"إن أرادوا اتفاقية مثلها فنحن جاهزون". الأمير سعود الفيصل حول الوضع السوري بعد نجاح الاتفاقية الخليجية اليمنية (صحيفة الشرق الأوسط- نوفمبر 2011).
وفي مناسبة أخرى مشابهة، ولكن قبل عدة أعوام، يقول وارن كريستوفر وزير خارجية الولايات المتحدة السابق حول كارثة كوسوفو: "لا يمكن أن ننتقل من أزمة إلى أخرى، لا بد أن تكون لدينا دبلوماسية فاعلة وجديدة تستهدف قراءة وتوقعا لمنع وقوع الأزمات بدلاً من مجرد إدارتها".والسؤال الذي يطرح نفسه: هل فعلاً هناك معادلة تمنع وقوع الكوارث والأزمات، وما السبل التي يمكننا تفعيل الدبلوماسية خلالها لنمنع الكوارث من التفاقم؟أقول ذلك في الوقت الذي يستمر فيه الضغط الدبلوماسي الدولي على مراكز الثقل العالمي للتدخل الإنساني في الدول التي تفشل في تلبية الاحتياجات الإنسانية لشعويها، والأنظار تتجه اليوم نحو سورية, والتي أجمع المجتمع الدولي على ضرورة إنقاذ شعبها من كوارث الفوضى الداخلية واللجوء إلى دول الجوار والتحول إلى بيئة راعية للعنف والإرهاب، والتعرض للأسلحة المحرمة كالسلاح الكيماوي. وبعد تردد مجلس الأمن وتكرار استخدام الفيتو ازدادت المعاناة الإنسانية وانقسم المجتمع الدولي بين مؤيد ومعارض لاستخدام القوة، الأمر الذي يذكرنا بأزمة البلقان في التسعينيات، والتي انفجرت أثناء إعادة ترتيب النظام الدولي ما بعد الحرب الباردة، والعالم يبحث عن الدول المؤهلة للعب دور قيادي، فكان أول تحدٍّ للمجتمع الدولي هو "اختبار القدرات" في إعادة ترتيب أوضاع منطقة البلقان, وإعادة الاستقرار واندماجها في أوروبا وإنهاء علاقتها بروسيا التي اتهمت بعزفها على الأوتار العرقية والسلافية مع صربيا, واختبار أيضا لأوروبا وتكيفها مع السياسة الأميركية، فعادت آنذاك مصطلحات جديدة كالتدخل الإنساني والطابع الأخلاقي للعلاقات الدولية. ولا يمكننا أن ننسى تلك الفترة التي صمت المجتمع الدولي والرئيس ميلوسوفيتش يخرق الاتفاقيات الدولية حتى أفاقت أوروبا ونظرت للوضع كعنصر مهدد لاستقرارها، ودخلت مرحلة الحيرة في صنع القرار, القرار الذي فشل مجلس الأمن باتخاذه بسبب الفيتو، ولم يتحرك لإنقاذ المنطقة من كوارث القتل والتهجير، الأمر الذي أدى إلى تدخل حلف الناتو بعد مرور عام كامل على تفجر الوضع، وقيام القوات السلافية بالتطهير العرقي.سبب تفاقم الكارثة الإنسانية آنذاك واضح وهو الفشل في اتخاذ القرار والتأرجح بين "الناتو" و"الفيتو"، أي مجلس الأمن دوليا وحلف "الناتو" إقليمياً الأمر الذي دفع الوضع إلى تصاعد العنف والمطالبة بانفصال الإقليم والحكم الذاتي للسكان... واليوم يقف العالم بعجز أمام المجتمع السوري، فهل نتعلم اتخاذ القرار لإنقاذ البشر؟ وهل ستتطور الآليات القانونية للتعامل مع التدخلات الإنسانية قبل فوات الأوان؟ وللحديث بقية.كلمة من القلب: كل الشكر والامتنان لسمو الأمير حفظه الله وسمو ولي العهد وسمو رئيس الوزراء الشيخ جابر مبارك الحمد، ورئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، والوزراء كافة، وعلى الأخص الدكتور نايف الحجرف، والشيخ محمد عبدالله المبارك، والشيخ سلمان الصباح لكلماتهم الطيبة والمؤثرة تجاه والدي رحمه الله.
مقالات
سورية بين الناتو والفيتو
18-09-2013