قلت في المقالين السابقين تحت العنوان ذاته، إن جماعة الإخوان والرئيس المعزول في مصر قد اختزلا الشرعية في صندوق انتخابات الرئاسة، وإنهما رفضا الرجوع إلى شرعية الصندوق مرة أخرى في انتخابات رئاسية مبكرة بعد أن تآكلت شعبيتهم، عندما فشل الرئيس المخلوع في أن يكون رئيساً لكل المصريين، وعندما فشل في حكم البلاد وإدارة شؤونها والوفاء بوعوده التي قطعها على نفسه في انتخابات الرئاسة.
وكان من بين حلقات هذا المسلسل، حلقة الدستور الذي وضعته الجماعة والذي افتقد الشرعية في جمعيته التأسيسية، التي كان تشكيلها باطلا، وهو ما قضى به مجلس الدولة، فأعيد تشكيلها بالعوار الدستوري ذاته.وقد تناولت هذا الدستور بالنقد والتحليل في مقالات متعاقبة نشرت على صفحات "الجريدة" في أعدادها الصادرة في 21/10/2012 المعنون بـ"قراءة متأنية في دستور الثورة" وفي 11 و12و18 و25/11/2012 تحت عنوان "قراءة متأنية في مسودة الدستور المصري" (من 1 إلى 4).الاستفتاء على دستور باطلوعرضت لإصرار الرئيس المعزول على قراره بالاستفتاء على الدستور في 15/12/2012 فور تسلمه مسودته في 30/11/2012، وأنه اعتبر هذا الميعاد ميعاداً مقدساً، لا يملك مخالفته، في مقالين نشرا على هذه الصفحة في العددين الصادرين في 16/12 و23/12/2012 تحت عنوان "مصر المدينة الفاضلة وساعةbig pem"، وكانت كل القوى الثورية والسياسية قد اعترضت على هذا الميعاد، لإتاحة المجال لحوار مجتمعي حول دستور توافقي، افتقد التوافق في الجمعية التأسيسية، التي انسحبت منها كل طوائف المجتمع وفئاته وأطيافه وقواه السياسية والثورية، كما تم التصويت على أحكامه ونصوصه تصويتاً باطلاً مخالفاً لكل الأعراف والمبادئ الدستورية.كاذبونوفي انقلاب الرئيس المعزول وجماعته على الشرعية، سوقوا الدستور على أنه تطبيق لشرع الله، وأن من سيصوت بلا للدستور هو كافر ومنكر لشرع الله.وكانوا بهذا التسويق للدستور، يخالفون شرع الله، فقد كان المشروع الإسلامي غائبا عن فكر الجماعة في الدستور، وقد قال الرسول- صلى الله عليه وسلم- "من غش فليس منا"، وهو ما تناولته في مقال على هذه الصفحة في عدد "الجريدة" الصادر في 11/8/2013.فقد خالف الدستور شرع الله في العديد من أحكامه منها: إهدار مبدأ العدالةفي ما نص عليه الدستور من:1- تحصين الرئيس من المساءلة الجنائية في المادة 152 من الدستور.2- تحصين الوزراء من المساءلة الجنائية في المادة 166 من الدستور، وهو ما تناولته في مقال نشر على هذه الصفحة تحت هذا العنوان في 13/1/2013 مستنداً إلى قول الرسول عليه الصلاة والسلام "لو أن فاطمة سرقت لقطعت يدها"، وإلى مبادئ المساواة والعدالة التي حفل بها الإسلام.3- العفو عن العقوبات والعفو الشامل عن الجرائم، والذي يخالف شرع الله، وفي قوله تعالى "وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ" وأن العفو والدية متروكان لولي الدم، وليس للحاكم.وقد تناولت قضية العفو، في مقال نشر لي على هذه الصفحة في عدد "الجريدة" الصادر في 27/1/2013 تحت عنوان "لماذا رفض المتهمون في مصر العفو الرئاسي"، وكان المتهمون في قضية أحداث شارع مصطفى محمود وعددهم 379، قد هتفوا في المحكمة بسقوط حكم المرشد، رافضين هذا العفو.وتناولت العفو الرئاسي كذلك في مقالين نشرا في عددي "الجريدة" الصادرين في 17/2 و24/2 الأول تحت عنوان "العفو الرئاسي والمسؤولية السياسية"، والثاني المعنون بـ"العفو الرئاسي تناسى أصل نشأته".انتهاك استقلال القضاء وحصانتهوهو الاستقلال الذي عرفه القضاء في صدر الإسلام، فرسالة القضاء في تحقيق العدل وإعطاء كل ذي حق حقه، هي الرسالة التي نزلت بها كل الأديان السماوية، وكان الأنبياء والرسل يؤدونها.وقد انتهكت هذه الرسالة في الدستور، عندما عزل أكثر من ثلث أعضاء المحكمة الدستورية بنص دستوري، وهو ما تناولت التعليق عليه في مقال نشر لي على هذه الصفحة في عدد "الجريدة" الصادر في 9/12/2012 تحت عنوان "القانون ليس فيه زينب ولكن الدستور فيه تهاني".وعزل النائب العام بإعلان دستوري، وكان مشروع قانون يعد لعزل 3500 مستشار، وهو ما تناولته في أربعة مقالات نشرت على هذه الصفحة في أعداد "الجريدة" الصادرة في 7 و14/4 و5و12 و26/5 و2 و9/6/2013.ولمن يريد الاطلاع على تفاصيل الخطايا التي وقع فيها الرئيس المعزول وجماعته، والتي تناولتها هذه المقالات، فإنه يمكن الرجوع إليها على النت.وللحديث بقية إن كان في العمر بقية.
مقالات
ما قل ودل: من الذي انقلب على الشرعية في مصر؟ (3 من 3)
08-09-2013