الدراما المصرية تواجه نظيرتها التركية بقوة القانون
تتجه نقابة الممثلين في مصر إلى إعداد مشروع قانون لتنظيم عرض الدراما غير المصرية على القنوات الفضائية، للحدّ من غزو الدراما التركية للشاشات، رغم أن ذلك لا يدخل في عمل النقابة من الأساس، بل مجرد محاولة منها لضمان استمرار الدراما المصرية، ما أثار جدلاً واسعاً في الوسط الدرامي واختلفت الآراء بين مؤيد ومعارض.
قبل سنوات كان المشاهد المصري على موعد مع مسلسل {نور» التركي الذي حقق نجاحاً غير عادي، فتح الباب على مصراعيه أمام الدراما التركية التي زحفت إلى الشاشات المصرية مستفيدة من إعجاب المشاهدين بالصورة المتقنة والحكايات الرومنسية، بغض النظر عن النمطية والتطويل وعيوب أخرى كثيرة تشوبها.يؤكد الفنان محمد أبو داوود، سكرتير عام نقابة المهن التمثيلية، أن ما يشغل الفضائيات هو أن تملأ الخارطة البرامجية لديها وبأقل كلفة، لذا تلجأ إلى الدراما التركية لأنها أقل سعراً وتتضمن حلقات تفوق على المئة، من دون تفكير بما يسبب ذلك من ضرر على صناعة الدراما المصرية.
يشير إلى أن العملية الإنتاجية في مصر صناعة كبيرة يعتمد عليها آلاف العاملين، ومثل هذه الإجراءات لا تهدف إلى الحجر على أحد بل محاولة لتنظيم عرض المنتج الأجنبي لصالح المصري.حماية الدرامايوضح الفنان سامح الصريطي، عضو مجلس النقابة، أن الهدف من هذا المقترح حماية صناعة الدراما المصرية اقتصادياً وفنياً من أصحاب القنوات الفضائية الذين يسعون إلى الربح، غير آبهين بالآثار السلبية المترتبة عليه، بالإضافة إلى جمع الأطراف المعنية بالأزمة لبحث كيفية حلها من دون خسائر.يضيف: {طالبنا وكالات الإعلان بتوحيد سعر دقيقة الإعلان طوال العام، لأن زيادة السعر في رمضان جعلت القنوات الفضائية لا تشتري أعمالا إلا في رمضان. بالتالي، يمتنع المنتجون عن العمل طوال العام، وبعد هذا التنظيم أهلا بالدراما غير المصرية}.بدوره يأمل المنتج جمال العدل في إصدار قانون ينظم حضور الدراما غير المصرية على الشاشات، «لأن وجودها بهذا الكم يمثل خطراً علينا»، موضحاً أن {الدراما في مصر صناعة كبيرة تضم آلاف الفنانين والفنيين في المجالات كافة، ومثل هذه الإجراءات، رغم عدم قانونيتها، إلا أننا نحتاج إليها في الفترة الحالية بسبب ظروف البلد}. لا ينكر العدل أن هذه المنافسة أحد الأسباب الرئيسة التي جعلت الصورة أفضل في الدراما المصرية، لبلوغ مستوى صورة الدراما التركية.يضيف العدل أن {رخص ثمن الدراما التركية دفع أصحاب القنوات الفضائية إلى الإقبال عليها، أما الآن فسعرها بدأ يرتفع شيئاً فشيئاً إلى أن أصبح يقارب أسعار الدراما المصرية، فما الداعي لهذا الاجتياح؟}.يشير إلى أن {ثمة حلولا للحد من انتشار هذه الدراما وهو الإنتاج المشترك أو الدمج والتبادل للممثلين بين البلدين أي نصنع دراما مصرية – تركية}.{أي إجراءات للتنظيم أو التحجيم تدلّ على خوفنا}، برأي المخرج محمد فاضل مؤكداًُ أنه {لمواجهة الدراما التركية يجب إعادة التوازن إلى الدراما المصرية، بإنتاج دراما مصرية قوية وبتنشيط حركة الإنتاج من دون التحجج والتماس الأعذار}.يضيف أنه في عز نكسة 1967 أنتجت الدراما المصرية مسلسل {القاهرة والناس} في 80 حلقة، وهو أحد أهم مسلسلات الستينيات وما زال لغاية الآن، {لذا على صانعي الدراما اليوم ألا يتحججوا بظروف البلد. من الممكن تنشيط قطاعات الإنتاج، مثل قطاع الإنتاج في التلفزيون ومدينة الإنتاج الإعلامي وصوت القاهرة، كذلك يمكن لهذه القطاعات أن تشارك الكيانات الإنتاجية الخاصة في إنتاج أعمال جيدة تجذب الجمهور كما كانت تفعل في الماضي على غرار مسلسلي {ليالي الحلمية} و{رأفت الهجان}.في السياق نفسه، يؤكد السيناريست مصطفى محرم أن ابتكار قانون للتقنين أمر غير مقبول لأن المنافسة موجودة في الدراما والبقاء للأنسب والأقرب للجمهور، «ورغم أن الدراما التركية تضرّ بالدراما المصرية، إلا أننا يفترض أن نواجهها بالتفوق عليها وإنتاج مسلسلات جيدة}.يضيف: {الدراما المصرية محلك سر، لا تطور ولا موضوعات جديدة، فهي تكتب بالطريقة التي بدأت بها في أوائل التسعينيات. أما الأعمال الشبابية فعيبها أن مشاهدها طويلة والشخصيات كثيرة لعجز المخرجين عن تطوير الحدث. من السهل هذه الأيام أن تعرف نهاية العمل في منتصفه}.يعتقد محرّم أنه لو وضع مثل هذا القانون فسيضعف الدراما المصرية ولن يقويها، {لأن وجود منافس معك سيدفعك إلى صنع أعمال جيدة. ليست المسألة بالكثرة، فقد أنتجنا 60 عملاً في موسم رمضان العام الماضي وقلة نجحت}.أخيراً، ترى الناقدة ماجدة خير الله أن المشروع يدلّ على فشل الدراما المصرية والقيمين عليها في إنتاج دراما جيدة تجذب المشاهد المصري، لذا لا قيمة له، {لأن القنوات الفضائية غير ملزمة بشراء منتج سيئ لمجرد أنه مصري، والمشاهد غير مضطر إلى مشاهدة عمل سيئ وأمامه أعمال أخرى جيدة}.تطالب خير الله القيمين على صناعة الدراما بالاهتمام بالأعمال التي يقدمونها بدل تحميل فشلهم إلى أصحاب القنوات، {فالأعمال الرديئة والسيئة لا تستحق المشاهدة، المواضيع مكررة والممثلون أنفسهم في الأعمال كافة، والتصوير سيئ، لذا لم تستطع الدراما المصرية المنافسة، فقرر القيمون عليها البحث عن طريقة لعرقلة الدراما التركية وغيرها}.