المدين... دائن!

نشر في 21-05-2013
آخر تحديث 21-05-2013 | 00:02
مليونا المكرمة الأميرية طارا من الميزانية وحلت بديلاً عنهما مديونية لمصلحة طلال الفهد
كشف التقرير المالي والإداري لاتحاد كرة القدم عن السنة المالية 2012-2013، والذي اعتمدته الجمعية العمومية للاتحاد في اجتماعها العادي مساء أمس الأول الأحد، بأغلبية 12 نادياً مقابل رفض ناديين اثنين فقط هما الكويت والفحيحيل، النقاب عن العديد من المفاجآت الصارخة، التي وضعت بدورها عدداً من علامات الاستفهام، وطرحت عدداً آخر من الأسئلة، وفي مقدمة هذه المفاجآت تلك الخاصة بمنحة سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد البالغة مليوني دينار، والتي تم صرفها بموجب شيك من سموه للاتحاد صادر باسم رئيس مجلس إدارة الاتحاد الشيخ طلال الفهد، والذي أعلن عنه يوم 31 يوليو عام 2011 في مؤتمر صحافي عقده في مقر الاتحاد.

عدم إدراج المنحة الأميرية

ومثلما كانت المنحة يوم الإعلان عنها حينذاك مفاجأة، فإن عدم إدراجها في ميزانية الاتحاد للسنة المالية 2012، تحت بند المنح بالإيرادات غير الحكومية أو كمكرمة أميرية ببند خاص مفاجأة أكبر، رغم أن طلال الفهد أعلن خلال مؤتمره الصحافي المذكور أن المبلغ منحة من سمو الأمير لاستمرار النشاط الرياضي!

ولأن اتحاد كرة القدم في هذا التوقيت كان غير شرعي ومخالفاً للقوانين الوطنية، فإن الشيك تم إصداره بشكل شخصي باسم الشيخ طلال الفهد وليس لاتحاد الكرة غير الشرعي، وكان على الفهد أن يجير الشيك لحساب الاتحاد ثم يتم إدراجه في الميزانية، غير أن المبلغ برمته اختفى "بقدرة قادر" ولم يظهر في ميزانية عام 2012، وظهر بدلاً منه في بند المنح ضمن باب الإيرادات غير الحكومية مبلغ مليون و432 ألف دينار وليس مليوني دينار، وهو ما يعني أحد أمرين، إما أن المنحة الأميرية لم يتم إدراجها بتاتاً في الميزانية أو أن المبلغ قد تم اقتطاعه فأودع منقوصاً 568 ألف دينار كويتي فقط، فأين ذهب هذا المبلغ؟، ولماذا لم تدرج المنحة كاملة في الميزانية؟

وإذا كانت قد أدرجت بالفعل فإن المبلغ المذكور لم يتم إدراجه تحت مسمى منحة أو مكرمة أميرية، بل من دون مسميات تذكر، وهو تصرف مجحف وجائر وغير لائق أدبياً، خصوصاً أن المنحة تخص سمو الأمير، وليست مجهولة المصدر.  

المفاجآت تتوالى

وتتوالى المفاجآت الصارخة حينما تؤكد ميزانية عام 2013 أن الاتحاد بات مديناً في هذه السنة لرئيسه الشيخ طلال الفهد بمبلغ مليونين و74 ألف دينار، وهو يعد بذلك أكبر الدائنين للاتحاد، علماً بأن الاتحاد كان مديناً للفهد ولنفس الفترة في عام 2012، بـ57 ألف دينار فقط، فما الذي استجد؟ هل نفهم أن مليوني المكرمة الأميرية ذهبا إلى الحساب الشخصي للفهد ويكون له الحق في صرفهما على الاتحاد ثم يصبح في ما بعد دائناً للاتحاد بما أنفقه من المكرمة؟ أم أن طلال الفهد لم يجد طريقة لإقناع الآخرين بحجم مصاريف اتحاده والظروف التي اضطرته إلى صرف مبلغ المليوني دينار إلا بتحميل ميزانية الاتحاد بمبلغ مشابه، لكنه هذه المرة يأتي على شكل دين، والغريب أنه مستحق لرئيس الاتحاد نفسه!

