نقص الإنتاج الليبي يقلق سوق النفط الخفيف

نشر في 05-09-2013 | 00:01
آخر تحديث 05-09-2013 | 00:01
No Image Caption
الأسعار ترتفع إلى مستويات قياسية
يقول يوجين لينديل، المحلل في شركة JBC للطاقة في فيينا إن سوق الخام عالي الجودة شحيح إلى حد كبير، ويتوقف كل شيء على ليبيا. إذا استمرت الاضطرابات، يمكن أن تتحول بسرعة إلى قضية خطيرة بالنسبة إلى السوق.

ربما تكون سورية قد سرقت عناوين الصحف من سوق النفط في الأسبوع الماضي، إلا أن اهتمام متداولي النفط ومعامل التكرير ينصب بشكل أكبر على ليبيا. 

فقد شهد هذا البلد الواقع في شمال إفريقيا انخفاض إنتاجه النفطي من نحو 1.4 مليون برميل يوميا إلى نحو 250 ألفا، في وقت تم فيه إغلاق الموانئ وحقول النفط بواسطة العمال المضربين والميليشيات. 

وبالنظر إلى إنتاج النفط الخام العالمي المقدر بـ90 مليون برميل يومياً، ربما لا يشكل ذلك خسارة كبيرة. لكن في سوق الخام العالي الجودة الصغيرة، التي تلعب فيها ليبيا دوراً رئيساً، يعتبر الأمر في غاية الأهمية. 

وفي الوقت الذي تجف فيه الصادرات الليبية، ارتفعت أسعار الخامات الأخرى عالية الجودة إلى أعلى مستوى منذ سنوات. وهذا يضر المصافي، لاسيما في أوروبا، التي تعتمد على مثل هذا النوع من النفط، ويهدد بالتعجيل بمزيد من عمليات إعادة الهيكلة في هذه الصناعة المضطربة. 

وتسبب ذلك أيضا في إحداث تغيير في أنماط التجارة، بتثبيط المشترين الصينيين عن استيراد النفط الأوروبي والإفريقي الذي يبدو باهظ الثمن على نحو متزايد. 

 

سوق شحيح

 

ويقول يوجين لينديل، المحلل في شركة JBC للطاقة في فيينا: «سوق الخام عالي الجودة شحيح إلى حد كبير، ويتوقف كل شيء على ليبيا. إذا استمرت الاضطرابات، يمكن أن تتحول بسرعة إلى قضية خطيرة بالنسبة للسوق». 

والخام المعروف باسم «الخفيف الحلو» الذي تنتجه ليبيا يحتوي على كمية ضئيلة من الكبريت. وهذا يعني إمكانية تكريره في أي مصفاة تقريباً واستخلاص منتجات يشتد عليها الطلب، مثل النافتا التي تستخدم في صناعة البتروكيماويات. وتشير تقديرات JBC إلى أن ليبيا تشكل ما نسبته 12 في المئة من الطاقة الإنتاجية العالمية للخام الخفيف الحلو. 

والشح في السوق حاد بقدر ما هو غير متوقع. وقبل بضعة أشهر فقط كان المحللون يتوقعون حدوث انخفاض هيكلي في العلاوات التي تدفع مقابل الخام الخفيف الحلو. 

وأضاف ارتفاع إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة كميات إلى إمدادات النفط عالي الجودة، كذلك يلقي افتتاح معامل تكرير متطورة قادرة على معالجة الخامات الثقيلة بظلاله على الطلب. 

وإلى جانب حالات الانقطاع الليبي، انخفض إنتاج الخام في نيجيريا التي تعتبر مصدراً كبيراً آخر للنفط الخفيف، إلى أدنى مستوى منذ أربع سنوات بسبب سرقات واسعة النطاق. ونتيجة لذلك كانت شحنات الخام الأذربيجاني الخفيف تتداول في أوروبا الأسبوع الماضي بعلاوات تبلغ ستة دولارات للبرميل زيادة على نفط بحر الشمال، وهي أعلى نسبة منذ عامين تقريبا. 

ويُنذِر هذا بمتاعب مستقبلية لمعامل التكرير التي لا تملك المعدات المكلفة والمعقدة اللازمة لمعالجة الخامات الثقيلة. 

 

خسارة المصافي

 

وتشير تقديرات شركة وود ماكينزي الاستشارية إلى أن المصافي التي تقوم بتكرير الخامات الخفيفة في البحر الأبيض المتوسط كانت تحقق ربحاً مقداره دولارا واحدا في البرميل في بداية أغسطس، لكنها تخسر الآن دولارين في كل برميل تقوم بمعالجته. 

وآخر مرة انخفضت فيها هوامش الربح إلى هذا الحد -أثناء الحرب الأهلية الليبية عام 2011- أدت إلى إفلاس مصفاة بتروبلس السويسرية. 

وتبدو آثار الانقطاعات الليبية أيضا في آسيا حيث تفاقمت، بسبب عمليات صيانة في حقول الغاز في قطر وأستراليا، مما قلص من وجود غاز شبيه بالنفط يمكن أن يكون بديلاً للخامات الخفيفة الحلوة. وفي الوقت نفسه تشتري المصافي الإقليمية مزيدا من الخام لبناء مخزونات الكيروسين للتدفئة خلال فصل الشتاء. 

وكانت النتيجة أسعاراً مدهشة للخامات الخفيفة نسبياً في آسيا. وجرى تداول النفط الخام عبر خط أنابيب إسبو الروسي الأسبوع الماضي بعلاوات مقدارها سبعة دولارات للبرميل زيادة على خام دبي القياسي، وسجلت علاوات خام مربان من أبوظبي في أغسطس أعلى مستوى لها في ستة أعوام. وتستورد شركات التكرير الآسيوية أيضاً خاما أقل من أوروبا، حيث يغلب تحديد أسعار الخام قياساً إلى سعر خام برنت القياسي من بحر الشمال، وهو نفسه الخام الخفيف الذي أدى إلى تعطل الإمدادات الليبية والنيجيرية إلى صعوده في الأسبوع الماضي إلى 117.34 دولارا للبرميل، وهو أعلى مستوياته منذ ستة أشهر. 

 

خام الشرق الأوسط

 

ويتزايد الطلب بدلاً من ذلك على خام الشرق الأوسط الذي يتم تسعيره على أساس خام دبي القياسي، وهو خام حامض متوسط، شهد سعر الحسم قياسا إلى برنت يسجل أعلى مستوى له منذ نحو عامين. 

والعلاوات الكبيرة التي تدفع مقابل الخام الخفيف ربما تستمر فترة طويلة، ويعود معظم السبب في ذلك إلى عدم وجود مصادر بديلة. وفي حين يبدو أن لدى المملكة العربية السعودية، التي تعتبر «المنتج المرجح» الذي يؤمن الإمدادات في حال نقصها في سوق النفط، زيادة في الإنتاج لتعويض نقص الإنتاج في أماكن أخرى، إلا أن معظم الإنتاج السعودي من النوع المتوسط الثقيل والحامض. 

وخلال الحرب الأهلية الليبية عام 2011، صنَّعت السعودية مزيجاً خفيفا وحلوا، مما لديها من أنواع الخام، ليحل محل الخام الليبي. 

ويقول ديفيد فايف، رئيس شعبة تحليل الأسواق في جنفور: «لدى السعودية قدرة محدودة على مواجهة النقص في سوق الخام الخفيف الحلو».

(فايننشال تايمز)

back to top