كينغ... محافظ اعتبره المصرفيون عدواً

نشر في 02-07-2013 | 00:01
آخر تحديث 02-07-2013 | 00:01
No Image Caption
أخرج بنك إنكلترا من عباءة المالية وجعله الأقوى بين نظرائه في العالم
باعتبار ميرفن كينغ من الشخصيات المثيرة للجدل، فإن السنوات الـ22 التي قضاها في بنك إنكلترا، والتي توجت بتوليه منصب المحافظ لمدة عشر سنوات، تلقت مراجعات متباينة سلباً وإيجاباً. وليس هناك من لديه استعداد للاختلاف مع الفكرة القائلة إنها فترة شهدت قرارات ضخمة، ونجاحات بارزة، وإخفاقات مهمة.

اشتهر السير ميرفن كينغ بأنه يشعر بالتوتر حول تركته، لكنه يقول على الملأ إن ذلك مسألة متروكة للآخرين للحكم عليها. وقد وعد بألا يكتب روايته عن الأزمة، أو يعلق علناً على القضايا الأساسية للبنك المركزي، وحين كان يُسأل، كان يقول للصحافيين: «ليس هذا وقت النظر إلى الوراء، هذا وقت التطلع إلى حياة جديدة».

لكن الآخرين يقومون بإطلاق الأحكام. وباعتباره من الشخصيات المثيرة للجدل، فإن السنوات الـ22 التي قضاها في بنك إنكلترا، والتي توجت بتوليه منصب المحافظ لمدة عشر سنوات، تلقت مراجعات متباينة سلباً وإيجاباً. وليس هناك من لديه استعداد للاختلاف مع الفكرة القائلة إنها فترة شهدت قرارات ضخمة، ونجاحات بارزة، وإخفاقات مهمة.

القرارات

أولا، السياسة النقدية المتساهلة للغاية. كانت أسعار الفائدة تتحرك تقليدياً بخطوات مقدارها ربع نقطة مئوية في كل خطوة، لكن حين أصبحت الفظاعة الكاملة للأزمة المالية واضحة للعيان، أقنع كينغ لجنة السياسة النقدية بتخفيض أسعار الفائدة 1.5 في المائة في نوفمبر 2008، ثم تخفيضها في الشهر التالي بنسبة 1 في المئة. وبحلول مارس 2009 بدأ بنك إنكلترا بإغراق أسواق السندات الحكومية البريطانية بالمال الذي خلقه باستخدام الأداة الجديدة – التسهيل الكمي – في مسعى لمكافحة الأزمة المالية حتى بضراوة أشد. وسيستغرق تطبيع السياسة النقدية عدة سنين.

ثانيا، مساندة الاندماج السريع في المالية العامة. ففي أواخر 2009 طالب كينغ بإزالة العجز الهيكلي في الميزانية «على مدى حياة البرلمان» في تعليق أثار غضب حكومة العمال واستغله المحافظون والديمقراطيون الليبراليون مراراً لتبرير قرار الائتلاف بتسريع تقليص العجز.

وظن أعضاء آخرون في لجنة السياسة النقدية أن المحافظ «سياسي بصورة مفرطة». وظل هذا الموضوع أساسياً في الجدل السياسي للسنوات الثلاث التي أعقبت ذلك، ولن يكون العجز الهيكلي قد أُغلِق بحلول 2015. ويلاحظ كينغ أنه يتحدث عن حالات العجز أقل بكثير مما يتحدث عنه مسؤولو البنك المركزي الآخرون.

