كان مارك كارني صريحاً في كلماته حين كان محافظ بنك كندا وفي المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، بقوله إن من السليم في غالب الأحيان تحفيز الاقتصاد والقبول برقم تضخمي فوق الرقم المستهدف لفترة أطول، على سبيل المثال إذا اقترن هذا الإجراء مع تقليص العجز في المالية العامة، أو إذا كانت الأسر تشد الحزام.

Ad

القارئ المتفحص للمحاضر، الذي وصل إلى الصفحة الحادية والثلاثين والفقرة الأخيرة، سيرى أنه في السابع من أغسطس، حين يُنشَر تقرير التضخم، سيذكر كارني الخطوط العريضة للنتائج حول ما إذا كان ينبغي للبنك المركزي تحفيز الاقتصاد أكثر من ذي قبل، وما هي العتبة التي سيستخدمها لإرشاد الأسواق.

محاضر الأمس وموقف المحافظ بخصوص المواضيع، ألقت بعض الضوء على ما يمكن أن نتوقعه. أن نحفز أم لا نحفز: كشفت المحاضر عن التوتر بين «معظم الأعضاء» الذين كانوا يرون أن «الوضع الحالي للسياسة مناسب»، وبين «الأعضاء الآخرين» الذين كان من رأيهم أن «الحاجة تدعو إلى المزيد من التحفيز». لم تُذكر وجهة نظر كارني.

على الرغم من أن اللجنة أوضحت أن الإرشاد سيستمر، «إلا أنه ليس هناك افتراض بأن هذا سيسير جنباً إلى جنب مع التغير في وضع السياسة النقدية».

لكن هناك مؤشرات تفيد بأن اللجنة قررت النظر من جديد في التحفيز، وستعطي إرشاداً محدداً بخصوص الطريقة السليمة للعلاقة المتبادلة بين النمو والتضخم، في عالم بلغ فيه التضخم 2.9 في المئة؛ أي أعلى بكثير من هدف 2 في المئة، لكن الاقتصاد يظل ضعيفاً من حيث الأساس.

كان كارني صريحاً في كلماته حين كان محافظ بنك كندا وفي المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، بقوله إن من السليم في غالب الأحيان تحفيز الاقتصاد والقبول برقم تضخمي فوق الرقم المستهدف لفترة أطول، على سبيل المثال إذا اقترن هذا الإجراء مع تقليص العجز في المالية العامة، أو إذا كانت الأسر تشد الحزام.

 مخاطر الاستقرار

وهو يرى العلاقة المتبادلة على أنها توازن بين مخاطر الاستقرار المالي: بحيث ترفع التوقعات التضخمية ما إذا كانت اللجنة تميل للتحفيز، ومخاطر خسارة الوظائف إذا كانت حذرة فوق الحد.

إذا اختارت اللجنة موقفاً يميل إلى التحفيز، يرجح لها أن تفعل ذلك من خلال الإرشاد، بأن تجعل الأسواق تعيد تقييم توقعاتها حول أسعار الفائدة المستقبلية، وتخفيض أسعار الفائدة السوقية عن طريق تشجيع الاقتراض والإنفاق.

وقال سايمون هايز من «باركليز كابيتال» إن الحمائم في اللجنة يريدون «شكلاً نشطاً من الإرشاد على نحو يدفع التوقعات بارتفاع أسعار الفائدة أكثر فأكثر نحو المستقبل».

حين تصدر اللجنة بيان الإرشاد، فإن من شبه المؤكد أنها سترفق كلماتها كذلك بالعتبات الاقتصادية، لكن لا يزال هناك جدل هائل داخل البنك، حول أفضل الظروف التي ينبغي استخدامها.

البطالة: إن اختيار نسبة للبطالة يمكن إذا هبطت أن يفكر البنك في رفع أسعار الفائدة، سيقتفي استراتيجية مجلس الاحتياطي الفيدرالي حول الإرشاد. حين تقول للناس إن أسعار الفائدة لن ترتفع على الأقل إلا حين تهبط نسبة البطالة دون عتبة معينة أمر يسهل توصيله، لكنه ينطوي على مخاطر لا يستهان بها في الوقت الحاضر.

البطالة والتضخم

لأن العلاقة الطبيعية بين البطالة والتضخم انقطعت، يخشى الصقور النقديون من أن الضغوط التضخمية يمكن أن ترتفع قبل أن تهبط البطالة. ويخشى الحمائم أن الإنتاجية المتدنية والسعي المحموم للوظائف، ربما يجعل البطالة تهبط قبل فترة لا بأس بها من بداية الانتعاش المستدام في الاقتصاد. بعض الأصوات في بنك إنجلترا تشعر بالقلق من أن البنك المركزي لا ينبغي أن يُرى على أن لديه هدفاً محدداً لمتغير حقيقي مثل البطالة، وأنه لا ينبغي أن يصدر حكماً كأن يقول مثلاً إن نسبة 6.5 في المائة هي معدل مقبول للبطالة.

يخشى الآخرون من أن منافع التواصل باستخدام البطالة لتكون عتبة، يمكن أن تختفي إذا بدأت اللجنة بالقول إن العتبة هي فتيل لإشعال التشدد في السياسة النقدية، على اعتبار أن هذا سيبطل الإرشاد المعطى. مع ذلك تظل البطالة أرجح إجراء ستختاره اللجنة.

فجوة الناتج: أي الفارق بين الناتج والمستوى الذين سيكون ممكناً دون إشعال الضغط التضخمي – وهو المقياس المفضل لدى النظريين. تشير النظرية الاقتصادية إلى أن السياسة النقدية ينبغي أن تكون متساهلة أكثر من المعتاد حين تكون هناك فجوة في الإنتاج، كما هو الحال الآن، وأن تكون متشددة حين يتم استخدام كل الطاقة الفائضة.

نقطة المقتل بالنسبة لفجوات الناتج هي أن من غير الممكن قياسها، ولا بد من التوصل إليها من خلال التقديرات. في السياسة المالية العامة، عانى مكتب مسؤولية الميزانية، جميع أنواع المتاعب في محاولته تقدير الفجوة، وغيّر منهجيته عدة مرات. ومن المرجح أن يغيّرها مرة أخرى في تشرين الثاني (نوفمبر) لهذا السبب، لأن بنك إنجلترا يتمسك دائماً بصورة أشبه بالعقيدة، بفكرة ألا ينشر أو حتى يأتي على ذكر تقديرات فجوة الناتج التي يستخدمها في التوقعات الاقتصادية.

اللورد كينج

المحافظ السابق اللورد كينج كان يحب أن يقول إن فجوات الناتج غير مؤكدة، وكان يفضل الحديث عن منهج أقرب إلى الرسام التجريدي دون تفصيلات أو دقة.

لا يشعر كارني بأي نوع من الحرج حول الدقة بخصوص أرقام الفجوة، ولا حول تغيير التقديرات مع ظهور حقائق جديدة. في كندا كان تقرير السياسة النقدية يعطي بصورة دورية تقديرات فجوة الناتج إلى جانب توقعات تفصيلية للمتغيرات الاقتصادية، وكان يستخدمها للتأثير في التواصل مع الجمهور. المحافظ الجديد سيستخدم خبرته في لجنة السياسة النقدية.

* (فايننشال تايمز)