ما الذي أَرجَعَكْ؟
لا التُّرابُ تُرابُكَ، لا البابُ حينَ تُؤوّلُ قبضتَهُ بيمينِكَ بابُكَلا البحرُ يُؤويكَ بعدَ اغترابِكَلا مطَرُ الصيفِ يَفتَحُ بعدَ الغُبارِ الكثيفِ شَبابيكَهُ للحنينِالذي أَوجَعَكْ!ما الذي أَرجَعَكْمِنْ هُناكَ وأَغواكَ؟لا أَنتَ في هذهِ الأَرضِ أَنتَ،ولا ذكرياتُكَ فيها تُكفكِفُ في لحظاتِ الأَسَىٰ أَدمعَكْ...مَنْ تُرَى سَمَّمَكْ؟وأراقَ علىٰ عتباتِ الزمانِ اللئيمِ دَمَكْ؟ليتَهُ أَسمعَكْصَوتَهُ، قبلَ أَن يَخدَعَكْويُثَبِّتَ سِكّينَهُ في ضُلوعِكَ، ياصاحِبي:- مَنْ تُنادي هُنا؟ليسَ في غُربةِ العُمْرِ مَنْ يَملِكُ الآنَ قَلباً لكَيْ يَجمَعَكْ!كُنتَ تَصحو على زقزقاتِ العصافيرِ وهي تَصُبُّ عصيرَ تَسابيحِهافي شِفاهِ النَّهارِ البريءِ، وتَسقي تَرانيمُها مَخدَعَكْ...ما الذي أَرجَعَكْ؟مِنْ بلادِكَ، حَيثُ جَميعُ الكنائِسِ تَلتَمُّ أَجراسُ آحادِهافي شِغافِكَ، والشَّمسُ تُخفي جَدائِلَها خَجَلاً مِنْ ضَبابٍ يُغازلُهافي الطريقِ، ويَرمي عليها عباراتِهِ، إذْ تَزورُكَ جالسةً كالعروسِعلى هَودَجٍ مِنْ غُيومِ الشتاءِ، خواتِمُها في يَدَيْها، ورَنَّةُ خُلْخالِهاتوقِظُ الدِّفءَ كَيْ يَحتَسي قَهوةَ الاِنتظارِ مَعَكْ...ما الذي قَطَّعَكْمِزَقاً، ورَماكَ لِحَشْدِ كِلابِ المَدينةِ، ثُمَّ ادَّعَىٰ أَنَّهُ جَدَّ في كُلِّ شيءٍلِكَيْ يَرفَعَكْ؟!وَطَنٌ جَرَّعَكْكُلَّ هذا الشَّقاءِ، اقتَلِعْهُ مِنَ القَلبِوَالْعَنْهُ...وَاغْرِسْ إذا شِئْتَ في عَيْنِهِ إِصْبَعَكْ!رُبَّما بَعدَ أَنْ يَتَنَفَّسَكَ الموتُ يَفتَحُ أَبوابَهُويُحاولُ أَنْ يَسمعَكْ!حِينَها سَتقولُ لَهُ - ورُفاتُكَ في مَسرحِ الدُّودِ تَحتَ الثَّرَىٰ-:- وَطَني، ما الذي أَرجَعَكْ!
توابل - ثقافات
قصيدة: الغريب وساعاته
02-05-2013