ثالثا، مهاجمة المصرفيين. قال كينغ إن الجمهور لديه «كامل الحق في الشعور بالغضب» من النظام المصرفي الذي ظهر في العقد الماضي، ورحب بالتغيير في المجتمع الذي شعر فيه بأن الخريجين يشعرون بعدم الارتياح لأن يصبحوا مصرفيين. وأطلق بنفسه رصاصة الرحمة التي قضت على الحياة المهنية لبوب دياموند في بنك باركليز، وكان صريحاً في أنه يريد للبنوك أن تفصل بين أعمالها في مصرفية التجزئة وأعمالها في المصرفية الاستثمارية. وتلقى موقفه المتشدد المساندة من الجمهور واستثار غضب المصرفيين الشديد، الذين يدَّعون أنه كان في البداية لا يكترث بشؤونهم ثم أصبح معادياً لهم.

النجاحات

أولا، تعزيز سلطة بنك إنكلترا. يقف بنك إنكلترا وحده بين البنوك المركزية من حيث السيطرة على السياسة النقدية والاستقرار المالي والإشراف على البنوك وشركات التأمين. كما يُنسَب الفضل إلى قدرات كينغ في الضغط الذي جعل البنك يتلقى كل هذه المهمات الجديدة في أبريل الماضي، ما عزز من وضعه كأقوى مؤسسة بريطانية خارج الحكومة. ولأن بنك إنكلترا متهم مثل غيره – على خلاف في ذلك – من الأجهزة التنظيمية بارتكاب أخطاء في فترة ما قبل الأزمة، إلا أن هذه النتيجة بالنسبة للبنك تعد تركة سيتعين على المحافظين المستقبليين أن يشكروا كينغ عليها.

ثانيا، تحويل بنك إنكلترا إلى مؤسسة مهنية. حين انضم كينغ إلى البنك في 1991 في وظيفة كبير الاقتصاديين، كان البنك مؤسسة نائمة تعمل تحت ظل وزارة المالية. وحين يغادر البنك الآن، فإن قوته في السياسة الاقتصادية بلغت مرحلة عالية إلى درجة أن المسؤولين الحكوميين يَجهَدون للحاق بها. وقد التهم البنك بسرعة أكثر علماء الاقتصاد الكلي الموهوبين في الوقت الذي كان فيه كينغ يدفع باتجاه جعل البنك مناسباً لتشغيل السياسة النقدية بصورة مستقلة عن وزارة المالية.

ثالثا، فترة ما بعد انهيار ليمان. كانت الأيام الأولى من الأزمة المالية عصيبة على كينغ، لكن حين انكشف عمق المشكلة في سبتمبر 2008، فهم المحافظ الموقف على نحو أفضل كثيراً من معظم الناس. وفهم أن بنوك بريطانيا كانت تشكو من نقص مزمن في رأس المال وليس فقط في السيولة، وكافح من أجل التوصل إلى حل شامل بدلاً من اتخاذ إجراءات جزئية على مراحل. وثبتت صحة رؤيته للأحداث من خلال التاريخ اللاحق. وتكرر الحزم على المسرح الدولي، حيث كان دوره فعالاً في إقناع مجموعة السبع في إيجاد حل شامل للأزمة المصرفية في أكتوبر 2008.

الإخفاقات

أولا، التهاون. قبل الأزمة وجه كينغ ضربة وقضى على جناح الاستقرار المالي في البنك، ظناً منه أنه إذا استطاع البنك المركزي المحافظة على استقرار الأسعار، فإن الاستقرار الاقتصادي سيكون النتيجة الطبيعية لذلك. لكن الاستقرار المالي لم يكن من مواطن اهتمامه. وكان اعتقاده أن تحقيق الهدف التضخمي شرط كاف للاقتصاد السليم يعني أن العاملين في مجال الاستقرار المالي هم مواطنون من الدرجة الثانية في البنك. وحين ضربت الأزمة في 2007 وجد كينغ نفسه مباغتا، لأن الأحداث وقعت خارج نظرته لما كان يرى أنه ممكن الحدوث، أو حتى محتمل الحدوث ولو من بعيد.

