قلت مراراً عبر هذه الزاوية أو في منتديات أخرى إن أصل الفساد في البلد هو في نظام الدولة الريعية الذي عوّد الناس على الكسل والبطر وتعاطي إبر النفط التخديرية.
ومن نتائج هذا النظام انتخاب مجالس أمة جُل اهتمامها هو حقن الشعب بمزيد من إبر إدمان النفط التي ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، وللأسف يبدو أن هذا المنهج مستمر في هذا المجلس كما في المجلس المبطل والمجالس التي سبقتهما.آخر إبر الإدمان هو موافقة اللجنة التشريعية على مقترحات زيادة علاوة الطفل 100% إلى 100 دينار حتى الطفل السابع، ورفع قيمة القرض الإسكاني من 70 إلى 100 ألف دينار، إضافة إلى رفع قرض الترميم إلى 30 ألف دينار، وكل ذلك تحت مبرر الغلاء الفاحش ومساعدة المواطنين على مواجهته، لكن حقيقة الأمر أن مثل هذه المقترحات تضر المواطن (نعم تضره) ولا تنفعه.فمشكلة الإسكان في البلد ليست في نقص السيولة، لكن بسبب زيادة الطلب بشكل كبير مع شح في العرض، ولذلك ارتفعت أسعار العقارات في السنوات الأخيرة، وزادت الكوادر والزيادات التي مُنحت للموظفين الطين بلّة، وزادت من سيولة المواطنين التي صبت كلها في رفع الأسعار ومن بينها العقارات.وزيادة قيمة القرض في ظل هذه الأوضاع لن تؤدي إلا إلى مزيد من التضخم في أسعار العقار ما دمنا لم نحل أساس المشكلة، وهو قلة المعروض بسبب عدم تحرير الدولة للأراضي، وهذا هو الأساس الذي يجب أن يهتم به النواب والعمل على علاجه لا أن ينصرفوا إلى خداع الناس عبر هذه المقترحات التي لن تؤدي إلا إلى زيادة سنوات سداد الأقساط، وزيادة أسعار المواد (في ظل القوانين التي "تشرعن" الاحتكار) وكأنك "يا بوزيد ما غزيت"!أما بالنسبة إلى زيادة علاوة الأبناء، فهي الأخرى ستؤدي إلى زيادة الأسعار. ترى ألا يسأل أعضاء اللجنة التشريعية، بل ألا يسأل عامة الناس أنفسهم: لماذا ظلت الشكوى من الغلاء وارتفاع الأسعار مستمرة خلال السنوات الماضية بالرغم من كل الكوادر والزيادات التي أُقرت خلال هذه السنوات؟! الجواب سهل وواضح وهو أن كل هذه السيولة الزائدة أدت إلى زيادة التضخم ودخلت في جيب التجار لأن القاعدة الاقتصادية المعروفة تقول: أي زيادة في السيولة بدون زيادة في الإنتاج ستؤدي إلى زيادة التضخم.وهذا بالفعل ما حدث، ويكفي أن نراقب أسعار الإيجارات التي قفزت إلى أرقام خيالية لنعي هذا الواقع الذي يجهله معظم النواب وللأسف الشديد.يا سيدات ويا سادة... يا نواب ويا مواطنون، يكفي هدراً في الأموال على أمور لن تزيد الوضع إلا سوءاً... فالأولى إيجاد حلول جذرية للمشكلات التي يعانيها المواطن لا محاولة علاج قشورها بأساليب أثبتت الأيام أنها فاشلة.
مقالات
ويستمر النواب في حقن الناس بإبر النفط
03-01-2013