إن كان المفاوضون النوويون الأميركيون والأوروبيون يأملون التعامل مع حكومة أقل عناداً بعد الانتخابات الرئاسية في إيران في شهر يونيو، فلا شك أن هذه الآمال تبخرت، فقد رفضت سلطات الانتخابات مرشحين غير تقليديين، أما الثمانية المتبقون فينتمون إلى المعسكر المحافظ للقائد الأعلى آية الله علي خامنئي.

Ad

خلال عهد خامنئي، أعربت إيران عن اهتمام محدود بالمفاوضات المتعددة الأطراف التي ترمي إلى الحد من برنامجها النووي، وفي المقابل، عمل هذا البلد، وفق تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، على توسيع قدرته على إنتاج اليورانيوم والبلوتونيوم المخصَّبين، اللذين يمكن استعمالهما في صنع القنابل.

نظراً إلى ذلك، قد يبدو سعي مجلس النواب الأميركي راهناً لتمرير قانون هدفه زيادة العقوبات القاسية على إيران حكيماً وملائماً، فيُعتبر الجمهوري إد رويس من كاليفورنيا راعي هذا القانون، وخلال ترويجه له أمام لجنة الشؤون الخارجية التي يرأسها، أصاب في قوله إن منع إيران من تطوير أسلحة نووية يُعدّ من أبرز الأولويات. لكن رويس أضاف: "علينا أن نلعب كل ورقة نحملها ونستخدم كل نفوذ نملكه".

لكن كيني روجرز ينصح بأن هذه ليست الطريقة المثلى للعب الورق، فقد يؤدي هذا الأسلوب إلى الفشل الدبلوماسي.

لا شك أن تغليظ العقوبات زاد الكلفة التي تتكبدها إيران في تطوير برنامجها النووي، منتهكةً بذلك قواعد الوكالة الدولية للطاقة الذرية. نتيجة لذلك، أبطأت العقوبات المحددة تقدم برنامج إيران النووي. كذلك ألحقت العقوبات الجزائية، مثل العقوبات المطروحة أمام مجلس النواب الأميركي اليوم، ضرراً كبيراً باقتصادها، لكن إيران لن تبدل سياساتها النووية من تلقاء ذاتها لمجرد أنها تأمل أن تخفف بهذه الخطوة العقوبات المفروضة عليها. فلن تنجح استراتيجية العقوبات إلا إذا تلقت إيران وعداً بإنهاء العقوبات مقابل أن تبدّل طهران سياساتها.

تُعتبر معظم العقوبات الأميركية المفروضة على إيران أوامر تنفيذية يستطيع الرئيس إزالتها، أما العقوبات القليلة التي فرضها الكونغرس، فتحتاج إلى تفويض من الكونغرس لرفعها، لكن هذا يحدّ من قدرة المفاوضين الأميركيين على عرض رفع العقوبات مقابل تقديم إيران التنازلات، ولا شك أن قانون رويس، الذي يشدد العقوبات على صادرات النفط الإيرانية ويحد من القدرة على ولوج احتياطاتها من العملة الأجنبية في الخارج سيزيد الوضع تعقيداً.

يبدو أن أعضاء لجنة الشؤون الخارجية، الذين أوصوا بالإجماع بهذا القانون في مجلس النواب، يعتقدون أن المزيد من العقوبات سيؤدي إلى المزيد من التنازلات، لكن العكس صحيح، فمن الواضح أن آية الله خامنئي مقتنع بأن تغيير النظام هو هدف العقوبات الأميركية. نتيجة لذلك، يخشى الدبلوماسية النووية. ومن المؤكد أن قانون رويس سيعمّق هذه الشكوك ويزيد من عناده وتصلبه.

قبل مواجهة هذا الخطر، يجب أن تختبر الولايات المتحدة، بالتعاون مع حلفائها، ما إذا كان باستطاعتها إحداث تغيير في سلوك إيران باستخدام العقوبات القائمة، مثل قيود مجلس الأمن في الأمم المتحدة على القطاع المصرفي الإيراني، وحظر الاتحاد الأوروبي النفطي، والحصار الاقتصادي شبه الكامل الذي تفرضه الولايات المتحدة والذي يشمل عقوبات على الشركات المتعاونة مع إيران.

خلال المحادثات الأخيرة، بدا أن إيران مستعدة للحدّ من مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 20%، وتعليق إنتاجها هذه المادة في منشآتها المحصنة في فوردو، والقبول بمراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية مواقع التخصيب بطريقة الأكثر تشدداً. لكنها قررت في النهاية عدم القبول بكل ذلك، إذ لم يشكّل رفضها مفاجأة: فلا تُعتبر الفوائد التي كانت ستحظى بها (الحد من الحظر على تجارة المعادن الثمينة وتخفيف الحصار على منتجاتها البتروكيماوية) مغرية.

عندما يمسك رئيس جديد بزمام السلطة في طهران، فإن على المفاوضين الصينيين والفرنسيين والألمان والروس والبريطانيين والأميركيين وضع خريطة طريق تعتمد على الأعمال المتبادلة، عارضين رفع كل العقوبات مقابل كل التنازلات التي يريدونها من إيران.

من الضروري أن يوضح الغربيون منذ البداية أنهم سيقبلون بحق إيران تخصيب اليورانيوم بشكل محدود، بعدما تعرب عن تعاونها معهم. تعتبر إيران اليوم حقها بالتخصيب أمراً مسلّماً به، وشكّل رفضه عقبة كبرى. وعند التخلص من هذه العقبة، يستطيع الطرفان التفاوض بشأن ترتيب الأعمال المتبادلة وحجمها.

إذا أخفقت تلك المساعي الدبلوماسية، فقد يكون من الضروري فرض عقوبات أكبر (منها الحدّ من قدرة إيران على استعمال أصول العملات الأجنبية في الخارج) لتشجيع إيران على القبول بها، ورغم ذلك، يجب ألا يلجأ الكونغرس إلى القوة في تعاطيه مع الرئيس الجديد إلا كحلّ أخير، فبصفته كبير المفاوضين، يجب أن يحتفظ بالقدرة على تحويل ألم العقوبات إلى راحة العروض المغرية.