يرى مصدر دبلوماسي عربي فاعل في بيروت أن تدخل «حزب الله» في سورية مؤشر على بداية مسيرته التراجعية عسكريا وسياسيا خلافا للنتائج الميدانية المباشرة التي يمكن لمثل هذا التدخل أن يؤدي اليه على أرض الواقع. ويوضح المصدر وجهة نظره بالقول، إن بعض التقدم الميداني الذي يساهم فيه تدخل «حزب الله» العسكري الى جانب قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد في القرى والبلدات والمناطق السورية الحدودية مع لبنان لا يمكن للحزب أن يصرفه سياسيا على المدى البعيد في لبنان على الرغم من الهجوم السياسي المضاد الذي بدأه على «جبهة» تشكيل الحكومة الجديدة بهدف الوصول الى حكومة بشروطه، وعلى الرغم من استكمال هذا الهجوم بنسف عمل لجنة التواصل النيابية المكلفة التوصل إلى صيغة لقانون الانتخاب يوم أمس.

Ad

ولفت المصدر الدبلوماسي العربي إلى أن زمن فرض «حزب الله» خياراته وتوجهاته ووجهات نظره على السياسة اللبنانية انتهى باستقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي شكلت الإعلان الصريح عن فشل الانقلاب الذي سبق للحزب أن نفذه قبل سنتين بإسقاط حكومة التآلف التي كان يرأسها الرئيس سعد الحريري، وبإقصاء قوى 14 آذار عن المشاركة في الحكم.

 ويشير المصدر الى أن أقصى ما يمكن للحزب أن يفعله في المرحلة الحالية هو تعطيل تشكيل الحكومة والانتخابات النيابية، ولكنه لم يعد قادرا على فرض الحكومة التي يريدها والقانون الانتخابي الذي يسمح له بالإمساك بالقرارات الوطنية السياسية والعسكرية والاقتصادية. ويعتبر المصدر الدبلوماسي العربي في بيروت أن «حزب الله» سيكتشف في القريب العاجل أن فائض القوة العسكرية الذي يمتلكه لم يعد قادرا على قلب موازين القوى اللبنانية والسورية والعربية. ويشبه الدبلوماسي العربي الرفيع في بيروت قوة «حزب الله» العسكرية اليوم بقوة صدام حسين مطلع التسعينيات. ويشبه تدخله في سورية باحتلال الجيش العراقي للكويت. وما يقوم به في منطقة القصير السورية بما قامت به اسرائيل من بناء للشريط الحدودي في جنوب لبنان.

ورأى أن بداية انتهاء كل قوة عسكرية تبدأ بتدخلها خارج الجغرافيا الطبيعية والقانونية التي تنتمي اليها. ففائض القوة العسكرية الذي يستخدم للتوسع السياسي والجغرافي لا بد أن ينتهي بالقضاء على صاحبه. فصدام حسين الذي احتل الكويت ألّب الرأي العام العربي والدولي ضده. وإسرائيل التي أقامت شريطا حدوديا داخل الأراضي اللبنانية بحجة الدفاع عن نفسها لم تتمكن من الحفاظ عليه الى الأبد على الرغم من جبروتها العسكري. وهكذا فإن «حزب الله» في رأي الدبلوماسي العربي البارز دخل مرحلة بداية نهايته العسكرية وربط دوره السياسي وحجمه على الساحة اللبنانية بفائض قوته سيرتد عليه سلبا في المستقبل القريب. ذلك أن ربط «حزب الله» مصيره بمصير نظام الرئيس السوري بشار الأسد لن يقوي الأسد ولن يحافظ على نظامه الذي بات مرفوضا سوريا وعربيا ودوليا، وإنما سيؤدي بـ»حزب الله» إلى مصير مشابه لمصير نظام الرئيس السوري عند سقوطه عاجلا أم آجلا.