مع مضي الشهر الخامس من عمر مجلس الأمة، تكررت غالبية السيناريوهات البرلمانية التي شهدتها المجالس السابقة، مع اختلاف تكوينة المجلس من الكتلة السياسية وممثليها، بدءا بالاستجوابات وتأجيلها، ورفض رفع الحصانات عن النواب، وتشكيل لجان تحقيق، وانحدار في لغة الخطاب، انتهاء بمطالب نيابية شعبية ذات ميزات مالية.

Ad

مقترحات شعبوية

ويتضح للمتابع للشأن البرلماني أن اعضاء المجلس الحالي لم يتوانوا للحظة في التردد بتقديم مقترحات "شعبوية" ذات مميزات مالية للمواطنين، بدءا من اسقاط فوائد القروض الذي تبناه بعض النواب ابان حملاتهم الانتخابية في نوفمبر الماضي، فضلا عن توالي الاقتراحات النيابية منذ بداية عمر دور الانعقاد الحالي دون توافر ادنى معلومة عن كلفة المقترح المالية التي تزيد من اعباء ميزانية الدولة.

وبنظره أولية للمقترحات النيابية التي حظيت بموافقة المجلس، تأتي مقترحات اسقاط فوائد قروض المواطنين على رأس القائمة، والتي نتج عنها انشاء صندوق الاسرة في الشهر الماضي، وقانون منح الموظفة الكويتية العلاوة الاجتماعية وعلاوة الاولاد، انتهاء بموافقة اللجنة المالية في الاسبوع الماضي على زيادة القرض الاسكاني من 70 الى 100 ألف دينار وبدل الايجار من 150 الى 250 دينارا، فضلا عن تأجيل الموافقة على زيادة العلاوة الاجتماعية للأولاد من 50 الى 100 دينار دون تقييد لعدد الاولاد الى ثلاثة اسابيع.

ان أكثر من نائب اعلن صراحة حرص الغالبية من النواب على اصدار قرارات ملموسة للمواطن، وعلى رأسها الميزات المالية الشعبوية، فهذا سيحسن من صورة مجلس الأمة امام الشارع ويصبح "مجلس انجاز" كما يسميه البعض.

مكامن الخلل

وبالعودة الى القوانين التي اقرها المجلس وتقارير اللجنة المالية التي حظيت بموافقة اعضائها والمقترحات النيابية التي تحظى بموافقة نيابية مسبقة، يتضح جليا امام المتابع عدم علاج المجلس وغالبية نوابه مكامن الخلل الحقيقية لأصل معاناة المواطنين.

ونجد ان المجلس وافق على إنشاء صندوق الأسرة بكلفة 740 مليون دينار، فضلا عن اقراره لقانون العلاوة الاجتماعية للموظفة الكويتية والتي اعترضت عليه الحكومة في الجلسة الماضية لسبب عدم معرفتها بكلفة القانون المالية سنويا، وبالنظر الى ما اقرته اللجنة المالية وما ستذهب الى اقراره في القادم من الايام، تظهر كلفة زيادة القرض الاسكاني الى 100 ألف ما يحمل الميزانية اكثر من 350 مليون دينار، ويعد هذا الامر الوحيد الذي حظي بمباركة حكومية مسبقة، كما نجد اقرار زيادة بدل الايجار الى 250 دينارا والتي تتجاوز تكلفتها 354 مليون دينار سنويا، وذلك دون احتساب زيادة طلبات الحصول على الرعاية السكنية بمعدل 800  طلب شهريا، واقرار المعاشات الاستثنائية للعسكريين والاطفائيين المتقاعدين لدون رتبة نقيب بكلفة سنوية تصل الى 44 مليونا سنويا، فضلا عن زيادة علاوة الاولاد التي تتجه اللجنة المالية لإقراره والتي تتجاوز تكلفته اكثر من 600 مليون دينار سنويا.

الكلفة المالية

وبحساب الكلفة المالية لما سبق من قوانين ومقترحات نيابية يسعى المجلس الى اقرارها في جلسة الثلاثاء القادم وفي مقدمتها زيادة القرض الاسكاني وبدل الايجار، نجد ان قرارات المجلس حملت الدولة اكثر من ملياري دينار، منها مليار تحملتها ميزانية الدولة سنويا، ومازال منها ما لم يفصح عن تكلفته المالية، الأمر الذي يفتح مجالا واسعا للتساؤل امام هذه المقترحات ذات الميزات المالية والشعبية، هل تعد المقترحات المالية المقدمة ضعفا نيابيا في فرض وتفعيل رقابة حقيقة في مواجهة مكامن المشاكل الاساسية؟ وهروب من الواقع؟ والى أي مدى سيتم تحميل ميزانية الدولة اعباء "مليارية" لتحسين صورة المجلس امام الشارع؟ وهل اعلى طموح للنائب هو تقديم مقترحات شعبية لزيادة مؤيديه وفرص نجاحه في الانتخابات مستقبلا؟