الراشد الذي أسرته القوات العراقية الغازية في 30 يناير 1991 أثناء احتلالها الغادر لأرض الكويت، وقبل أسابيع من اندحارها.

Ad

 في المناسبة الأليمة قال ابنه سعود: {شهادة والدي فخر لنا واعتزاز لأسرته ولجميع أقاربه}، مضيفاً أن والده عاش حياته وطنياً عاشقاً لتراب الكويت، وأسر من قبل القوات الغازية أثناء تلحينه عملاً وطنياً.

ظروف الأسر

عن ظروف أسر والده، يقول سعود اليعقوب: {بحكم أن والدي ملحن معروف، فقد كان يعدّ مع مجموعة من المبدعين، من بينهم الشاعر الشهيد فايق عبدالجليل، لتنفيذ أغنية {الصمود} الوطنية، أثناء الاحتلال، فعرفت  المخابرات العراقية الآثمة بالأمر واعتقلت والدي مع الشاعر فايق عبدالجليل، ونقل الاثنان  إلى سجن الأحداث في الكويت حيث كان الأسرى يمضون فترة قصيرة قبل ترحيلهم إلى بغداد. من ثم نُقل إلى العراق  في 30 يناير 1991.

أضاف ابن الشهيد أن العمل الوطني {الصمود} الذي ختم به الملحن الراشد حياته ومسيرته في فترة الاحتلال، نُفذ بعد الغزو العراقي الغاشم على نفقة الشيخة الدكتورة سعاد الصباح.

فنان أكاديمي

 تلقى عبدالله الراشد دراسة أكاديمية في علوم الموسيقى والغناء، وقد ساعده ذلك في رحلته الفنية، إذ أثبت قدرته وجدارته في التلحين وبرز على الساحة الغنائية في مطلع سبعينيات القرن الماضي، بعد تخرجه في معهد المعلمين- شعبة الموسيقى، فقدم ألحاناً شعبية كويتية جميلة تميّزت بالتطوير الحديث الذي راعى فيه الراشد ما كان يريده الناس في الكويت، في تلك الفترة، من ألوان غنائية شعبية جميلة، مع التركيز على تقديم الأغنية القصيرة الخفيفة،  واختيار جمل موسيقية ووضعها بطريقة تلبي أذواق الناس، وبرزت قدرته الفائقة في العزف على آلة العود.

رحلة النغم

تعاون الراشد مع فناني العالم العربي، ومن الفنانات والفنانين الذين غنوا من ألحانه: عبدالكريم عبدالقادر، نوال، فيصل الزنكوي، عبدالله الرويشد، رباب، مبارك المعتوق، عبدالمجيد عبدالقادر، مصطفى أحمد، غريد الشاطئ، يحيى أحمد، عايشة المرطة.

أبرز ما  لحن الراشد في تلك المرحلة تطوير لحن شعبي في أغنية {أمينة}  بصوت الفنان حمد السليم، فحققت نجاحاً عندما بثت للمرة الأولى، وكانت سبباً في شهرة حمد السليم، وتابعت نجاحها بعد ذلك، وما زالت تبث في الإذاعة الكويتية والتلفزيون بين حين وآخر،

سيرة ذاتية

 اسمه الكامل عبدالله راشد أحمد اليعقوب من مواليد الكويت 18 سبتمبر 1950، خريج معهد المعلمين عام 1972 وكان ترتيبه الأول على شعبته الموسيقية.

 بعد تخرجه مباشرة عمل مدرِّساً للتربية الموسيقية في وزارة التربية، ومن ثم انتقل إلى وزارة الإعلام وشغل منصب مشرف كنترول في قسم مراقبة الموسيقى، متزوج ولديه ولد سعود وخمس بنات.

شارك كعضو عامل في: جمعية المعلمين الكويتية، جمعية الفنانين الكويتيين، فرقة المسرح الشعبي، فرقة الأضواء التي شكلها مع مجموعة من الفنانين الشباب أثناء فترة الدراسة والهواية.

في بداياته الفنية كانت له مواقف وأقوال تدل على أصالته، رغم أنه كان من العناصر الشبابية آنذاك إذ قال: {فناننا الكويتي غني بالفن وألوانه الكثيرة، فثمة  أعمال شعبية وإيقاعات جميلة ولو أن الإخوان الفنانين الشباب أخذوا أعمال الفنانين الكبار أمثال سعود الراشد ومحمود الكويتي وغيرهم... فسيعطون من خلال تطويرهم لها عناصر جديدة}.

