على الخطى المتبعة في الانتخابات الأصولية أفاق ائتلاف "دولة القانون" بطرح برنامجه السياسي للناخبين. ولما كان نوري المالكي يرأس كتلة دينية سياسية، استهل الجدول بالآية الكريمة: "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون".

Ad

ولو كنت مكان المالكي لذكرت الآية التالية: "قل كلٌّ يعملُ على شاكلتهِ".

فهي الأقرب إلى حقيقة السنوات العشر الماضية للمالكي ولبقية شخوص الاحتلال. إذ إن الآية التي سردوها هي بينة عليهم، وليست لهم. اللهم باستثناء الخديعة التي جبلوا عليها في تسخير القرآن والإسلام لخدمة مآربهم الدنيوية التي صاروا بها مطايا الاحتلالين الأميركي والإيراني.

على أي حال، يحتوي البرنامج على "مقدمة" وثلاث فقرات تخص أهداف الانتخابات: الأولى تشمل الجانب الوطني، والأخريان تضمان السياسات والخدمات. وفي المقدمة سرد ما حققه "دولة القانون" في انتخابات 2005 وكذلك 2009 من "انتصارات"، فضلاً عن الفوز الذي حققه في الانتخابات البرلمانية عام 2010 التي بموجبها تم تشكيل الحكومة الاتحادية الحالية التي "حققت الأمن والاستقرار ثم البناء والإعمار، فهي اليوم تحظى بدعم كبير من الجماهير العراقية التي عرفت بدولة القانون معنى العزة والكرامة والوفاء والإخلاص والنزاهة والبناء والإعمار".

يبدو أن المالكي و"جلاوزته" الضيقة وهم يسردون العبارات الأخيرة في برنامجهم الانتخابي يشكون إما من انفصام الشخصية، أو ينطبق عليهم قول رسول الله عليه الصلاة والسلام: "إن لم تستحِ فاصنع ما شئت".

فكأن العراق منذ الاحتلال ليست فيه هذه الأعداد الموثقة: أكثر من مليون قتيل، ونحو مليوني أرملة، وأربعة ملايين مهجر، وسبعة ملايين يتيم، وربع الشعب يعيش تحت خط الفقر، وثلثه يعاني الأمية. فضلا عن 700 ألف معتقل في سجون ومعتقلات المالكي السرية والعلنية، إضافة إلى المادة (4) الشهيرة مادة إرهاب لمطاردة الأحرار الوطنيين، ودور المخبر السري السرطاني داخل المجتمع.

هذا عن "الأمن والاستقرار"، أما عن "الإعمار" فهو ليس أكثر من سراب واهٍ، لم يقبض منه الثلاثون مليون عراقي غير الوعود الزائفة والتدليس المتواصل، إذ لا شيء تم إنجازه على أرض الواقع، فالجسور والقصور الرسمية والبنايات الحكومية والمراكز الرئيسة هي من عهود الماضي، فعن أي "إعمار" يتحدثون؟ وعن أي دعم جماهيري كبير يتبجحون؟

أما عن "النزاهة" التي تميز بها "دولة القانون"، فلا أجد لها موضعاً ولو أقل من 1 في المئة من حقيقتها، لكنني سأشير إلى السنوات ما بين 2006-2012، حيث أنفق فيها المالكي أكثر من 5 تريليونات دينار عراقي على المجاميع المرتبطة بمكتبه. على سبيل الذكر: "مديرية دمج الميليشيات" وعدد منتسبيها 130 موظفاً، رواتبهم السنوية أكثر من 193 مليار دينار عراقي، يصرف لهم بدل خطورة العمل بالدولار الأميركي بسعر صرف 1500 ديناراً للدولار الواحد، في حين أن سعر الصرف الرسمي للدولة هو 1180 دينار للدولار الواحد. والأنكى من هذا، أن الميزانية السنوية تجري بدون ختام حسابي للسنة الماضية، وعلى هذا المنوال يسير حال المال العام بدولة العراق منذ عشر سنوات... فأين هي النزاهة؟!

وللحديث بقية...