من هي ريم محمد علي؟ هي واحدة من فتيات دور الرعاية التي توفيت بحادث سيارة مؤخراً، وثارت ضجة إثر وفاتها، تم استغلالها بشكل بطولي، وبات كل نائب يطالب بمساءلة الوزيرة عن سر التسيب في دور الرعاية.

Ad

 توفيت ريم لأنها تعرضت لحادث سير من شاب طائش كان يضايقها، وبعد ملاحقة عنيفة منه أدت إلى حادث مرور مروع ماتت على إثره في الحال، وهرب هذا الشاب، وهو حر طليق حتى اليوم، لكن قرر الجميع فجأة أن يوظفوا هذه الوفاة للتلميع الإعلامي متناسين المشكلة الأساسية وهي الفساد المتفشي في دور الرعاية الاجتماعية.

تنقسم إدارة الأيتام في دور الرعاية إلى دار الطفولة ودار الفتيات، وأخيراً دار الضيافة التي تحتوي على من تعدين 40 سنة، فهناك تخبط في توزيع الفتيات في هذه الأماكن الثلاثة، والمصيبة الكبرى في دور الرعاية هي المشرفات والاختصاصيات، حيث إن أغلبهن يعاملن هؤلاء الفتيات بكثير من القسوة التي تجعل الفتيات في حالة غضب وطيش دائمين.

تعرضت ريم للحرمان من مصروفها شهراً كاملاً، والذي يبلغ 30 ديناراً كويتياً فقط لا غير، وهو أقل من راتب أي خادم في أي بيت؛ لأنها باتت ليلة عند إحدى صديقاتها؛ لذا قررت بسبب هذا العقاب المجحف أن تبيت ليلتين عند صديقاتها، ولأن مصلحة وحياة الفتيات في الدار لا تعني كثيراً للإدارة لم يتم تبليغ المخفر عن تغيبها، وهذا ما يحاول موظفو دور الرعاية إنكاره الآن؛ لأنه يكشف مدى إهمال دور الرعاية.

 حين نوحد العقاب لأي تجاوز تقوم به فتيات دور الرعاية فنحن بذلك نعودهن على الظلم، وهو ما لم تتعرض له ريم لوحدها بل فتيات دور الرعاية بشكل عام، وذلك حسب الشهود والمتطوعين الذين قابلتهم شخصياً، إذ أكدوا لي أن هناك اعتماداً كلياً على مجهود المتطوعات، والنقود التي يتم دفعها كزكاة أو تبرعات للأيتام لا تصرف على احتياجات الفتيات، وقد لا ترى النور، وتختفي بقدرة قادر، حتى الطعام الذي يطبخ لهن لا يؤكل، وهناك مزاجية وظلم في التعامل معهن، ناهيك عن عدم وجود أي حوافز لأي فتاة تحسن من سلوكها، وبعد ذلك نريد أن نخرج للمجتمع أفراداً أسوياء؟

المكان هناك مستهلك، ناهيك عن أنه في رمضان تم إعطاء 18 فتاة 40 ديناراً كمصاريف للطعام لشهر كامل، هل يعقل أن نكون في الكويت؟

 في جعبتي الكثير من الحكايا ولكن هل من مجيب؟ لأني فقدت الأمل في كل من كان وأصبح وزيراً لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، أعلم أن ما أكتبه اليوم لن يحرك ساكناً لدى العاملين بالوزارة التي تغرق بالفساد الإداري، ولكني أتمنى أن تخيب ظني وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ذكرى الرشيدي وتنفض الغبار عن ملفات الشكوى، وتقوم بالتحرك فعلاً تجاه المصائب التي تتم يومياً في دور الرعاية.

قفلة:

شكراً للمتبرع الذي سيبني مسجداً باسم الضحية ريم محمد علي، لكني أتأمل أن يتم الالتفات أكثر إلى من هم في دور الرعاية ومحاولة ضبط التسيب والإهمال والفساد الذي تغرق فيه!