اقترح وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس على دمشق تسليم "الكيماوي" خلال أسبوع لتجنب ضربة أميركية، وذلك في وقت بدأ الكونغرس أمس مناقشة منح تفويض للرئيس الأميركي باراك أوباما لاستخدام القوة، من ناحيته، عرض النظام السوري أمس الذهاب الى مؤتمر "جنيف 2" من دون شروط.

Ad

مع انطلاق مداولات الكونغرس الأميركي بشأن منح الرئيس باراك أوباما تفويضاً لاستخدام القوة ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ظهرت أمس ثغرة «سياسية» في جدار الأزمة، تمثلت في مبادرتين، الأولى لوزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي قال إنه يمكن تجاوز الضربة إذا سلم الأسد مخزونه من السلاح الكيماوي خلال أسبوع، والثانية لوزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي قال بعد لقائه نظيره السوري سيرغي لافروف في موسكو إن دمشق وافقت على الذهاب الى مؤتمر «جنيف 2» بدون شروط، الأمر الذي فسره المراقبون انه إشارة من دمشق الى استعدادها الحديث عن إمكانية تنحي الأسد، وهو الأمر الذي كان خطاً أحمر في السابق.

كيري وهيغ

وقال كيري في مؤتمر صحافي مع نظيره البريطاني، وليم هيغ في لندن أمس رداً على سؤال بشأن ما إذا كان هناك أي شيء يمكن أن يفعله أو يعرضه الأسد لوقف أي هجوم «بالتأكيد... يمكنه تسليم كل أسلحته الكيماوية للمجتمع الدولي خلال الأسبوع المقبل، يسلمها كلها دون تأخير ويسمح بتقديم بيان كامل عنها لكنه لن يفعل ذلك ويستحيل تحقيق ذلك».

وأشار الوزير الأميركي الى أن «الأسلحة الكيماوية في سورية يسيطر عليها بشكل صارم نظام الأسد. بشار الأسد وشقيقه (قائد الحرس الجمهوري السوري) ماهر الأسد وأحد الجنرالات، هم الأشخاص الثلاثة الذين يسيطرون على حركة واستخدام الأسلحة الكيماوية».

وجدد موقف واشنطن التي تعتبر أن «خطر الامتناع عن التحرك أكبر من الخطر الناجم عن تحرك»، وتمسك بـ «الحل السياسي للنزاع»، مؤكداً أن الضربة التي تدرسها واشنطن ستكون محدودة في الزمن ومحددة الأهداف.

ومن جانب آخر، أكد كيري إن العلاقة الخاصة بين واشنطن ولندن «لن تتأثر بسبب تصويت البرلمان البريطاني ضد المشاركة بأي تدخل عسكري في سورية»، واصفاً العلاقات بينه البلدين بأنها «أكبر من تصويت واحد أو لحظة واحدة في التاريخ». اما وزير الخارجية البريطاني فقد أكد «دعم بريطانيا الدبلوماسي التام» للولايات المتحدة في خطتها للتحرك عسكريا ضد سورية.

لافروف والمعلم

وفي موسكو، قال لافروف خلال مؤتمر صحافي اعقب محادثاته مع المعلم إن «إمكانية الحل السلمي لا تزال موجودة»، مشيراً الى أن دمشق لا تزال «مستعدة لمفاوضات سلام»، ومحذراً من أن توجيه ضربات عسكرية الى سورية سيؤدي الى «انتشار الإرهاب» في المنطقة برمتها».

من جانبه، أكد المعلم استعداد النظام السوري للمشاركة في مؤتمر «جنيف 2» للسلام «من دون شروط مسبقة»، وللحوار مع كل القوى السياسية المؤيدة لإعادة السلام الى البلاد، محذراً من أن موقف النظام سيتغير في حال حصول الضربات العسكرية.  

اجتماع خليجي

الى ذلك، يبحث وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي خلال اجتماعهم الدوري في جدة اليوم «اجراءات دولية تردع النظام السوري»، حسب ما صرح دبلوماسي خليجي لوكالة فرانس برس أمس. وقال المصدر رافضا ذكر اسمه ان «الدول الست في مجلس التعاون تؤيد الاجراءات الدولية التي تتخذ لردع النظام السوري عن ارتكاب ممارسات غير انسانية». وحمل المصدر «النظام السوري مسؤولية ما يجري بسبب رفضه كل المبادرات العربية وغير العربية».

بدوره، أكد مجلس الوزراء السعودي خلال جلسته أمس برئاسة ولي العهد الامير سلمان بن عبدالعزيز «متابعة الجهود والإجراءات الدولية الهادفة لردع النظام السوري، عن ارتكاب المزيد من الممارسات غير الانسانية».

وجدد مواقف المملكة «الثابتة من الأزمة ودعوتها المجتمع الدولي الى الاضطلاع بمسؤولياته (...) وانهاء ما يتعرض له الشعب السوري من اعمال اجرامية وابادة جماعية وانتهاكات خطيرة».

وياتي الاجتماع الخليجي الذي كان مقررا في الاول من الشهر الحالي لكنه أرجئ بسبب انعقاد المجلس الوزاري العربي، في اعقاب لقاء وزير الخارجية الاميركي جون كيري بعدد من نظرائه العرب في باريس أمس الأول. وأعلن كيري بعد الاجتماع أن دولا عربية ستعلن موقفها من الرد على النظام السوري خلال الـ24 ساعة المقبلة.

الأسد

وقال الأسد في مقابلة مع شبكة «سي بي إس» الأميركية بثتها كاملة أمس إن أي ضربة على بلاده من شأنها فقط أن تعزّز نمو تنظيم القاعدة ضمن حدودها، ولن تصب في مصلحة الولايات المتحدة، محذراً من أن على واشنطن «أن تتوقع أي شيء» كرد في حال توجيهها أي ضربة لدمشق.

وقال الأسد إن أي تدخّل للولايات المتحدة في الحرب الدائرة بسورية منذ سنتين من شأنه فقط أن يشجّع أعداء أميركا، معتبراً أن الضربة الأميركية التي يتم بحثها في واشنطن «لن تخدم مصالح أمن الولايات المتحدة».

الكونغرس

وتتجه الأنظار إلى مبنى الكابيتول مقر مجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين في واشنطن حيث بدأت أمس مناقشة قرار إدارة أوباما توجيه ضربة عسكرية لنظام الأسد، عقابا له على استخدام السلاح الكيماوي ضد المدنيين. وتقوم إدارة أوباما بحملة لإقناع ممثلي الشعب الأميركي بالضربة، تقابلها حملة مناهضة يقودها الأسد للتأثير على الرأي العام الأميركي قبل التصويت المرتقب. ولا يزال الكونغرس منقسماً على نفسه بين مؤيد ومعارض ومتردد لطلب أوباما تنفيذ ضربة محدودة على النظام السوري.

وفي مجلس الشيوخ، لايزال هناك ما يقارب 50 عضواً من أصل 100 لم يحددوا موقفهم من الضربة. أما في مجلس النواب فالعدد يصل الى 182 نائباً من أصل 433 نائباً. ويتم العمل، على قدم وساق، لإقناع هؤلاء الأعضاء.

ويعمل أوباما بنفسه على استمالة أعضاء الكونغرس، ولهذه الغاية أجرى أمس عدة لقاءات تلفزيونية ستبث في وقت الذروة، كما سيلقي خطاباً موجهاً الى الشعب الأميركي اليوم الثلاثاء يشرح فيه موقفه.

(لندن، موسكو، واشنطن، الرياض - أ ف ب، كونا،

رويترز، د ب أ، يو بي آي)