«آسف»... بهذه العبارة القاطعة، رفض موظف السفارة الأميركية بالقاهرة، الموافقة على تأشيرة الزيارة، الخاصة بي، إلى الولايات المتحدة الأميركية، كمواطنة مصرية، أولاً، وقبطيَّة ثانياً، بعد أكثر من 300 يوم على حكم الرئيس المصري، القادم من خلفية إخوانية، محمد مرسي.

Ad

في الطريق إلى السفارة، تذكَّرتُ عدداً كبيراً من أبناء الأسرة والأصدقاء، الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة وكندا، تذكرتُ صديقتي «ماري»، التي تعيش في ولاية «أوهايو»، بينما جهاز الراديو في «التاكسي» الذي أستقله يذيع نبأ، على لسان البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، وبطريرك الكرازة المرقسية، يقول فيه، إن هجرة الأقباط من مصر ليست جماعيَّة، وإنما فردية، تعود إلى أسباب كثيرة، آخرها الخوف من الإسلاميين.

المشهد أمام السفارة، بدا كأنَّه مظاهرة بالملابس الدينية، أمام بوابة القنصلية بالسفارة الأميركية، عشرات من المصريين، مسلمين مُلتحين، يصطحبون نساء منتقباتٍ، وقبطيات يتحركن بصلبان كبيرة، معلقة في صدورهن المفتوحة، الجميع هنا يحلم، رغم اختلاف التوجهات، بالسفر إلى أميركا، التي اعتبرها البعض، في مصر بالتحديد، أرض الأحلام.

على عكس ما يعتقد الناس، كانت أعداد المسلمين أكثر من الأقباط، خصوصاً أمام مكتب الهجرة، بينما كان الانتظار مُملاً للجميع، على باب السفارة، وكان طبيعياً أن أسأل، الرجل ذا اللحية الطويلة، الذي يقف قبلي في طابور، الراغبين في الحصول على «تأشيرة الزيارة» لماذا تترك مصر، تحت حكم الرئيس محمد مرسي؟ فقال بنبرة أسى: «للأسف... الإنسان لا قيمة له في هذا البلد».

يتحرك الطابور ببطء، والناس ينتقلون من نافذة إلى أخرى، إلى أن ينادي موظف النافذة الأخيرة، للخضوع لـ«المقابلة الشخصية»، التي تستغرق دقيقة ونصف الدقيقة، مع أحد موظفي السفارة، أو ما يُعرف بـ«القنصل»، الذي يقدِّم للطالب أسئلة محدَّدة، عن الوظيفة والأقارب الذين في أميركا، ورغم أنني تفاءلت بحصول الملتحي الذي سبقني على التأشيرة، إلا أن كلمةً واحدةً أنهتْ هذا الحلم، نطقها القنصل في وجهي بهدوء: «آسف»... وانصرف.