ثانيا، التأجيل. إذا كانت هناك شكوى واحدة حول كينغ تقال باستمرار من داخل وخارج بنك إنكلترا فهي أنه كان بطيئاً في اتخاذ القرارات حول الاستقرار المالي، باسثتناء الفترة التي وقعت في أوج الأزمة في 2008-2009. وفي 2007 كان مهتماً بمعاقبة البنوك أكثر من اهتمامه بالمساعدة في حقن السيولة. ويروي مسؤولو وزارة المالية كيف أنهم احتاجوا إلى سنة لإقناع المحافظ بالموافقة على «برنامج التمويل للإقراض» في مسعى لزيادة تدفق الائتمان إلى الشركات الصغيرة والأسر.

ثالثا، جوانب القصور الشخصية. وصف أليستير دارلنج، وزير المالية البريطاني السابق، كينغ بأنه يتصرف وكأنه «ملك الشمس الذي يدور حوله من في البلاط». وعملت هيمنته الثقافية على تحفيز موظفي البنك على أن يقولوا له ما يظنون أنه يريد سماعه.

وأدى هذا إلى الافتقار إلى التحدي في البنك، وعمل التكتم الأسطوري للبنك على عرقلة التدقيق الخارجي. وأدرك المراقبون عوامل النقص المذكورة في المراجعات الخارجية للبنك في السنة الماضية وتمت التوصية بإدخال تغييرات لتجنب التفكير الجماعي في المستقبل. ورغم أن بنك إنكلترا أصبح أكثر شفافية خلال ولاية كينغ، فإن المعلومات كانت تُسحَب من البنك المركزي بالقوة وبمعارضة شديدة منه.

*(فايننشال تايمز)

محطات رئيسية في مسيرة كينغ وبنك إنكلترا

1991: انضم كينغ إلى بنك إنكلترا في منصب كبير الاقتصاديين والمدير التنفيذي.

1992: أزمة النظام النقدي الأوروبي وخلالها مارس كينغ دوراً فعالاً في إنشاء نظام جديد لاستهداف التضخم في بريطانيا.

1997: بنك إنكلترا يحتفل باستقلاله وعلى رأسه المحافظ السابق، إيدي جورج، حيث مُنح البنك الاستقلال التشغيلي في تحديد أسعار الفائدة، وأصبح كينغ من الأعضاء المؤسسين للجنة السياسة النقدية في البنك.

1998: تولى منصب نائب المحافظ وازداد نفوذه على سياسة بنك إنكلترا.

2003: تولى منصب المحافظ وشرع في تهميش تكليف البنك بمهمة الاستقرار المالي.

2007: بداية الأزمة المالية وتوجيهه تحذيرا للبنوك حول أخطار المخاطر الأخلاقية فقط، قبل أيام قليلة من الاضطرار إلى مساعدة بنك نورثرن روك بأموال طارئة، وتوتر العلاقات مع وزارة المالية والبنوك.

2008: سنة الأزمة المالية التي أعيد فيها تعيينه لولاية ثانية في منصب المحافظ، وحينها أعطى تسهيلات السيولة إلى جميع البنوك، وكافح من أجل إجراء عمليات مكثفة لإعادة رسملة البنوك، وقلص أسعار الفائدة بعد انهيار بنك ليمان براذرز.

2009: التسهيل الكمي وتقليص أسعار الفائدة إلى أدنى مستوى لها منذ 300 سنة، إلى 0.5 في المئة، والتحول إلى مطابع البنك لطبع العملة الورقية، من أجل تحفيز الاقتصاد في وجه الأزمة المالية.

2010: مساندة إجراءات التقشف وتعزيز مصداقية برنامج تقليص العجز الذي تقدم به وزير المالية جورج أوزبورن.

2012: التمويل من أجل الإقراض، بإدخال بنك إنكلترا برنامجاً لتوفير قروض رخيصة من البنوك مقابل الإقراض.

2013: في أبريل احتفل كينغ بعودة الإشراف المصرفي إلى بنك إنكلترا، ما جعله أقوى بنك مركزي في العالم.

back to top