الخوف من الحوار!
الدعوة إلى الحوار والمشاركة فيه بغية إنجاحه بل الإصرار على نجاحه تتطلب الاستعداد المبدئي بمعنييه؛ المبدئي المسبق والمبدئي كقناعة راسخة، للاستقرار على المحاور ليس المتقاربة بل المتطابقة، وما أكثرها، وتأجيل الأولويات المتفرقة عند كل جانب على حدة.
![د. حسن عبدالله جوهر](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1499151557547559900/1499151557000/1280x960.jpg)
ولذلك، فإن الدعوة ومن قبلها القناعة بالحوار إذا كانت منطلقاته ذات نوايا صادقة وآفاقه تطمح إلى رسم توجهات مستقبلية حقيقية وقابلة للتطبيق في مجال الإصلاح الشامل، هذه الدعوة بلا شك محمودة بل وواعدة. إضافة إلى ذلك، فإن الدعوة إلى الحوار والمشاركة فيه بغية إنجاحه بل الإصرار على نجاحه تتطلب الاستعداد المبدئي بمعنييه؛ المبدئي المسبق والمبدئي كقناعة راسخة، للاستقرار على المحاور ليس المتقاربة بل المتطابقة، وما أكثرها، وتأجيل الأولويات المتفرقة عند كل جانب على حدة.ولتقريب هذه الفكرة نقول إذا كانت القواسم المشتركة لدى جميع من يدعون إلى الحوار إضافة إلى مجاميع كثيرة أخرى محايدة تصب في المصلحة العامة وحماية الدستور والحريات العامة وتأصيل إرادة الأمة ومواجهة المفسدين، فبالتأكيد تكون الجبهة المشَكَلَّة من هذا الحوار متينة ومؤثرة، ومن السهولة بمكان استخلاص هذه القواسم إذا أعلنت كل الأطراف مسبقاً أنها سوف تقبل بالأولويات المتطابقة التي حددها الجميع دون الإصرار على ما ينفرد به أي طرف بمفرده، واستعدادهم لتمكين كل إمكاناتهم وطاقاتهم للدفاع عنها.ويبدو أن الكثير من القوى السياسية والمكونات المجتمعية حتى في الحراك الشبابي باتوا يفكرون بصوت عال بمثل هذه التحرك أو على الأقل يدركون أن الوقت مناسب جداً لذلك، وأوضح دليل على ذلك حالة التوتر وفلتان الأعصاب التي ظهرت في الأيام الماضية من شخصيات، وكتّاب طالما كانوا يرقصون فرحاً على حالة الانقسام في أوساط المعارضة، بل لم يقصّروا في التكسب السريع على حساب الفوضى السياسية المستمرة لأعوام عدة، فراحوا يضربون "الأخماس بالأسداس" ويتسابقون مع الزمن لطرح سيناريوهات المرحلة القادمة، التي نأمل ولو بقليل من الحكمة وخلاص النوايا أن تكون في مصلحة البلد والناس.