كل عام والحب بخير!

نشر في 27-12-2012
آخر تحديث 27-12-2012 | 00:01
 مسفر الدوسري لماذا يبدو لنا أن الحياة بين حبيبين (أيّاً كانت الصفة التي تجمعهما معاً) لا يمكن أن تستمر بإسقاهما الشهد؟!

ولا يمكن أن تستمر الحياة بسكب ضوء النجوم في لياليهما المعتمة؟! أو أن تجعل صباحاتهما مبللة بالندى ودفء الشمس؟!

لماذا لا تستمر الأحلام بينهما مشتركة وبطعم حبات الكرز الطازج؟!

لماذا تجف غصون أيديهما بعد زمن قليل، فتصبح يابسة، وتهاب العطاء مخافة الكسر؟!

هل الحياة عاجزة عن إنتاج مثل تلك الصورة بين حبيبين؟! أم أن الحبيبين هما العاجزان؟!

لماذا تبدو مثل هذه الصورة مجرد خيال شاعر ولا صلة لها بالواقع؟!

إذا كان الواقع بائساً وتعيساً ولا أمل على الإطلاق بتجميل صورته بالحب، فما جدوى الحلم بقلب آخر؟!

ما فائدة مشاعرنا التي نحملها بين أضلعنا بانتظار شخص آخر نشاركه إياها بقية العمر؟!

ما نفع جلوسنا الطويل قرب شبابيك الحياة بانتظار يدٍ تلوّح لنا من بعيد؟!

لماذا نعتقد إذاً أن عيناً قد تنتشلنا لتخبئنا بين جفنيها من وحل الطريق، وندعو متضرعين أن تصل تلك العين قبل فوات العمر؟!

وهل ظنّنا أن هناك نصفاً آخر لكل منا في مكان ما على هذه الكرة الأرضية من فصيلة الظنون الآثمة؟! وهل بحثنا عن ذلك النصف الآخر من العبث الذي لا يقل إثماً؟!

إذا كانت الحياة في الواقع لا تمجّد الحب وتعتبره حملاً منهكاً لكتفيها، لماذا استمر الإنسان يطارد شبح الحب في أزقة الحياة منذ أن خُلق حتى هذه اللحظة وإلى أن يرث الله الأرض وما عليها؟!

لماذا لم يكتشف الإنسان ذلك منذ عهد بعيد ويكف عن مطاردة أمنية مستحيلة؟! لماذا لم يضمر الحب كبقية أعضاء الكائنات التي تضمر عند عدم استعمالها، أو عدم مواءمتها لمتطلبات الحياة من باب التكيّف؟!

أعتقد أن الحب بين اثنين قابل للاستمرار في الحياة زمناً طويلا، وأن الحياة ليست هي من يقف حجر عثرة في طريق حبهما، وما العسل الذي تمنحه لهما في بداية علاقتهما ليس إلاّ إثباتاً لحسن نواياها، ومباركة منها لذلك الحب.

وأعتقد أن العلة والعجز فينا نحن بني البشر لا في الحياة.

نحن دائماً نضع أنفسنا أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن نجنّح الواقع ليصبح شعراً، أو أن نهبط بالشعر ليكون واقعا، وهنا برأيي تكمن المهمة المستحيلة!

نحن لم نحاول قط أن "نشعرن" الواقع، نحن نظن أن الرومانسية مثلا هي عدد من الشموع، وموسيقى لا ينقطع عزفها، وشعر تسحر حلاوته!

الرومانسية ليست كذلك كما أظن، الرومانسية حياة واقعية مليئة بالحب والمشاركة الوجدانية والإنسانية، هي فنجان قهوة بين اثنين له طعم، وأغنية يسمعانها لها طعم، وهي أيضا مشكلة يواجهانها معاً لها طعم.

الرومانسية هي أن تكون الأنثى لحبيبها قلب أم وإعجاب ابنه، وأن يكون الرجل لحبيبته قلب أب وتعلّق ابن! هكذا "نشعرن" الواقع دون أن يصبح قصيدة شعر!

فأين المستحيل بذلك؟!

كل عام والحب بخير!

back to top