الأغلبية الصامتة: فسطاط الوهم الليبرالي
إذا كان المجلس البلدي لا يستحق الكثير من النقاش لفقدانه الصلاحيات الكاملة للعمل والإنجاز، فإن ذلك الوضع هو حجة على كل من راهن وروج وأيد فكرة أن السلطة قررت أخيراً النهوض بالكويت وإعلان قطيعتها مع زمن الركود والترضيات والمحاصصات والخضوع لمطالب القوى الرجعية وملوك الطوائف، لأنها في المحطة "الهينة" لم تفعل ما كان "هيناً" وتحت يدها وعينها و"ضرسها" إذا لزم الأمر.بكلام آخر، السلطة وحكومة النقلة النوعية نحو كويت التنمية والانفتاح، أعطت في آخر إبداعاتها، "خيبة" جديدة لفسطاط الوهم الليبرالي الذي ساند مشروع الانفراد بالحكم بعلم أو دون علم، عندما "سطرت" ستة رجال بتعيينهم في المجلس البلدي إلى جانب عشرة رجال وصلوا بالانتخاب!
تلك الخطوة "الرجعية" لم تحمل غير الدلالات السلبية؛ أولها، أن الحكومة ربما لم تجد في الكويت بأسرها امرأة واحدة، مهندسة أو محامية، تصلح لنيل عضوية المجلس، وهذه بلا شك كارثة وطنية حقيقية، علماً أن تجربة تعيين المرأة في المجلس البلدي منذ أن بدأت سجلت حضوراً مميزاً وأداءً مشرفاً.التفسير الثاني، هو أن حجم الترضيات والرغبة في كسب الولاءات السياسية، فاض عن كأس المعقول والمقبول فلم يتبق مكان لحصوة ملح "للحكومة ومن يطبل لها" يستطيعون من خلاله "كسر" عين من يقول إن المجلس البلدي بلا امرأة والحكومة غير متحمسة لوجود المرأة في المواقع القيادية.التفسير الثالث، الذي لا أستبعده كثيراً هو أن عين الحكومة لا تزال ترتعش من القوى الدينية وكل من وقف ضد تمكين المرأة من ممارسة حقوقها السياسية، وتحسب لردود أفعالهم ألف حساب على الرغم من عدم وجودهم داخل البرلمان الحالي أو المبطل الذي سبقه، وفي نفس الوقت لا تزال "عينها قوية" على كل من صفق لها وقرر الدخول في جيبها السفلي، وأيضاً لا تزال "بخيلة" في الإقدام على خطوة واحدة يستقوى فيها فسطاط الوهم الليبرالي أمام نفسه بالدرجة الأولى قبل أي شيء آخر.في الختام ها نحن نكرر الأسئلة لمن توهم بالتقدمية الموعودة لحكومتنا:ما أخبار التعليم المشترك في الجامعة؟هل بادرت حكومة الصوت الواحد باحترام حق اختيار نوع التعليم؟ما أخبار الرقابة على الكتب والمطبوعات؟ هل مقص الرقيب بخير؟ما أحوال ترخيص بناء الكنائس واحترام حرية الاعتقاد من قبل المجلس البلدي "الهين أمره"؟ما رأيكم في قانون الجنسية الذي يمنع تجنيس غير المسلم حتى لو كان أشهر جراح قلب في العالم؟... هل من مزيد؟يا لها من خيبة لكويت التسامح وكل من "تخندق" في الجيب الحكومي السفلي.