تحدثت في المقال الماضي حول المعارضة وفشلها سلوكاً ومنهجاً، واليوم نتحدث- كما وعدت- عن الهدف من هذه المعارضة، وكي لا يكون الحديث عشوائياً وظنياً- ونقع في ذات خطأ المعارضة- يجب أن نثبته بالأدلة، ولن نجد دليلاً أصدق من النص الحرفي لتصريحات قادة المعارضة.

Ad

صرح الأستاذ عمرو موسى: "أنا والبرادعي نريد أن يكمل مرسي مدته، وصباحي يريد انتخابات رئاسية مبكرة"، وصرح صباحي "ما ذكره عمرو موسى بشأن الانتخابات المبكرة غير صحيح"، ولم يوضح حمدين هل كذب عمرو موسى في جزئية أنه والبرادعي يريدان أن يكمل مرسي مدته؟ أم في الجزئية الأخرى الخاصة برغبة حمدين في انتخابات مبكرة؟ أم فيهما معا؟

ولو أضفنا إلى هذه التصريحات ما ذكرته وسائل الإعلام منذ فترة- ولم ينفه عمرو موسى إلى الآن- أنه قال أثناء حضوره اجتماعات اللجنة التأسيسية للدستور قبل انسحابه "لو تم إلغاء المادة 226 (التي تنص على أن يكمل الرئيس مدته) لوافقت على الدستور".

لو جمعنا كل هذه التصريحات لأدركنا على الفور السبب الأساسي وراء الهجوم الضاري للمعارضة على الرئاسة... وسنحاول أن نكون منصفين... ونسأل لماذا؟!

لماذا أصبح وجود مرسي هو الهاجس الأكبر لقادة المعارضة، وكان السبب في كل ما نراه من عنف وتدمير؟ وهل تؤدي الرغبة في إبعاد شخص لم يستمر في الحكم أكثر من 8 أشهر إلى كل هذه العدوانية والعنف والرفض؟ ما الجريمة الكبرى والخيانة العظمى التي ارتكبها مرسي؟

بدون زعل ولا غضب، فجريمة مرسي أنه نجح في الانتخابات الرئاسية... إثمه العظيم أنه أخذ برأي الشعب في الدستور، فهل رأيتم جرائم أعظم من هذه الجرائم؟ وجريمته الاحتياطية (باعتباره مرشحا احتياطيا) أنه ينتمي إلى "الإخوان"، أما لماذا أصبح الاستماع إلى الشعب جريمة والالتزام بنتيجة الصندوق إثماً عظيماً؟ لأن السادة قادة المعارضة يؤمنون أنهم من الصفوة، بل هم صفوة الصفوة ومثقفو المجتمع، ويجب أن يسير الشعب وراءهم بلا تفكير ولا رأي، ولماذا يفكر ويكون له رأي وهم يفكرون نيابة عنه ويقررون له ما يفيده وما يضره... "هو الشعب عايز إيه أكثر من كده"؟!

وتناسى هؤلاء أنه كان لديهم أكثر من شهرين ليقنعوا الشعب- إن كانوا يحترمونه ويقدرون رأيه- برفض الدستور ويوضحوا له عيوبه وأضراره، لكنهم اكتفوا بالسباب والتنديد، ولِمَ لا، فهم الصفوة المختارة والنخبة الممتازة، وهم السادة والشعب يجب أن يسير وراءهم مغمض العينين؟!

فهم يرون أنفسهم فوق الجميع، ولكن هذه الحقيقة كشفها نجاح مرسي في الانتخابات وموافقة الشعب على الدستور؛ لذلك أصبح هدفهم فقط عزل مرسي وكرسي الرئاسة، وما الوسيلة أيا ما كانت إلا لتحقيق هذا الهدف.

ولكن ألا يحق لنا أن نتساءل: هل هذا الهدف شرعي صحيح أم تسلل فاضح؟

***

يتحرك الإنسان دائماً بعاطفتي الحب والكره، وهما عاطفتان متلازمتان متضادتان، فمَن يحب يكره في ذات الوقت، وقديماً قالوا "عدو عدوي صديقي"، فأنا أحب صديقي وأكره من يكرهه، وأكره عدوي وأحب من يكرهه.

فهل ما نشاهده في مصر الآن من عنف وتدمير وانفلات في جميع المجالات نابع من حب- وإن كان للذات أو السلطة- أم نابع من كره سواء لمجموعة أو تيار، أم هو كره للذات وللمجتمع؟ وهل يكون الكره أقوى من الحب أم يعود الحب لينتصر؟