أصدر الرئيس الأميركي باراك أوباما أمراً رسمياً بإجراء تخفيضات واسعة في إنفاق الحكومة، بعد أن أخفق هو والجمهوريون في الكونغرس في التوصل إلى اتفاق من أجل تجنب التخفيضات التلقائية، التي يمكن أن تعرقل النمو الاقتصادي وتحد من الجاهزية العسكرية.
وفي الوقت الذي تتجه فيه الولايات المتحدة نحو أزمة مالية جديدة توقع البيت الأبيض أن تكون التخفيضات -التي دفع إليها إخفاق أوباما والكونغرس في التوصل إلى اتفاق أوسع بشأن تقليص العجز- "مدمرة جدا" للأمن الاقتصادي والقومي للبلاد.وقال أوباما للصحافيين بعد اجتماعه مع الزعماء الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس "لن يشعر الجميع بالمعاناة التي ستسببها هذه التخفيضات على الفور. ورغم ذلك ستكون المعاناة حقيقية. بدءا من هذا الأسبوع ستتأزم حياة كثير من أسر الطبقة المتوسطة بشكل كبير".الضوء الأخضرووقع أوباما في وقت متأخر أمس الأول على أمر يقضي ببدء سريان التخفيضات الشاملة في الإنفاق الحكومي. وستبدأ الهيئات الحكومية الآن في استقطاع ما إجماليه 85 مليار دولار من ميزانياتها في الفترة من امس السبت حتى أول أكتوبر، وستتحمل وزارة الدفاع نصف التخفيضات.وقال وزير الدفاع الأميركي تشاك هاجل إن التخفيضات تهدد "جميع مهامنا".ومازال بإمكان الكونغرس وأوباما وقف تخفيضات الإنفاق في الأسابيع المقبلة، ولكنّ أيا من الجانبين لم يعبر عن ثقته في قيامهما بذلك.وكان الديمقراطيون والجمهوريون أعطوا الضوء الأخضر لتطبيق التخفيضات التلقائية أثناء جهود محمومة لخفض العجز في أغسطس 2011.وتوقع الديقراطيون أن هذه التخفيضات يمكن أن تتسبب على الفور في تأخيرات بحركة الملاحة الجوية ونقص في اللحوم، مع ضعف عمليات التفتيش على سلامة الأغذية وخسائر لآلاف المتعهدين الاتحاديين، فضلا عن إلحاق أضرار بالاقتصادات المحلية في البلاد خصوصا في المناطق الأكثر تضرراً القريبة من المنشآت العسكرية.ومن أبرز أسباب الأزمات المالية المتواصلة التي تعانيها واشنطن الخلاف بشأن كيفية تقليص عجز الميزانية والدين العام الذي بلغ 16 تريليون دولار وتضخم على مدار السنين، بسبب الحرب في العراق وأفغانستان والحوافز الحكومية للاقتصاد المتداعي.ويريد أوباما سد الهوة المالية بخفض الإنفاق وزيادة الضرائب.ولا يريد الجمهوريون التنازل بشأن الضرائب مجددا مثلما فعلوا في مفاوضات "الهاوية المالية" في بداية العام.وتشكل التخفيضات الفعلية في الإنفاق نسبة صغيرة من إجمالي حجم الإنفاق الحكومي سنويا والبالغ 3.7 تريليونات دولار. ونظرا لعدم المساس ببرامج شبكة الأمان مثل الأمن الاجتماعي والرعاية الصحية، فإن معظم الضرر سيقع على موظفي الحكومة الاتحادية لا من يتلقون الإعانات مباشرة.تقشفوالحكومة الأميركية أكبر جهة توظيف في الولايات المتحدة، حيث يبلغ عدد العاملين بها نحو 2.7 مليون شخص في أنحاء البلاد. وفي حالة استمرار سريان التخفيضات، فإن أكثر من 800 ألف من هؤلاء العاملين قد تخفض أيام عملهم وتقلص أجورهم في الفترة من الآن وحتى سبتمبر.وبينما حذر صندوق النقد الدولي من أن التقشف قد يحد من النمو الاقتصادي الأميركي بنسبة 0.5 نقطة مئوية على الأقل هذا العام، فإن ذلك لا يشكل عبئا كبيرا على اقتصاد ينمو سريعا.ارتفاع الأسهم الأميركية رغم التخفيضاتارتفعت الأسهم الأميركية خلال تعاملات أمس الأول، مع دخول التخفيضات التلقائية في النفقات حيز التنفيذ، بعد أن فشلت المحاولات من قبل الجمهوريين والديمقراطيين لإيجاد حل بديل لها.وجاءت البيانات عن الاقتصاد الأميركي لتعطي دفعة إيجابية للأسواق، حيث ارتفعت ثقة المستهلكين لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ شهر نوفمبر، كما اتسع نشاط الصناعات التحويلية الأميركي لأعلى مستوى منذ يونيو 2011.وأقفل مؤشر الداو جونز الصناعي مرتفعاً بـ30 نقطة الى 14089، بينما ارتفع مؤشر الـSandP الأوسع نطاقاً والذي يتكون من 500 شركة كبيرة ليقفل عند 1518 (+3 نقاط)، وصعد مؤشر النازداك الى 3169 (+9 نقاط).وشهدت المؤشرات الرئيسية في أوروبا تبايناً خلال تعاملات الجمعة، حيث ارتفع الفوتسي البريطاني إلى مستوى 6379 (+18 نقطة)، وصعد مؤشر «كاك» الفرنسي إلى 3700 (-23 نقطة)، ومؤشر «داكس» الألماني إلى 7708 (-34 نقطة).وانخفض خام «برنت» القياسي إلى مستوى 110.52 دولارات للبرميل، بينما أقفل خام ويست تكساس ببورصة نايمكس عند 90.68 دولارا للبرميل.
اقتصاد
تخفيضات قاسية في الإنفاق الأميركي... ومخاوف على النمو الاقتصادي
03-03-2013