أول أغنية لحنها الراشد كانت {يا بايعني} (1973) بصوت يحيى أحمد، أحد المطربين المعروفين على الساحة الغنائية الكويتية،  وهي من كلمات سعود الرندي. بعد ذلك لحن الراشد أكثر من أغنية ناجحة، تعاون فيها مع المطربين: عباس البدري (1975) وحمد السليم ومع فنانين بارزين على الساحة الغنائية المحلية.

ثنائي غنائي

 بعد انطلاقته الغنائية شكل الراشد مع الفنان حمد السليم ثنائياً شبابياً ناجحاً وقدما أكثر من أغنية شعبية مطورة ناجحة، بالإضافة إلى أغنية {أمينة} التي تعدّ مرحلة مهمة في حياة السليم الفنية وأحد أبرز أعماله على الإطلاق.

غنى حمد السليم من ألحان الراشد: {خلي سافر وراح}، من كلمات الشاعر وليد جعفر، {قلبي يحبه} من كلمات فيصل الجليبي.

حول تعاونه مع الراشد، قال السليم في حديث له: {تعاوني مع الأخ الفنان عبدالله الراشد يرجع إلى أنه يفهم طبقة صوتي وهو نتيجة عمل دؤوب منذ سنوات. أما السبب في استمرار تعاوني معه فهو إتاحة فرصة للملحنين الآخرين لمعرفة استعدادي في الأداء والعطاء في الألوان الغنائية}.

عازف عود متميز

يعتبر عبدالله الراشد أحد أبرز العازفين على آلة العود وأكثرهم ظهوراً على الشاشة الصغيرة في التسجيلات والحفلات العامة مع المطربين، لا سيما في في المهرجانات والأسابيع الثقافية التي تقام داخل الكويت وخارجها.

ويعبر الفنان الراشد عن ذلك بقوله: {باعتقادي أن الملحن يجب أن تلازمه آلة موسيقية ليتلمس من خلالها النغمات التي يقدمها. أما عن مشاركتي في العزف مع إخواني المطربين، خصوصاً نجوم الأغنية الكويتية، فإنني أدرس نوعيات الألحان الناجحة التي يحبها الجمهور}.

المطرب القدير حسين جاسم أحد أكثر المطربين الذين عزف لهم الراشد على آلة العود، كذلك المطرب غريد الشاطئ الذي غنى من ألحان الراشد، ومن الأغاني العاطفية التي سجلها عام 1985:

{يا لله نطق الطار} من كلمات الفنان حبيب فاضل ويقول مطلعها:

يا لله نطق الطار

ونسعد هوى السمار

جاني حبيب الروح

خلي عاذلي محتار

{بنت الخليج} من كلمات حبيب فاضل ويقول فيها:

هية يا بنت الخليج

تاه قلبي في الطريق

والسبب سود العيون

ناعسات بالجنون

ملحها ملح الخليج

{سرقنا الوقت} إحدى آخر الأغنيات التي غناها غريد الشاطئ (1986) من كلمات الشاعر الغنائي فايق عبدالجليل، يقول في مطلعها:

سرقنا الوقت سرقنا

تكلمنا وخلصنا السوالف

اسوي نفسي ما أدري

وأنا العارف

ومن المطربين الشباب الذين تعاون معهم عبدالله الراشد فيصل السعد الذي غنى له أكثر من أغنية عاطفية من بينها: {أتحداك} من كلمات الشاعر الغنائي فايق عبدالجليل، {أغلى من عيوني}، {شوقي أنا}، {قلتها} يقول مطلعها:

قلتها وما حد يردك

قلتها والحق عندك

كم سمعت كم تبعتك

بس رسي الآن حدك

مبارك المعتوق الذي غنى له {لا تشتكي} من كلمات الشاعر الشهيد فايق عبدالجليل، يقول فيها:

لا تشتكي مني ولا مشتكي

شايف معاك الصمت أحلى من الكحلي

كذلك تعاون الراشد مع المطربين: عايشة المرطة التي غنت له صوت {كتمت الهوى} من كلمات الشاعر محمد الفايز، يحيى أحمد الذي غنى له {شكوت لها}، مصطفى أحمد الذي غنى له {عينيها} (1986) من كلمات الشاعر فايق عبدالجليل، يقول في مطلعها:

عينيها خلتني في بلادي غريب

من هو شاف اللي تغرب في بلاده

ومن آخر الأغنيات التي لحنها عبدالله الراشد {اسم الكويت} أغنية وطنية من كلمات الشاعر فايق عبدالجليل، غناء المطرب ابراهيم القطان، يقول فيها:

جسر الخير اسمه الكويت

بيت الخير اسمه الكويت

ياشرانته لو تميت

يوم وعشرة وما أصفيت

الكويت أهي تبقى كويت

ويحفظها الله رب البيت

 أغانٍ عاطفية

 في مجال الأغنية العاطفية غنى المطرب عبدالله بوغيث عام 1989 من ألحان عبدالله الراشد ومن كلمات الشاعر عبدالأمير عيسى أغنية يقول في مطلعها:

شريته أبغي الربح

والحقتني الخساره

هقيته أدوا للجرح

وليلي مع نهاره

مشاركات أخرى

من المشاركات الفنية المتميزة التي قدمها عبدالله الراشد تلحين أغانٍ ولوحات في مسرحيات  قدمتها {فرقة المسرح الشعبي} من بينها:

- {بيبي العجوز}، تأليف السيد حافظ، إخراج حسين المسلم، عرضت في 29 سبتمبر 1988 على خشبة مسرح الدسمة، شارك في بطولتها: أحمد الصالح، جاسم الصالح، سالم العطوان، ناجية الربيع، الطفلة عذاري، حسين المسلم، محمد الفهد وعبير الجندي. كذلك عرضت المسرحية في بغداد عام 1989 لصالح تعمير مدينة الفاو.

- {صبوحة} فكرة مصطفى بهجت، إعداد صالح البدري، إخراج أحمد مساعد، عرضت في 16 ديسمبر 1983 على مسرح كيفان، شارك فيها: أحمد الصالح، جاسم النبهان، ابراهيم الحربي، إيمان، داود حسين، جاسم الصالح، ابراهيم الصلال، مريم الصالح. بعد ذلك  قُدمت على مسرح تشوسر تياتر في لندن (15 يوليو 1985)، وفي مهرجان قرطاج للفنون المسرحية في تونس (12 نوفمبر1985).

- {سندريللا والأمير}، تأليف السيد حافظ، إخراج الفنان دخيل الدخيل، عرضت في 26 نوفمبر 1986 على مسرح كيفان، شارك فيها: أحمد الصالح، زهرة الخرجي، ابراهيم الحربي، جاسم الصالح، عبدالله السيفان، سالم العطوان.

- {رجل وامرأة} إعداد حسين المسلم وإخراجه، عرضت في {مهرجان الكويت المسرحي الأول} (أبريل 1989)، شارك فيها: ابراهيم الصلال، أحمد الصالح، عبدالناصر الزاير، هالة النجار، عبدالامام عبدالله، حسين المفيدي، رضا علي حسين، نواف الشمري ومجموعة  من الفنانين.

كذلك عرضت في {مهرجان ربيع المسرح} في المملكة المغربية (18-11 مايو 1989)، شارك فيها عناصر أخرى من بينها: مديحة ابراهيم، د. محمد هناء عبدالفتاح، كاظم القلاف، وهالة النجار...

أغنية الطفل

يحدّد عبدالله الراشد أغنية الطفل بالقول: {لا بد من أن تعتمد على إيقاعات محلية مستمدة من بيئة الطفل نفسه، وفق اللعبة التي تتحدث حولها الأغنية إذا كانت مستمدة من الألعاب الشعبية}.

من أقواله عن الأغنية الكويتية:

- لو نظرنا إلى الأغنية الكويتية القديمة لوجدنا أنها كانت تصنع صناعة بمعنى أن الكلمات كانت على مستوى جيد والألحان كويتية أصيلة، ومرجع هذا أنه لم تكن، في ذلك الوقت، تجارة للأغنية، بالإضافة إلى حب الفنانين بعضهم لبعض وتكاتفهم  فكانت الأغنية تخرج متكاملة ومتماسكة البنيان.

- الأغنية الكويتية المعاصرة منتشرة في كل مكان ومسموعة في أكثر الدول العربية.

- نعم، ثمة أصوات ظهرت على الساحة الفنية ولكن على بعضها التريث قليلاً قبل الظهور ليتسنى له صقل مواهبه، فالغناء فوق ما نتصور وعلى الفنان الجديد الناشئ أن يسلك مسلكاً معيناً، ولا بد من أن يكون صوته معبراً، ولكن البعض استعجل الظهور على الساحة الفنية ما أساء إلى الأغنية الكويتية.