الواقع الفني في عيون النجوم: الجيد يدوم والموجة السيئة إلى انحسار
«يحتاج فن الغناء إلى ربيع عربي بدوره}، «اقتحم دخلاء على الفن الساحة وسيطروا على الشاشات بأموالهم رغم فنهم الهابط}... تعليقات كثيرة يطلقها الفنانون اليوم الذين يصرون، رغم معاناتهم التي تزيدها تعقيداً الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية المتردية، على الاستمرار من خلال أعمالهم الجميلة.
لطالما صرّح الفنان ميشال قزي بأن المجتمع الغنائي سيئ، مؤكداً أنه يرفض الخضوع للواقع ويصرّ على الاستمرار متسلحاً بقناعاته وإمكاناته ودعم الجمهور، يقول: {لكل مهنة في العالم وجهان، واحد سلبي وآخر إيجابي، لذلك حين سئلت عن رأيي الخاص بالناحية السلبية في الوسط الفني أجبت بصراحة وشفافية، ولم أعلن يوماً أنني لا أحب الفن. سأتحدى وسأواجه الصعوبات كافة لأستمر، وأظنّ أن إحيائي حفلات في لبنان والخارج وحضوري على الساحة الفنية برهنا عن نجاحي}.عن الانتقادات التي يتعرّض لها بسبب مواقفه القوية والصريحة يوضح: {إما أن يكون الفنان صريحاً أو كاذباً. أما الدبلوماسي فيبدو مصطنعاً وغير صادق مع نفسه. أنا شفاف وأصف الواقع من دون انتقاد الآخرين أو أذيتهم، فلماذا يطلبون مني السكوت عن الخطأ؟}.
يضيف: {أقبل النقد البناء الذي لا ينعكس سلباً على مسيرتي الفنية، إلا أن بعض الإعلاميين ينتقد بشكل سلبي، فليحكي هؤلاء اذاً ما يشاؤون، ما دمت أقوم بما يرضي الله ويرضيني. أنا لبناني متمسّك بمبادئي وأخلاقي، أكره الكذب والتحايل على الآخرين وتخطي الحدود}.إعاقة فنية“ثمة إعاقة فنية يتحمل مسؤوليتها القيمون على وسائل الإعلام وشركات الإنتاج الذين يروجون لجيل ناقص فنيّاً، ما أدى إلى تدهور في الموسيقى}، يؤكد الفنان سمير صفير الذي يعتبر أن الفن فقد هويته ورسالته الحقيقة، وأصبح تجارة وبيع وشراء.يلاحظ أنه كلما قدم من يدعي أنه فنان تنازلات، كلما عرف شهرة أكبر وعرضت أعماله بشكل أوسع. أما الحل بنظره فيكمن في {استبدال هؤلاء الأشخاص القيمين على الفن بآخرين يتمتعون بفكر وثقافة فنية وكف نظيف، هؤلاء يملكون الدواء الفاعل الذي يطهّر الوسط الفني من الدخلاء، وجديرون بالتفتيش عن طاقات مميزة تستحقّ أن يطلق عليها لقب فنان. فُقدت المعايير الصحيحة للفن وأصبح كل شخص يريد أن يغني ويلحّن ويكتب وما من محاسب}.أضاف في حديث سابق له: {أحزن حين يستبدل ملصق يتضمن صورة لفيروز بآخر تتصدره صورة أشخاص يدعّون أنهم فنانون. ثمة فساد مستشرٍ في الفن، على غرار السياسة والمحاكم والمستشفيات والنقابات وغيرها}. بدورها تؤكد الفنانة مادلين مطر أن {الوسط الفني، على غرار مجالات أخرى في الحياة، فيه الجيّد وفيه السيئ، وعلى الفنان الذي يعرف ما يريد أن يسلك الطريق الصحيح. ليس المهم من يصعد سريعاً بل من يحقق استمرارية ناجحة}.تقول: {رغم واقع الفن المتردي، لا ننكر أن ثمة نجوماً حقيقيين على الساحة، يبذلون كل ما بوسعهم لتقديم أعمال جميلة وراقية، بعيدة عن الابتذال}.تضيف:} أنا إنسانة متفائلة بطبعي، والحمد الله أن موجة الابتذال بدأت تنحسر. في النهاية يرغب الناس في الاستماع إلى فن جميل، وأنا ضد مقولة هكذا يريد الجمهور. الفن جميل ولا نريد تشويهه، والمواهب الجديدة تبشّر بمستقبل فني جميل، لذا علينا دعمها ومنحها صورة جميلة عن الواقع الفني}.ربيع موسيقييشير الملحن والموزع جان ماري رياشي إلى إن {حملات إلكترونية كثيرة تدعو إلى تنظيف هواء الإذاعات، فالأغنية نفسها تبثّ عبر أثير الإذاعات كافة، والأسوأ أن إيقاع تلك الأغاني حربي والجوقة الموسيقية تصرخ وتضجّ، بدل أن تضفي أجواء حالمة وهادئة}.يضيف: {لم نكن نواجه مثل هذه المشكلة إبان الإنتاج الغزير لبعض شركات الإنتاج، لأن الفنانين المحترمين أنتجوا أعمالهم بكثافة، إنما في ظل الأزمة الاقتصادية التي انعكست على هذه الشركات، عجز هؤلاء عن الإنتاج رغم أنهم متمكنون اجتماعياً ومالياً. في المقابل، ازداد إنتاج فناني المقاهي والمطاعم الذين يبحثون عن أغانٍ ملائمة لجو عملهم. من هنا، نلاحظ في المهرجانات اللبنانية تراجعاً في نسبة مبيع التذاكر الخاصة بحفلات الفنانين العرب، في مقابل حضور شعبي في حفلات الأجانب، ما يعني أن الموسيقى تحتاج إلى ربيع عربي أيضاً}. في حديث إلى أحد المواقع الإلكترونية يوضح الشاعر نزار فرنسيس أن الوضع الفني ليس أفضل من الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والخدماتي والأمني... {كل ما يمكننا فعله هو العمل بأمانة وإرضاء ضميرنا أمام الله والناس}. يضيف: {تساهم وسائل الإعلام والفضائيات المتحكمة بالعالم بازدياد المستوى الرديء، لأنها تساوي بين الجيد والسيئ، إلا أنني على يقين بأن الأغنيات السيئة لن تدوم ولن يذكرها أحد».