وإذا كانت المنحة الأميرية التي سعى الفهد إلى الحصول عليها آنذاك الهدف منها دعم الاتحاد ومساندته لتخطي الأزمة المالية التي كان يمر بها في ذلك الوقت، فكيف يسمح الفهد نفسه أن يكون دائناً للاتحاد بهذا المبلغ؟ وأن يكون جزءاً من الأزمة المالية التي تحيط بالاتحاد؟ وما الهدف من هذا الأمر؟

فهل أراد الفهد أن يستخدم المنحة كورقة رابحة ضد أي مجلس إدارة آخر من الممكن أن يحكم قبضته على الاتحاد الآن أو مستقبلاً وفق أي ظروف؟ وهو أمر ممكن وليس مستحيلاً، وذلك عن طريق استخدامها بالضغط لتحقيق المزيد من مآربه، ومن ثم توجيه المجلس متى شاء وكيفما شاء.

أم هل ينوي الفهد الاستفادة الشخصية على حساب المال العام بالمطالبة بالمبلغ المذكور إذا ما تم صرف ميزانيات الاتحاد السابقة والحالية الموقوفة من قبل الحكومة بأثر رجعي باعتباره ديناً شخصياً وله الحق في تحصيله من الاتحاد في أية حال؟

الفهد ينفق على الاتحاد!

الغريب أن الشيخ طلال الفهد وبقية أعضاء الاتحاد ومن يؤيدهم دأبوا في العديد من التصريحات على التأكيد أن الفهد ينفق على الاتحاد من ماله الخاص، ولم يأتوا على ذكر أن الرئيس يقوم بتسليف الاتحاد لمساعدته على الصرف، فهل هذا الأمر كان بمنزلة ورقة ضغط منهم على الحكومة كي تصرف ميزانية لاتحاد غير شرعي ومخالف للقوانين الوطنية في ذلك الوقت؟ وإذا كانت الإجابة بـ(نعم) فإنها هنا تدين الفهد ومريديه وتؤكد الأساليب الملتوية التي اتبعها الاتحاد لتحقيق أهدافه، وإذا كانت بـ(لا)، فكيف إذن أصبح الفهد بين ليلة وضحاها أكبر دائن للاتحاد؟ بل كيف يقبل أن يكون أي شخص مسؤول في مؤسسة عامة دائناً لها دون علم أعضائها؟ وأين ذهب كلام الفهد عندما تسلّم مسؤولية الاتحاد بصورة غير شرعية وقال حينئذ إنه على استعداد لبيع بيته أو أحد أبنائه إذا لم يجد مورداً للصرف على الاتحاد؟ ولماذا لم يعلن أن ما سيصرفه على الاتحاد سيسجل ديناً عليه يحق له المطالبه به وقتما شاء؟

ميزانية غرب آسيا

وثمة سؤال آخر يطرح نفسه بقوة مفاده أين ذهبت ميزانية بطولة غرب آسيا؟ ولماذا لم تدرج ضمن ميزانية الاتحاد؟ حيث علمت "الجريدة" من مصادر موثوقة أنه تم صرف مبلغ 650 ألف دينار كميزانية للبطولة التي استضافتها الكويت في نهاية العام الماضي؟

ومن المؤكد أن الأسئلة التي طرحتها "الجريدة" في هذا الصدد تؤكد بما لا يدع مجال للشك أن ثمة العديد من المتناقضات والألغاز تحتاج إلى مجهود جبّار من أجل حلها، حتى تتضح الصورة تماماً في هذا الشأن.

تمرير الميزانية

قدم الشيخ طلال الفهد خلال تصريحاته التي أدلى بها للصحافيين عقب انتهاء "العمومية"، اعتذاره عن الخطأ الذي وقع فيه الاتحاد بعدم إرسال محضر اجتماع الجمعية العمومية العادي الذي عقد في أغسطس الماضي.

واعتذار الفهد يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الخطأ الفادح للاتحاد المفترض أن يترتب عليه بطلان كل ما جاء خلال العمومية من قرارات وفقاً للقوانين، ويؤكد أن هذه العمومية بمنزلة "سلق بيض" ليس إلا، من أجل تمرير الميزانية ليس أكثر، إذ إن تمرير الميزانية كان هو الهدف الأسمى للاتحاد!.

حسبتهم 5.5 ملايين!

