في زيارة استرعت اهتماماً إعلامياً واسعاً، وفي وقت دقيق وحساس وسط ظروف دولية تحسب بها الدقيقة والثانية، كانت زيارة ولي عهد أبوظبي الشيخ  محمد بن زايد إلى موسكو ولقاؤه الرئيس فلاديمير بوتين.

Ad

العنوان المعلن للزيارة توقيع اتفاقيات ثنائية تتعلق بالاستثمارات في البنى التحتية في روسيا حيث تم توقيع اتفاقيات ينظر إليها أنها الأعلى في قيمتها المالية حيث تم توقيع اتفاقات بمليارات الدولارات في هذا الشأن.

ما أتوقعه غير ذلك... نعم لا بأس من توقيع هذه الاتفاقيات وليس غريباً أيضاً بين إمارة غنية تمتلك سجلاً حافلاً بهكذا أمور وبلد كروسيا يسعى إلى جذب مثل هذه الاستثمارات. لا أظن أن العنوان الحقيقي هو الذي تم إعلانه، ففي السياسة وعالمها المترامي ليس كل ما يعرف يقال.

إذ  لا ننسى أن الشيخ محمد كان في زيارة مهمة إلى القاهره قبل أيام قليلة ولا ننسى أن الشيخ محمد اضطلع بأدوار سياسية إقليمية ودولية منذ فترة ليست بسيطة، فإذا كان في قطر سابقاً حمد بن جاسم وجولاته الدولية وإنجازاته الإقليمية وسياساته المثيرة للجدل، فنحن الآن أمام ولي عهد أبوظبي ورجل يستطيع أن يفعل ما يقوله ويتحدث قليلاً لكي يترك أفعاله هي التي تتحدث عنه، ويملك حضوراً مؤثراً في الساحتين الإقليمية والدولية.

ولعل من يتابع الشيخ محمد منذ زمن سيعرف ماذا أقصد.

إذا تمعنّا قليلاً سنجد أن روسيا حليفة أساسية لإيران، والإمارات لها خلاف معلن معها بخصوص الجزر الإماراتية التي احتلتها طهران، وسنجد أن الإمارات دعمت بقوة سياسات مصر الجديدة، وكانت الإمارات واحدة من أكثر الدول دعماً للقيادة الجديدة في مصر، وكانت روسيا تقف موقف من يبحث عن "غنيمة"! إبان ما جرى في القاهرة.

وسنجد أيضاً أن روسيا تدعم نظام بشار الأسد الدموي دعماً مباشراً علنياً وعلى الصعد كافة، والإمارات لها موقف معروف إزاء ما يحدث في سورية.

نستخلص مما يحدث في الساحة الدولية أن زيارة ولي عهد أبوظبي قطعاً ليست للتنزه في موسكو إنما لمناقشة ملفات حساسة إقليمياً ودولياً، والقيادة الروسية تعلم تماماً أن الشيخ محمد شخص موثوق به ومن الصعب أن تفوِّت فرصة وجوده في موسكو دون عقد اتفاقيات سياسية حقيقية حتى وإن لم تعلن، ففي مثل هذه اللقاءات المهمة عليك بقراءة ما بين السطور ولا تهتم كثيراً بما فوقها.

وأعتقد أن ما بين السطور سيحوي اهتمامات مشتركة بشأن إيران، ومصر، وسورية. بالأمس كانت زيارة السلطان قابوس لإيران، والأمير بندر بن سلطان لروسيا، وبعدها الشيخ محمد بن زايد لمصر، تليها زيارة الأمير سعود الفيصل لمصر، والآن نحن أمام زيارة تاريخية للشيخ محمد بن زايد لموسكو. فهل هناك ربط بين كل هذه التحركات وتلك الزيارات؟ أتمنى ذلك لأن ما يحدث من سفك للدماء في سورية مؤلم وما نراه من فوضى في مصر غير مقبول.