"ومن الحب ما قتل"، مقولة نسمعها كثيراً، ونرددها حين يتحول الحب هذا الشعور الرائع إلى شعور مرضي، وإلى رغبة في التحكم تصل إلى درجة القتل، ولربما هناك قتل أقسى من القتل الفعلي وهو القتل المعنوي.

Ad

غالبا ثقافة إظهار الحب عندنا كعرب لم تنتشر بالطريقة الصحيحة، فهوعندنا يمر عبر فلاتر حتى نستطيع التعبير عنه، فلا تجد الأهل يتبادلون مع أبنائهم عبارات الحب بشكل يومي كما هو لدى الغرب، وتجدهم دوماً يميلون إلى كلمة نحبكم بالأفعال لا الأقوال.

وهذا مصطلح مغلوط لأن الأذن تعشق أن تسمع كلمات الحب، والروح تتعطش لها، وعندما لا يجد الأبناء هذا الحب داخل الأسرة يبحثون عنه في الخارج، وبهذا مخاطرة لأن رحلة البحث عن الحب وأنت جائع له تختلف كثيراً عن رحلة البحث عن الحب وأنت متشبع منه. عندما تجوع تأكل من أقرب مطعم حتى إن كان سيئاً لسد جوع، وهكذا هو الحب عندما يصبح جوعاً أحيانا فإنه يؤخذ من شخص سيئ يجيد كيف يستغل حاجتك، وقد تمتد للعنف الجسدي أو اللفظي أو حتى يؤدي إلى القتل أحيانا.

قد يقتلك الحب حين تعلم أنك غير سعيد به، وحين تسمع عقلك يؤنبك دوماً، وحين ترى عينك ما لا ترضاه وتتصنع العمى، هنا تأكد أن هذا الحب في طريقه لقتلك، حاول أن تتملص منه، وأن توقظ عقلك، وأن تستفزّ جميع حواسك لتلفظه.

ضحايا الأمراض النفسية والمعرضون للانتحار والكآبه بسبب الحب القاتل كثر، والحب من المفترض أنه أجمل ما قد يصادفك في هذا العالم، وقد يكون هو سبيل سعادتك؛ لذا لا تعشه بطريقة قد تنهيك وتعدمك بدلاً من أن تحييك وتنعشك.

فاقد الشيء هو أكثر من يبحث عنه، لذا على الأسرة أن تبدأ بإظهار الحب، وعدم الخوف من المجاهرة به، فالحب ليس خطيئة، وإظهاره لن يفسد أبناءكم كما يعتقد البعض بل سيحميهم من تسول الحب من أقرب مجرم.

أنتم أيها الأهل مصدر الحب غير المشروط؛ لذا لا تجعلوه مشروطا ومربوطا دوما بالتحكم بما يهوى أبناؤكم من أمور، أظهروا حبكم وعاملوا رغباتهم بكثير من التفهم، وأشفقوا على قلوبهم التي قد تعاني كثيرا بسبب الجفاء، ولمن كسر القاعدة وحرص على إظهار حبه أقول: كم أنت رائع، استمر بنشر الحب؛ لأنه الشيء الوحيد الذي قد ينقذ العالم من هذه الكراهية المخيفة المنتشرة بسبب تلك القلوب التي جفتها المحبة.

قفلة:

إن كان من يحبك يرغب في تغييرك دوماً فتأكد أنه لم يحبك فعلاً حتى الآن.