بحسبة بسيطة وفق الأرقام المعلنة فإن مصروفات الاتحاد خلال السنة المالية الماضية أو بشكل أدق منذ2011/7/31 بلغت 5 ملايين ونصف المليون دينار، فقد أنفق الاتحاد المكرمة الأميرية البالغة مليوني دينار، بالإضافة إلى أن ما أنفقه رئيس الاتحاد الشيخ طلال الفهد والمسجل كدين يبلغ مليونين و17 ألف دينار، فضلا عن مبلغ مليون و432 ألف دينار المسجل في بند المنح.

ومن المؤكد أن هذه أرقام مبالغ فيها بطريقة لافتة للنظر، ومن ثم تفتح الباب على مصراعيه أمام البعض لطرح المزيد من الأسئلة في هذا الصدد، لاسيما أن إنجازات الكرة الكويتية في الموسمين الماضي والجاري، تمثلت في حصد نادي الكويت للقب كأس الاتحاد الآسيوي، علماً بأن الأبيض لا علاقة له بميزانية الاتحاد الذي جر المنتخبات الوطنية قاطبة من فشل إلى آخر!

عقلة أحرج الرئيس!

نجح ممثل نادي الكويت عادل عقلة في الجمعية العمومية لاتحاد الكرة في إحراج رئيس الاتحاد الشيخ طلال الفهد أكثر من مرة خلال العمومية.

ووصف عقلة الفهد بأنه "رئيس غير عادل" والدليل زيارته للأندية صاحبة المشاركات الخارجية واستقباله لها باستثناء الكويت، فما كان من الفهد إلا التأكيد على أن دعوة نائب رئيس النادي العربي له عبدالعزيز عاشور، هي ما دفعته إلى استقبال الوفد في المطار!

واتهم عقلة الفهد باستخدام لجنة الانضباط للدفاع عنه وقال: "أنت قمت بتشكيل لجنة الانضباط حتى تدافع عنك، والدليل أنها أوقفت من حاول الهجوم على حكم بسكين بضع مباريات، وأوقفتني شخصياً سنة ميلادية لأنني انتقدت الاتحاد في العقوبة الصادرة بحق اللاعب فهد العنزي، وهي عقوبة ظالمة"، وكان رد الفهد "أنا لا أتدخل في عمل اللجنة"!

وأخيراً وجه عقلة سؤالاً إلى الفهد بشأن أحقية القادسية في تسجيل المحترف البرازيلي سبمسليو، وما إذا كان في فترة القيد الأولى الصيفية أم الثانية الشتوية، وقال له: "في كلتا الحالتين هناك مخالفة، فإذا كان قيده في الأولى فإن القادسية هو النادي الوحيد الذي قام بقيد خمسة محترفين (داريو، المويهبي، كيتا، السومة، وأخيراً سبمسليو) وهو أمر مخالف للقوانين واللوائح، أما إذا كان تم قيده في فترة القيد الثانية، فإن الاتحاد خالف قرار الفيفا بعدم السماح للقادسية بقيد محترفين جدد لمدة عامين"، وهنا التزم الفهد الصمت، ثم قال لعقلة: "لن أجيبك، وإذا كنت تريد الإجابة فخاطبني بكتاب رسمي"!

المبادئ = دمج بالبرتقالي

ليس من المستغرب أن يوافق ممثلو أندية التكتل على قرارات مجلس إدارة اتحاد الكرة "كالعادة"، لكن المستغرب الموقف المخزي لنادي كاظمة، بموافقته على جميع قرارات الاتحاد باستثناء اعتراضه على تفويض الاتحاد بالاجتماع مع رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك للحصول على الدعم الحكومي.

وفي الوقت الذي كان ومازال رجالات كاظمة حُجة قانونية يلجأ إليهم الجميع للوقوف على آرائهم في العديد من الأمور، تحول النادي مؤخراً إلى حمل وديع، ولم لا والاتحاد أقر واعتمد دوري الدمج؟ وهو بذلك قدم خدمة العمر للبرتقالي الذي هبط للمرة الأولى إلى دوري الدرجة الأولى، لذلك فالمرحلة المقبلة ستشهد رد الدين للاتحاد بالصمت أحياناً والموافقة أحياناً أخرى، خصوصاً أن المبادئ والقيم والمواقف الرجولية تم استبدالها بدوري الدمج!

back to top