تستقبل مصر اليوم أكثر أيامها حسما، استجابة لدعوات المعارضة للإطاحة بالرئيس محمد مرسي، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، بعد عام من الحكم، في مواجهة أنصار الرئيس المعتصمين بالقرب من قصر الاتحادية الرئاسي، ما ينذر بدخول أكبر دولة عربية أجواء حرب أهلية.

Ad

وأعلنت قوى المعارضة، وعلى رأسها حملة سحب الثقة من الرئيس "تمرد"، إنهاء استعداداتها للمشاركة في تظاهرات اليوم، بإعلان الحركة، أمس، نجاحها في جمع أكثر من 22 مليون توقيع لسحب الثقة، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، كاشفة عن تحركات قوى المعارضة في المحافظات المصرية، خاصة في القاهرة التي تتجمع فيها معظم مسيراتها أمام قصر الاتحادية الرئاسي، لرفع الكارت الأحمر للرئيس.

وقال المتحدث الإعلامي لـ"تمرد" حسن شاهين: "إن نجاح الحركة في جمع تلك الملايين يعد خطوة أولى، والخطوة التالية هي إسقاط الرئيس مرسي، ونقل السلطة إلى رئيس المحكمة الدستورية العليا، وإسناد رئاسة الوزراء إلى شخصية سياسية محل توافق".

ويحتشد القضاة والصحافيون في مسيرة تنطلق من أمام مقريّ نقابة الصحافيين ونادي القضاة، صوب ميدان التحرير، للتضامن مع الشعب المصري، بينما أعلن أكثر من 10 نواب، معظمهم من الأقباط، وينتمون للتيار المدني، استقالتهم من مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان)، تأييدا للمعارضة.

وبينما شكك القيادي بحزب الحرية والعدالة جمال حشمت في صحة أرقام "تمرد"، وأنها لا تتجاوز 120 ألف توقيع، كشفت مصادر مطلعة بجماعة الإخوان المسلمين لـ"الجريدة" اعتزام أعضائها تنظيم فعاليات خلال تظاهرات اليوم، لدعم الشرعية، وأن الاعتصام سيستمر في ميدان "رابعة العدوية".

اقتتال

وضربت بشائر الاقتتال الأهلي بعض المحافظات المصرية، منذ أمس الأول، وتواصلت أمس، بعد أن ارتفعت حصيلة القتلى في أحداث الاشتباكات بين مؤيدي مرسي ومعارضيه إلى 7 قتلى و606 مصابين، مع سقوط 3 قتلى في صدامات أمس الأول، بينهم قتيلان في أحداث سيدي جابر بمحافظة الإسكندرية الساحلية، أحدهما أميركي شاب، بينما سقطت الضحية الثالثة في مدينة بورسعيد، وهو صحافي يدعى صلاح الدين حسن، إثر انفجار قنبلة وسط اعتصام معارضين في المدينة.

وكانت بورسعيد، التي خرجت عن بكرة أبيها لإعلان رفضها بقاء مرسي في الحكم، شهدت انفجار قنبلة يدوية الصنع، وفقا للتحريات الأولية، بينما نجحت قوات الأمن في إبطال مفعول قنبلة أخرى، وشهدت أحداث العنف إحراق نحو سبعة مقار لجماعة الإخوان المسلمين، وذراعها السياسية "الحرية والعدالة"، في الإسكندرية وعدة محافظات.

وزادت المخاوف من نشوب "حرب أهلية" غير مسبوقة في مصر، بعدما أحبطت قوات الأمن في شمال سيناء محاولة تهريب 5 صواريخ جراد وقنابل يدوية داخل سيارة ملاكي بمدينة رفح، بالقرب من الأنفاق الحدودية مع قطاع غزة، وسط تقارير إخبارية عن توافر السلاح المهرب في يد قطاع عريض من الشعب المصري، منذ ثورة 25 يناير 2011.

من جهته، التقى الرئيس مرسي وزيري الدفاع والداخلية، الفريق أول عبدالفتاح السيسي واللواء محمد إبراهيم، ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء محمد شحاتة، أمس، عشية تظاهرات 30 يونيو، لمعرفة مدى جاهزية قوات الأمن لتأمين البلاد، بعدما نقل الرئيس بعيدا عن التظاهرات، إلى دار الحرس الجمهوري، في حين يباشر النائب العام، المطعون في شرعيته، المستشار طلعت عبدالله، مهام منصبه من مكتبه بضاحية "التجمع الخامس" شرقي القاهرة، هربا من تظاهرات المعارضة.

حرب أهلية

من جهته، عبر الأزهر الشريف صراحة عن مخاوفه من الدخول في أتون الحرب الأهلية، وأعربت المؤسسة الدينية الرسمية، على لسان مستشار شيخ الأزهر د. حسن الشافعي، عن أملها أن يكون اليوم تعبيرا حضاريا عن الرأي، وأن يكون "حافزاً للنخب السياسية إلى تفاهم يقي الوطن الذي نعيش فيه جميعا البديل الخطير الذي يهددنا بالحرب الأهلية".

وبينما دان الشافعي أحداث الجمعة التي خلفت قتلى وجرحى، دعا البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، المصريين إلى نبذ العنف والاعتداءات، مضيفا، في تغريدة على "تويتر"، أن "مصر تحتاج كل المصريين اليوم، نفكر معاً... نتحاور معاً... نعبر معاً، عما في قلوبنا تجاه الوطن، لكن بلا عنف بلا اعتداء وبلا دم... صلوا من أجل مصر".

تحذير أميركي

في السياق، حث الرئيس الأميركي باراك أوباما الرئيس المصري ومعارضيه أمس على نبذ العنف وبدء حوار بناء، مضيفا: "نتابع الوضع بقلق"، في إشارة إلى الاشتباكات التي تشهدها مصر منذ الأربعاء، وخلفت قتلى ومصابين بينهم طالب أميركي.

بدورها، طالبت وزارة الخارجية الأميركية مواطنيها المسافرين إلى مصر بإرجاء زيارة القاهرة، مفضلة إنهاء مواطنيها زيارتهم لمصر في هذا الوقت، نظراً لاحتمال استمرار الاضطرابات السياسية والاجتماعية، وهو ما أكدته السفارة الأميركية في رسالتها أمس إلى رعاياها ولعدد من موظفيها في مصر ممن لا يرتبط عملهم بحالات الطوارئ وأسرهم، بالسماح لهم بالعودة إلى بلدهم، بسبب هذه الاضطرابات، مرجحة استمرارها في المستقبل القريب.